مأساة "مأسسة" التنجيم
هي بين "المأساة والمهزلة".. "مهساة أو مأزلة".. لا أستبعد أن تصبح للتنجيم كليات في الجامعات، وماجستير ودكتوراة.. فهؤلاء الذين يوصفون ويوصمون بالكذب ولو صدقوا، صاروا يتقمصون أدواراً أكاديمية لم يعرفها القدامى.. كان المُنجِّم فرداً يغرى الناس، ويغويهم بأن لديه أسرار الحجب، وعلم كشف المحجوب.. اليوم خطا خطوة عملاقة إلى الأمام.
قبيل مطلع كل عام، يستيقظ هؤلاء من بياتهم السنوي، لا الشتوي، ويذرون رماد التنجيم في العيون.. وقيل الكثير؛ إن لبعضهم ارتباطات بمراكز قرار عالمية، ذات مخططات معينة محددة.. فتصح الأقوال، وتُلقى التبعات على النجوم.. على الأدمغة الغافلة المغيبة، أن تتخيل نجماً يقع على مسافة ملايين السنين الضوئية، في إمكانه التأثير في مصير آدمي يعيش على هذا الكوكب المتواضع.
خطوة عملاقة، فإحدى المنجمات في فرنسا، تدعو، من موقعها على الشبكة العنكبوتية، المغفلين في الأرض، إلى الاستفسار عن مصيرهم في العام الجديد، مقابل ثلث يورو في الدقيقة، موضحة أنها وفريقها في خدمتهم.
عجباً، بات للتنجيم فريق.. لم يعد “عبقرية” فردية.. أضحى مؤسسة لها منهجية علمية.. يدرسها الطلاب في سنوات أو دورات مكثفة، وتختار منهم المؤسسة المتفوقين في الدجل والافتراء.. وكما في كل المؤسسات نجد النوابغ والموظفين العاديين، ولكن الفريق يعمل جماعياً ويؤدي وظائفه على نحو متكامل، والسمعة والصيت في النهاية للمؤسسة.
فيما مضى.. كانت النجوم هي التي تعلم المنجم، بأن فلاناً الفلاني، سترسل إليه خالته رسالة فيها خبر يغير حياته .. اليوم صار فريق الزور والبهتان يملك الحسابات والمعطيات التي ستجعل النجوم تتصرف على ذلك النحو!!.
بالأمس كان التنجيم موهبة ملهمة لها اتصال خارق بالنجوم.. اليوم أصبح الأمر معادلات دقيقة تؤدي إلى نتيجة محددة عن طريق عمل فريق متخصص، على رأي الإنجليز " تيم وورك".. وعند فشل التوقعات يذهب الفريق كبش فداء.. ويغدو المصدق، لا سمح الله، تيس فداء.
لزوم ما يلزم: على جائزة نوبل أن تضيف جائزة التنجيم.. يقيناً، ستكون أشرف من نوبل للسلام "لكيسنجر وبيغن وبيريز".
نقلاً عن الخليج الإماراتية..