رئيس التحرير
عصام كامل

صفقة «الإخوان» وعمدة نيويورك.. الإرهابية تتخلى عن «شارة رابعة» بأوامر أمريكية.. وأصوات الجاليات الإسلامية مقابل التوسط لدى الكونجرس لمنع إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب

السيناتور الأمريكي،
السيناتور الأمريكي، تيد كروز

«لقد حان الوقت لتسمية العدو باسمه».. جملة قالها السيناتور الأمريكي، تيد كروز، بداية العام الجاري، حين أعاد إحياء مشروع قانون كان تقدم به مع زميله السيناتور «ماريو دياز بلارت»، للكونجرس لإدراج جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية مثلها مثل «داعش والقاعدة»، وهو المشروع الذي انفردت «فيتو» بنشره كاملا فور تقديمه لأول مرة في 3 نوفمبر 2015، وقال «ماريو» حينها، في تصريحات خاصة لنا إنه حان الوقت للكونجرس والدولة، أن تعترف بأن الإخوان جماعة إرهابية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة أدرجت رسميًا أعضاء من الجماعة، وكذلك حركة حماس، وجماعة أنصار الشريعة كجماعات إرهابية، وهى فروع من الإخوان، ورغم ذلك لم يتم إدراج التنظيم ككل كمنظمة إرهابية.


وبالرغم من قوة حجة مشروع القانون آنذاك تم حفظه في أدراج الكونجرس بفضل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان نظامه داعما للجماعة، ولكن بعد اعتلاء دونالد ترامب المعادى لتيارات الإسلام السياسي عرش البيت الأبيض انقلبت الموازين، وأعاد النائبان طرح المشروع مرة أخرى، وأصبح التنظيم قاب قوسين أو أدنى من خسائر معنوية ومادية فادحة حال إقرار القانون.

ولأن الجماعة تعلم جيدا خطورة أن تصنفها واشنطن كمنظمة إرهابية، وما يمكن أن يترتب على ذلك من أضرار، تشمل بحسب الخبراء، ملاحقة قادة التنظيم الدولى في مختلف بلدان العالم، كذلك التضييق المالى وإمكانية مصادرة الأصول الخاصة بالجماعة، وتجميد أرصدة الهيئات والأفراد الذين لهم علاقة بها، تحرك أعضاء التنظيم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وراحوا يعقدون الصفقات يمينا ويسارا ويتخلون عن مبادئ طالما تغنوا بها، لعل أهمها «إشارة رابعة».

وكشفت مصادر عليمة ببواطن أمور التنظيم بالولايات المتحدة، عن صفقة أبرمها أعضاء الجماعة مع عمدة نيويورك الحالى بيل دى بلازيو، تتضمن تفاصيل الصفقة أن يضمن العمدة أصوات أبناء الجالية الإسلامية في انتخابات عمودية نيويورك التي تجرى الشهر الجاري، مقابل ذلك يتصل بأعضاء الكونجرس ويحاول أن يقنعهم بخطورة إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية.

وكشفت المصادر عن لقاء عقد بين العمدة “دى بلازيو” وأعضاء الإخوان في الثامن من يناير الماضى بحضور أعضاء من التنظيم الدولى من تركيا ودول إسلامية أخرى، وتخلى في هذا اللقاء –بحسب المصادر- أعضاء الجماعة عن رفع إشارة رابعة التي طالما رفعوها في كل حدب وصوب حتى في الكونجرس الأمريكى حين زاره المدعو وليد شرابى وعدد من أعضاء الجماعة، وبحسب المصادر ذاتها أخذت الجماعة تعليمات صريحة من دى بلازيو بعدم رفع شارة رابعة في اللقاء، وهو ما انصاع له أفراد التنظيم.

وبحسب المصادر ترجع أسباب أوامر العمدة للإخوان بعدم رفع إشارة رابعة خلال اللقاء، إلى رغبته في ألا يتورط في دعم جماعة بصدد أن يدرجها الكونجرس كإرهابية، وأن يظهر اللقاء وكأنه لقاء مع أبناء الجاليات الإسلامية دون الإشارة من قريب أو بعيد لجماعة الإخوان، وهو ما رضخ له أفراد التنظيم الذين حضروا اللقاء، وحرصوا على التقاط الصور التذكارية مع العمدة، دون رفع إشارتهم المحببة، كسلسلة من حلقات تخلى الجماعة عن مبادئها لتحقيق مكاسب، وذلك على غرار ما فعله الأمين العام للتنظيم الدولى للجماعة، إبراهيم منير، في يوليو 2016، حين تخلى عن مبادئ الدين الإسلامى خلال لقائه ممثلى مجلس العموم البريطانى لكسب ودهم، حين قال إن الإسلام يمنح الحق في الإلحاد دون أي معوقات، على حد تعبيره.

