رئيس التحرير
عصام كامل

السداد الضريبي «طوق النجاة للمتهربين من دفع الضرائب».. الحكومة ترفع شعار «المال مقابل التصالح».. وخبراء اقتصاد: الدولة تسعى لزيادة الموارد على حساب مكافحة الفساد

علاء رزق، الخبير
علاء رزق، الخبير الاقتصادي

"التصالح مع المتهربين من دفع الضرائب"، نقطة سوداء في تاريخ الاقتصاد المصري، لأنها تعتبر المجرم بريء بمجرد سداد مبلغ مالي يتم الاتفاق عليه دون وضع خطط وقواعد لإدارتها، والسعي لاستخدام أي وسيلة للتحصيل الضريبي، حتى وإن كانت مكمنا أساسيا للفساد.


وافقت الحكومة على التصالح مع الدكتورة مؤمنة كامل، مالكة أحد معامل التحاليل الشهيرة، و2 آخرين، في قضية اتهامها بالتهرب الضريبي من تسديد مبالغ مالية مستحقة للدولة، بعد سداد 120 مليون جنيه، بناءً على حكم محكمة جنح مستأنف التهرب الضريبي، المنعقدة بالتجمع الخامس.

العجز الضريبي
قال علاء رزق، الخبير الاقتصادي: "إن ما يتم تحصيله من الضرائب يبلغ 13% من الناتج المحلي، والمطلوب 25% أي بمعدل عجز 250 مليار جنيه تهريب ضريبى، مشيرا إلى أن هذا المبلغ كفيل لمعالجة خلل الموازنة، بما ينعكس على انخفاض الأسعار وزيادة الاستثمارات وتوفير فرص عمل للشباب، مؤكدا على أن التهرب الضريبي أدي إلى 63 مرضا اجتماعيا في مصر، فهل بعد ذلك يمكن التصالح مع المتهربين ضريبيا.

وطالب «رزق» بتجريم المتهربين واعتبار قضية التهرب الضريبي مخلة بالشرف، كما يحدث في كافة دول العالم، موضحا أن القانون لابد أن يكون حازما، يجرم ويحبس المتهرب بحيث يعاقب بالدفع والحبس، وليس التصالح بمجرد الحبس فقط، لافتا إلى أن قضايا الفساد مرتبطة بشكل كبير بالتهرب الضريبي، مضيفا أن هدف القانون أن يكون رادعا، وبجواز التصالح وعدم الحبس تم تفريغ القانون من محتواه.

معاقبة المخالف
ومن جانبه، قال "رشاد عبده" الخبير الاقتصادي، إن أي دولة بها نظم وقواعد، والمخالفين فيها يتم معاقبتهم، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي الذي تعمل من خلال وزارة المالية جمع إيرادات، في الوقت الذي لابد أن تحترم فيه المبادئ والقيم والقواعد الأساسية لمحاربة الفساد.

وتابع الخبير الاقتصادي، إنه رغم أن لاعبة التنس «شتيفي جراف» واجهة مشرفة لبلدها وجمعت أموالها من خارج دولتها تم محاكمتها في قضايا التهرب الضريبي التي اتهمت فيها، وحبس المحاسب الخاص بها وهو والدها، وكذلك ما حدث مع ميسي حال نشوب شبوهات حول تهربه الضريبي، هكذا يتعمل الغرب مع قضية التهرب الوظيفي أما في مصر فالهدف الأساسي جمع إيرادات بغض النظر عن كيفية تحقيق ذلك.

مؤشر الشفافية
وأشار «عبده» إلى أن تراجع مصر على مؤشر الشفافية العالمي من رقم 88 إلى رقم 218، نابع من قرار مثل هذا، يفتح الباب أمام زيادة معدلات الفساد، خاصة أنه يدفع الآخرين على السير على نفس النهج بالتهرب الضريبي، وحين ينكشف الأمر يتم التصالح من خلال مبلغ ضئيل من الأموال، أقل بكثير من المبلغ المطلوب، إلى جانب أن المبلغ المطلوب حقق عائدات أكبر بعد وضعه في البنوك.

واختتم قائلا: هناك عدة طرق تساعد على زيادة الإيرادات، بتحسين الاستثمار وتقليل معدلات الفساد، والتخلص من الروتين الاقتصادي، فذلك الطريق الأمثل لزيادة الإيرادات.

وفي نفس السياق، قال "وائل النحاس" الخبير الاقتصادي: يوجد فرق بين المتهرب ضريبيا والمتهرب بالفساد، موضحا أن المتهرب ضريبيا يكون بناءً على خلاف محاسبي، بين مسئولي الضرائب ورجل الأعمال على رقم حسابي معين، وبدلا من انتظار إجراءات التقاضي، يتم التصالح والمرور من تلك المرحلة، لفتح ملف جديد بين الدولة ورجل الأعمال، قائم على علاقة ضريبية جيدة، فهي خطوة جيدة، ولكن لابد من تطبيق معيار المساواة في الحل مع كافة رجال الأعمال، أما المتهرب بالفساد والتصالح معه بدفع مبلغ من المال، فهو أمر يعاني من غياب معيار الموضوعية بين الجميع.
الجريدة الرسمية