«ظهور المهدي المنتظر» المحور الرئيسي لـ «نقطة نظام»
ظهور المهدي المنتظر هو محور رواية «نقطة نظام» الصادرة مؤخرا للكاتب المصري صبحي موسى عن «الدار المصرية اللبنانية»، والتي تنتهي أحداثها بقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث يتوصل أبناء القرية التي شهدت الأحداث الأسطورية على مدار خمسين عامًا، إلى الطرق التي يحمون بها قريتهم من سطوة الجن وطغيان المردة.
مزج الكاتب في هذه الرواية بين الوقائعية والغرائبية، مقدما تصورا جديدا للأسباب التي أدت في نهاية الأمر إلى قيام الثورة، حيث اختل توازن النظام في البلاد، ولم يعد أقطاب الليل والنهار الموكول بهم حراسة أمنها قادرين على القيام بمهامهم، مما أدى إلى توالي نبوءات ظهور المهدي.
وسعى السحرة والمشعوذون إلى أن يكون في صفهم، فوضعوا سبع خطوات تنتهي بظهوره وفقا لرؤيتهم واحتياجهم إلى قوته، بينما سعى المتصوفة إلى مجابهة مخططاتهم ونفوذهم المتعاظم، وفي النهاية وقعت الواقعة التي حذر منها الجميع، واختفى ثلث قرية المؤلف الذي تورط في الحكاية وأصبح جزءا منها.
في هذه الرواية نتعرف من على مقدمات انهيار نظام مبارك، وزوال ملكه، فقد سقطت البلاد تحت وطأة الهيمنة الأمنية، وتعاظم حزب الفساد بتحالفاته المختلفة في البلاد، ما أدى إلى اختلال التوازن الاجتماعي والسياسي والثقافي، والبحث عن دولة جديدة يقوم فيها ميزان العدل والمساواة.
وليس هناك أفضل من المهدي المنتظر الذي وضعت كل فئة تصوراتها لظهوره، وعملت على أن يأتي وفقا لمصالحها وأهوائها، وهو ما أدى إلى الأحداث الغرائبية التي رصدها النص في تلك القرية التي وصفها المؤلف بأنها مجهولة ولا أحد يعرفها على الخريطة، إلا أن ما جرى بها من أحداث كان مؤثرا على العاصمة التي اهتزت بمسئوليها الكبار والصغار في آن واحد، ليس لأن اختفاء جانب من القرية التي لا يعرفها أحد بما فيه من منازل وسكان وحيوان وزروع يشغلهم في شيء، ولكن خوفا من أن يتكرر مثل هذا الحادث في شارع كالقصر العيني أو غيره فيختفي بما فيه من وزارات ومؤسسات.
اعتمد الكاتب في روايته هذه على حيلة فنية تجعل القارئ مشاركا في الحدث وليس مجرد متلق، فهو يوحي إلينا في البداية أنه صحفي يحلم بكتابة أول رواية له، وبعد تجارب طويلة يتمكن من كتابة صفحتين عن مجذوب في تلك القرية المجهولة، فينال ما كتبه إعجاب كل من زوجته وأصدقائه اليساريين، هؤلاء الذين يصورون له أن روايته ستصبح أفضل من أعمال ساراماجو وماركيز.
فيقرر أن يذهب إلى تلك القرية التي لا يعرفها أحد كي يرى بنفسه مسرح أحداث روايته القادمة، لكن في الوقت الذي يحتضنه ويسلم عليه والده العجوز يقع الانفجار العظيم، ويجد الصحفي القادم من القاهرة جزءا من الأحداث، حين يرسل إلى جريدته خبرا عن الانفجار الذي أدى إلى اختفاء ثلث القرية بمن فيه، ومع تطور الأحداث وتعقد خيوط الدراما نجد أنفسنا بمعاونة من أقطاب الليل والنهار من المتصوفة أمام المهدي المنتظر.
يذكر أن صبحي موسى شاعر وروائي صدرت له خمس مجموعات شعرية هي «يرفرف بجانبها وحده، قصائد الغرفة المغلقة، هانيبال، لهذا ارحل، في وداع المحبة»، كما صدرت له خمس روايات من قبل هي «صمت الكهنة، حمامة بيضاء، المؤلف، أساطير رجل الثلاثاء، الموريسكي الأخير».