أصول التفوير للمتحدّث الخطير.. مهدى عاكف
ليس من بين مزاياه أنه رجل دين جليل، أو أنه شيخ مهاب الجانب، أو أن سيادته من أصحاب النِّعم على مصر والمصريين، أو أن فضيلته واحد من جنود مصر البواسل، أو أن له تاريخ نضالى من أجل الوطن، أو أن تاريخه الوظيفى يشع نورًا وأملًا، أو أنه مثل يحتذى للأجيال الحالية، وليس من بين مزاياه أيضًا أنه صاحب فضل على أحد غير أعضاء جماعته.
وتكمن مزية محمد مهدى عاكف فى أنه رجل "دوغرى"، لا يحب اللف ولا الدوران، واللف والدوران فى تاريخ جماعته واحد من الأصول الثابتة، وقد لا يُكتمل إيمان الفرد دونه، وقد يصبح ذا نقيصة كل مَن لا يمارس اللف والدوران ليل نهار، على خلق الله وعباده بمن فيهم المخلصون.
ومن جلائل أعمال سيادته أنه صاحب "طظ" الشهيرة، وهو ذاته من أكملها فى حوارات تالية مع شخصيات أخرى غير عابئ بما جلبته على سيادته "طظ" الأولى، مُصرًّا على أن يكون صاحب ومخرج ومؤلف وبطل سلسلة "طظ" التى طالت حلقاتها لتهزم حلقات مهند بالضربة القاضية.
وهو القائل قبل عام وعدة أيام إن ترشيح الإخوان لمرشح رئاسى سيجلب على البلاد البلاوى والمصائب والكوارث، بدعوى أن العالم كله يحارب الجماعة قبل أن يعلم سيادته صلة النسب بين جماعته وجماعة باراك حسين أوباما وشهود العقد من أبناء عمومتنا الذين دعاهم البلبوص للعودة إلى ديارهم فى مصر.
انقضت أيام قليلة ودخلت الجماعة معترك الرئاسة، ومضى الأمر كما تعلمون إلى أن جاء الأخ محمد مهدى عاكف ليدلى بحوار لجريدة الجريدة الكويتية، فجّر فيه عدة قنابل من ذلك النوع الإخوانى المستتر، ولكنه مع مهدى عاكف يعد تفجيرًا سابق التجهيز والإعلان عنه يشبه مفاجآت كوريا الشمالية للعالم أجمع.
قال، لا فض فوه، إن جماعته "هَتْفَوَّر"، من الفوران، ٣٥٠٠ قاضٍ فور فوزها بأغلبية فى البرلمان القادم، واتهم القضاة والقضاء بالفساد، وقال عنهم ما خجل مالك أن يقوله فى الخمر، وقال إن باسم يوسف يتطاول على أسياده، وذلك انطلاقًا من أن باسم مواطن من العوام، ومرسى من خواص الناس، وأن الخلافة آتية لا ريب فيها، وستقسّم الناس إلى فئات حتى لا يتساوى ابن البيه مرسى وابن الغفير يوسف، أبو باسم يعنى.
ومن بين ما أتحفنا به فضيلته أن الأخونة قادمة أيضًا ولا ريب فيها، مثل يوم القيامة كده، وأن مشروع النهضة لن يتم قبل الأخونة، وذلك لأن الأخونة واحدة من أهم زيوت التليين الخاصة بموتور النهضة الإلكترونى.
المهم أن عاكف قال، واللطم بدأ هنا وهناك، والمهم أيضًا أن عاكف كذب والعياذ بالله، وقال إنه لم يدل بحوار للصحيفة التى افترت عليه كذبًا مثل الإعلام المضلّل، ثم أذاعت الصحيفة الحوار على اليوتيوب بصوته، و"كش" الرجل ووصل طوله إلى الربع أو الثلث، بعد أن سمع العامة من العبيد والخاصة من الأسياد صوت الرجل بشحمه وعظمه، بعد أن فقد لحمه، وهو يتحدّث للصحيفة الكويتية.
المهم، كما تردّد، أن بعض العامة أو عددًا كبيرًا من طبقة العبيد أمثالى وصفوا مهدى بأنه رجل مسن ومريض ويبدو أن تصلّب الشرايين يجعله يقول أشياءً ثم ينساها، وقال فريق آخر من طبقة العبيد أيضًا إن الرجل من ذلك النوع الذى ينفتح بالكلام ثم لا يقوى على السكوت، وعادة ما يسكت بعد أن تنفجر الدنيا من حوله، ووصف فريق ثالث ما قاله مهدى ببالونة الاختبار التى تطلقها الجماعة بين حين وآخر، مثل بالونة عودة اليهود، وبالونة إعادة حلايب وشلاتين إلى السودان، وغيرهما من البالونات التى تنفجر عَمَّال على بَطَّال.
وكلمة "يِفَوَّر"، التى أطلقها المرشد السابق لا تحمل المعنى الذى يقصده فضيلته، فالمعنى اللغوى يغاير ما يقصده الرجل، فإذا قلنا "فار المسك" فإننا نعنى أن رائحته انتشرت، وإذا قلنا فار الماء أى زاد وطفح بعد الغليان، ويقول المولى عز وجل "إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقًا وهى تفور"، والفوران هنا صوت وصورة أما معنى "التفوير" التى قصدها السيد مهدى عاكف فإن لها معنى تسأل عنه الجماعة.
ويُقال إن "تفوير القضاة" يختلف عن "تفوير الإعلام" فى معجم الجماعة، إذ يُقال إن "تفوير القضاة" معناه نسفهم من الوجود بمشروع قانون يلغى ٣٥٠٠ قاضٍ دفعة واحدة، وبالطبع كل ذلك يتم بقيادة قائد قضاة من أجل مصر -مصر الإخوانية- اللواء أركان حرب أحمد مكى، أما التفوير فى الإعلام، فإن المعنى أخف حدة، فقد يقصد بها مثلًا "شوية" قوانين ضد الحريات أو بضع مواد لحبس باسم يوسف بالاسم، فإذا ما تطوّر الأمر فإنه لا يعدو أن يكون مجرد قانون لا راح ولا جِه، يحبس به الصحفيون وذويهم حتى تقوم لدولتهم قائمة وساعتها يصلبون ويقطعون من خلاف.
الأهم من ذلك أن أفضل ما فى السيد مهدى عاكف أن الرجل لا يؤمن بما تومن به عصابته من لف ودوران، إضافة إلى عجلة من أمره خشية أن يطوله قدر العمر فلا يرى ما كان يحلم به من وطن لا يعيش فيه إلا هو وبديع وكام واحد ممن لم يختلفوا معهم بعد، فتظهر شوارع المحروسة فارغة إلا من بعض ماعز وقليل من خراف.
والطريف أن السادة العبيد من أمثالى ممن لاعلاقة لهم بجماعتهم تركوا الأمر الأصلى وأمسكوا فى "الطراطيف"، أى كما يقولون إننا تركنا الحمار وأمسكنا فى البردعة، فالأصل هو أن عملية "التفوير" التى قصدها مرشدهم السابق قد بدأت منذ تولّى محمد مرسى مقاليد الأمور وقطار الأخونة يمضى رغم إضراب سائقى القطار، وقد تجاهل الجميع أن عمليات التفوير بدأت بمعركة شرسة ضد استقلال القضاء وأخرى طالت الإعلام وإغلاق القنوات وتأديب الصحفيين وثالثة تدور رحاها فى الإدارة المحلية.
وعندما يقول الصادق بن الصادق مهدى بن عاكف، إن التفوير قادم فلا تسألوا عن الأصول العامة للتفوير، فالقضية هنا ليست ذبحًا على الشريعة الإسلامية، لأن التفوير هو الإقصاء والإبعاد والتهميش ضد المسلمين والأقباط والملاحدة، لن يبقى إلا مَن هم على دين الإخوان، ودينهم كما تعلمون يؤمن بحق ولى الأمر فى التفوير، ولن نستطيع مواجهتهم إلا بـ"التغوير"، والتغوير هنا بمعنى أن يغوروا من المشهد كله، وبأى طريقة.