ولم تقتصر تحركات الجماعة للحول دون تصنيفهم كمنظمة إرهابية على تلك الصفقة فحسب، بل نجحوا في استصدار بيان من منظمة “هيومن رايتس ووتش” يحذر واشنطن من خطورة اتخاذ هذه الخطوة، وقالت المنظمة في بيان التحذير إن مساعى الإدارة الأمريكية الجديدة لإدراج جماعة الإخوان ضمن قائمة الجماعات الإرهابية سيؤدى إلى مساواتها “خطأ” بجماعات متطرفة وعنيفة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وراحت لورا بيتر، مستشارة الأمن القومى الأمريكي، في المنظمة، تجمل وجه التنظيم متذرعة بحقوق الإنسان، وقالت إن تطبيق القرار سيقوض ممارسة الحقوق السياسية لأعضاء الجماعة في الخارج، مضيفة في بيان أنه إذا درجت الحكومة الأمريكية الجماعة كمنظمة إرهابية سيتعرض أعضاؤها، وأى شخص أو جهة يُشتبه في تقديمهم لدعم لها في الولايات المتحدة أو خارجها لخطر الإبعاد من الولايات المتحدة كما سيكون هؤلاء أيضًا عرضة للاستهداف والملاحقة بالخارج.

وردًا على تحركات الجماعة، تحدث دبلوماسى عربى، لـ«فيتو» شريطة عدم ذكر اسمه وفقًا للبروتوكول الدبلوماسى، أن هذه التحركات لن تُثنى الإدارة الأمريكية الجديدة عن إدراج الإخوان كمنظمة إرهابية، وذلك يرجع لعدم حاجة النظام الأمريكى للجماعة في الوقت الراهن، فضلا عن أن قطاعًا كبيرًا في المجتمع الأمريكى يؤيد سياسات ترامب تجاه الإسلاميين، لذلك سيجد القرار صدى جيدًا في الشارع الأمريكي، فضلا عن ترحيب بلدان لها ثقلها في الشرق الأوسط بالقرار، مثل مصر والإمارات والسعودية، الذين سبقوا الولايات المتحدة في تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، حسب قوله.

وعن أهمية الولايات المتحدة كقاعدة إستراتيجية للجماعة، كشفت مذكرة سرية –حصلت “فيتو” عليها- كان أرسلها عضو بجماعة الإخوان بأمريكا إلى الدكتور محمد حامد أبو النصر، المرشد العام لجماعة الإخوان بمصر في عام 1991، عن خطة بعيدة المدى لتوطين الجماعة بالولايات المتحدة، وحوت المذكرة قائمة بأسماء المؤسسات الأمريكية التابعة والصديقة للإخوان، وعددها 29 مؤسسة أمريكية، وطالبت المذكرة أن تعمل كل هذه المنظمات من أجل هدف واحد، وما زالت جميعها تعمل حتى الآن، وأشهرها منظمة “المجتمع الإسلامى” في أمريكا الشمالية، ومنظمة “الطلاب المسلمون” و”مركز التدريس الإسلامى” و”صندوق الأراضى المحتلة” و”منظمة الشباب المسلم العربى” و”منظمة الشكر العالمية”.

وبحسب الناشطة المعادية للإسلام السياسي، وصاحبة كتاب “أوقفوا أسلمة أمريكا” باميلا جيلر، فإن كل هذه المنظمات تعمل حتى الآن كاشفة عن إن هذه المنظمات تأخذ دعمًا ماليًّا كبيرًا من الولايات المتحدة الأمريكية، ويستفيد من هذا الدعم جماعة الإخوان في تنفيذ مخططاتها في أمريكا وغيرها من دول العالم، وإدراج الجماعة كإرهابية سيوقف كل هذه الروافد المالية التي تصب في خزائن التنظيم.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية