رئيس التحرير
عصام كامل

لمواجهة الجشع وغيره.. صحوة لاسترداد القطاع العام!


دعوة على شبكات التواصل الاجتماعي لاسترداد الشعب لأملاكه من شركات القطاع العام لاقت تأييدا كبيرا ومدهشا وغير متوقع أبرزت حنين المصريين لاستعادة ممتلكاتهم التي بيعت في الخصخصة بأبخس الأثمان وشابها فساد لا مثيل له.. ورغم التأييد الجارف إلا أنه بدت تساؤلات وتخوفات من البعض كانت كالتالي: كيف سنسترجع القطاع العام وهو فاشل ويخسر؟ وكانت الإجابة أنه ورغم مشكلاته فقد تم إفشاله خصيصا لتسويق فكرة التخلص منه وبيعه.. لأن السؤال المنطقي لماذا سيشتري رجال الأعمال شركات خاسرة؟!! وبالتالي فالأزمة في الإدارة وليست في شكل الملكية!


سؤال آخر مفاده كيف سنعيده وقد فشل في بلاده؟ وطبعا يقصدون الاتحاد السوفيتي ومن يسأل هذا السؤال لا ينظر إلى الصين التي هي نموذج النجاح الأول في العالم اليوم وقبلة تطلعات كل من يريد التقدم وبها قطاع عام عملاق كما لا توجد دولة في العالم تقدمت بغير قاعدة كبيرة تمتلكها الدولة لأن هناك صناعات استراتيجية مهمة لا تربح ولن يدخلها القطاع الخاص مثل الحديد والصلب والألومنيوم والمراجل والأسمدة وغيرها!

وسؤال آخر عن أن نظام السوق الحر أثبت نجاحه في مصر فكيف نطالب بالعودة للوراء؟ ورغم أن الدعوة لا تعني أبدا أنها ضد القطاع الخاص وإنما الرغبة في امتلاك الشعب أو الدولة لأدوات إنتاج أيضا إلا أن هؤلاء يتناسون أن النظام المبني على دور كبير للدولة أو الاشتراكي استمر في مصر من عام 1961 إلى الانفتاح عام 1974 أي 13 عاما بالتمام والكمال ثم تراجعت الدولة عن دعم القطاع العام أو تطويره مما أدى إلى مزيد من الترهل أو الفساد بداخله وأصبحت المنافسة وبالقوانين والتشريعات تميل للقطاع الخاص ومع ذلك تبيع الدولة في هذه الشركات لـ 30 عاما ولم تنته في حين فشل القطاع الخاص بعد 43 عاما كاملة في الانطلاق بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة!

سؤال آخر عن ضرورة عودة القاع العام ولكن بفكر القطاع الخاص وهؤلاء ربما يقصدون مبدأ الثواب والعقاب ولا يقصدون تغيير فلسفة القطاع العام التي في بعض أنشطتها لا تقاس بمعايير القطاع الخاص.. كيف ذلك؟ نقول: لو أن شركة تقدم للأطفال حليبا يبني صحتهم كما كانت تفعل مصر للألبان وكانت إمبراطورية كبيرة تمت تصفيتها وتخريبها.. لو أنها تقدم سلعة استراتيجية ثم تفتح أبواب الرزق لعشرات الآلاف من الأسر ثم تسدد الضرائب أولا بأول ثم تأتي في نهاية العام لا رابحة ولا خاسرة إنما ضمنيا كل ما سبق تعتبر أرباحا.. وفرت سلعة مهمة وقدمت للضرائب أموال ووفرت العمل والرزق لآلاف الأسر والقطاع الخاص لا يعنيه إلا الربح المباشر فقط!

سؤال: هل الدولة صادقة لاسترداد القطاع العام؟ ورغم أن السؤال يعكس فشلا ذريعا للإعلام إلا أن الإجابة في يقيننا هي نعم.. فالدولة ضخت أموالا لتطوير قها وأعادت شركات سيماف للقطارات ونيازا للمصابيح وحلوان للصناعات الهندسية وأسوان لتصنيع الأسماك وتوسعت في شركات النصر للكيماويات وأنجزت مجمع كيماويات الإسكندرية وترسانة الإسكندرية وتبحث عن أموال لتسديد مبلغ التحكيم لاسترداد المراجل البخارية والبقية تأتي..

ويستمر الحوار وتكبر الدعوة وسيدعمها شخصيات عامة وسيتطوع لها محامون وطنيون لكن أهم ما في ذلك كله وعي الناس ورغبتهم الجارفة لاسترداد أموالهم وتشجيع المنتج المصري رغم كل الحملات لتشويه القطاع العام والتي استمرت ما يقرب من أربعين عاما كاملة وهو ما يعني أن دعمهم حبا لوطنهم وليس فقط انتقاما من جشع بعض التجار!
الجريدة الرسمية