رئيس التحرير
عصام كامل

بيونسي ضحية أوباما.. وترامب نجم الجوائز


ظلمت "أيقونة" الغناء السوداء بيونسي في حفل جوائز "جرامي"، فلم يشك أحد في تتويجها بأهم الجوائز الموسيقية عن ألبوم "ليمونايد" الذي تناولت فيه معاناة النساء السود من العنصرية في أمريكا، خصوصًا أنها نالت عنه تسعة ترشيحات مقابل خمسة للبريطانية أديل، ومع الاستحسان العالمي لمحتوى ألبوم بيونسي ونيلها تكريم الجامعات ومنظمات حقوقية وفنية، باتت الأكثر استحقاقًا لنيل "جرامي"، لكن المفاجأة أن أديل توجت بالجوائز الخمس المرشحة لها وبينها الثلاثة الكبرى، فيما لم تنل بيونسي سوى جائزتين أقل أهمية!!


صدمة تجاهل بيونسي أبكت أديل فوجهت لها تحية مؤثرة، مؤكدة أن "ليمونايد ألبوم لن يتكرر ومثير للحماسة".. ثم تساءلت بأسف وهي تحمل جوائزها الخمس على المسرح "ماذا عساها تفعل ملكتي بيونسي أكثر من ليمونايد لتفوز بجائزة أفضل ألبوم.. هذا هو وقتها للفوز؟"!!

بيونسي خطفت الأضواء بإطلالتها المثيرة وهي حامل في توءم، وانسابت دموعها تأثرا بكلمة أديل، وربما أيضًا من الظلم الذي واجهته من تحكيم "ريكوردينج أكاديمي" المانحة لجوائز "جرامي"، لكنها مع هذا غنت ولم تعلق على الجوائز تاركة الأمر للإعلام وأوساط الموسيقى، وهؤلاء جميعًا ذهبت تحليلاتهم باتجاه أن "جرامي" باتت عنصرية مثل هوليوود وجوائز "أوسكار"، مستشهدين بما حدث العام الماضي، حين توجت تايلور سويفت بالجائزة الكبرى عن أغنيات ألبومها الخفيفة متفوقة على ألبوم مغني الراب الأسود كندريك لامار الذي اكتسح أمريكا واختارت حركة مدافعة عن حقوق السود إحدى أغنياته نشيدًا لها.

شخصيًا لا أتفق مع ما ذهبوا إليه ولا أرى عنصرية في تجاهل بيونسي، بدليل أنها حازت حتى الآن 22 جائزة "جرامي"، كما أن المغني الأسود ستيف ووندر حقق الرقم القياسي بنيل "جرامي أفضل ألبوم" ثلاث مرات، وهي الجائزة التي حازتها المطربات السود أيضًا ويتني هيوستن، نتالي كول ولورين هيل.. أما سوء حظ بيونسي فمرده برأيي أن حفل التتويج تزامن مع تخلص أمريكا من إرث أوباما وكل ما يمت إلى فترتي حكمه بصلة، وبما أن بيونسي وزوجها جاي زي من أقرب المقربين إلى أوباما وزوجته ميشيل وكانا ضيفين دائمين على حفلات وأماسي البيت الأبيض، فكان من الصعب تتويجها بأهم جائزة موسيقية في بداية حكم رئيس جديد يعارض تماما سياسة أوباما، فضلا عن أن ألبوم "ليمونايد" يعكس قناعات والتزام بيونسي سياسيا ورفضها اضطهاد أمريكا للنساء السود عبر التاريخ.

خسرت بيونسي "جرامي" بسبب علاقتها الوطيدة مع أوباما، ولم تكن تلك البصمة السياسية الوحيدة في الحفل الموسيقي، الذي نافس جوائز هوليوود في طغيان السياسة عليه.. في الحفل بدت المغنية جوي فيلا، على البساط الأحمر كنغمة نشاز، حين استعرضت برداء أبيض سرعان ما نزعته، لتكشف عن فستان بألوان العلم الأبيض والأزرق والأحمر يحمل شعار الحملة الانتخابية للرئيس ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة"، أما ذيل الفستان فكتب عليه ترامب. لكن لمحة تأييد جوي للرئيس الأمريكي لم تؤثر وسط طوفان الاستهجان والتنديد بسياسته التي أبداها معظم نجوم الحفل لدرجة جعلت ترامب "نجم الجوائز بلا منازع"!!

بداية ذكر مقدم الحفل جيمس كوردن اسم ترامب: "فلتستمتعوا جميعًا، لأن هذا هو الأفضل، ومع الرئيس ترامب لا ندري ما الذي سيحدث في المستقبل".. لتدعو بعده جنيفر لوبيز زملاءها إلى عدم الصمت "عند هذه اللحظة في التاريخ، هناك حاجة إلى أصواتنا أكثر من أي وقت مضى".. أما كاتي بيري مؤيدة هيلاري كلينتون فارتدت شارة على ذراعها كتبت عليها "برزيزست" أي "اصمد" وأدت أغنية "تشايند تو ذا ريزم" وخلفها كتبت عبارة "وي ذا بيبول" الجملة الافتتاحية في الدستور الأمريكي.

كما استغل فنانو الراب الحفل للتنديد بسياسة الهجرة التي ينتهجها ترامب، وأدت فرقة "إيه ترايب كولد كويتس" ومغنيا الهيب أندرسون باك وبوستا رايمز أكثر العروض السياسية، معتبرين ترامب "عامل برتقالي" في إشارة مزدوجة إلى لون بشرته والأضرار التي خلفها مبيد أعشاب استخدمه الجيش الأمريكي كسلاح في حرب فيتنام، مختتمين العرض بـ"أننا الشعب نرص الصف.. قاوم! قاوم!" بينما كان فنانون يمرون عبر جدار في إشارة إلى الجدار الحدودي مع المكسيك الذي ينوي ترامب تشييده.

نجومية ترامب لن تقتصر على جوائز "جرامي وبافتا وجولدن جلوب"، بل إن مهرجان برلين المقام حاليا يشهد تنديدا يوميا بسياسته، أما العرض السياسي الأكثر سخونة فيشهده حفل "الأوسكار" نهاية الشهر.
الجريدة الرسمية