وسوف نظل فقراء!!
الدولة أنفقت أموالًا ضخمة على البنية الأساسية وليس لديها خطة شاملة للتنمية وتحقيق انطلاقة اقتصادية حقيقية يشعر بها المواطن، فالدولة أنشئت الطرق وتركتها للماعز والأغنام تسير عليها وللعرب أو البدو، يستولون على الأراضي جانبيها، فمثلًا الطريق الساحلي الدولي الذي يمتد من الإسكندرية حتى بورسعيد مرورًا بالبحيرة وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط بطول 1000 كيلو، تكلفته الحالية بالأراضي المقام عليه تتجاوز 300 مليار جنيه وحينما تسير عليه ولا تشاهد سوى البرك والمستنقعات والرمال الصفراء فتصاب بالحزن والأسى على حالنا الذي لا يسر عدوًا ولا حبيبًا..
فكيف تمتلك مصر هذه الثروات ويعاني شعبها من الفقر والجهل والمرض ونار الأسعار والتسول، وشبابها يلقى الذل والمهانة بحثًا عن فرصة عمل في الخليج أو الموت غرقًا في البحر وهم مهاجرون لأوروبا..
المشكلة ليست في الشعب لكن في الحكومة، دولة 95% منها أرض صحراء فضاء ولديها أزمة إسكان وسعر متر الأرض بعشرات الآلاف؟!
نحن فقراء في التفكير والإدارة وسوف نظل فقراء اقتصاديًا طالما ظلت هذه العقول تحكمنا، على الطريق الساحلي الدولي أكثر من 100 ألف فدان لن تجد سوى 50 فدانًا فقط، هى التي تحولت من صحراء جرداء إلى جنة خضراء، ومن مقلب للقمامة والمجاري إلى جامعة تكنولوجية ومفخرة علمية يتعلم فيها 11 ألف طالب، ويعمل فيها 2000 عاطل وتعالج مواطني المنطقة بالمجان..
المسئولون لم يشغلهم إطلاقًا ال 1000 كيلو صحراء بل الـ 50 فدانًا العمار والكل يريد هدمها بحجة الحفاظ على أملاك الدولة وحقوق الأجيال القادمة، وهى شعارات باطلة يستخدمها الفاسدون من أجل تدمير الاستثمار ووقف حال البلد وكأنه ليس من حق الأجيال القادمة وراثة الأرض وإعمارها؟! أو لم يكن لهم حقوق في الأراضي الزراعية التي تحولت إلى كتل خرسانية تحت سمع وبصر وتواطئ المسئولين في الدقهلية، الذين تعاملوا مع أصحاب مشروع جامعة الدلتا من بدايته وحتى اليوم وكأنهم يجب التخلص منهم؟!
نحن دولة ليست لديها مشكلة في الأرض فـ95% منها ما زالت خالية ومنذ 7 آلاف سنة ونحن نعيش على شريط ضيق متكدسين فيه مثل علبة السردين، سوف نفترض أن أصحاب المشروع استولوا على الأرض وسرقوها في جنح الظلام، ثم أقاموا عليها هذا المشروع المبهر، فإنهم يستحقون الدعم والمساندة ومن يحاول هدمهم يستحق العقاب لأنه خائن للمصلحة الوطنية..
غيرهم حول الأراضي الزراعية إلى منتجعات سياحية وسكينة وباعوها بالمليارات وأودعوها في بنوك أوروبا، الفساد ليس فقط في تقاضي الرشوة نظير القيام بأعمال غير مشروعة بل في تدمير الاستثمار وترك الأراضي الصحراوية بورًا وعدم استغلال موارد الدولة لرفاهية الأجيال الحالية والقادمة..
في مدينة جمصة 8 آلاف فدان أرض صحراء لم يشعر المسئولون في الدقهلية بأي خجل، وهو يسعون إلى هدم العمار بدلًا من تعمير الخراب، ويقولون أن أرض الدلتا قيمتها 2 مليار جنيه، بل من وجهة نظري هى تساوي 20 مليارًا بمبانيها وطلابها وعمالها وقيمتها العلمية والأدبية بعد أن كانت لا تساوي مليمًا واحدًا مثل الخراب الذي يحيطها..
وإذا كانت قيمتها 2 مليار فهذه شهادة إدانة من المسئولين على أنفسهم، لأن تحت أيديهم 8 آلاف فدان وبإسعار كهذه يستطيعون إنهاء كل أزمات مصر الاقتصادية، سوف نظل فقراء إذا ظلت مثل هذه العقول تحكمنا، فالمستثمرون في الأقاليم يتعرضون للحقد والحسد والكراهية، ويجازفون بأموالهم ولذلك بدءوا في الهروب إلى العاصمة حيث الكل يسعى للنجاح، ولا يشغل باله بالآخرين أو الاستثمار في الخارج حيث تحمله الدول على الأكتاف والرؤس وسوف تظل الأقاليم طاردة للسكان بسبب نقص الخدمات والمشروعات..
وفي مؤتمر الشباب الأخير أحد الشباب طلب من الرئيس السيسي إنشاء جامعة خاصة في أسوان، لأنهم يضطرون للتعليم في القاهرة وفي ذلك معاناة مادية وأسرية كبيرة، ولكن من يجازف بأمواله ويصطدم بالعقول الفاسدة وإنشاء جامعات خاصة في الأقاليم بعد تجربة جامعة الدلتا المريرة..
اللهم احفظ مصر وارزقها بالمسئولين الأكفاء الذين يحسنون استغلال مواردها لتحسين أحوال الأجيال الحالية والتعمير للأجيال القادمة.
egypt1967@yahoo.com