رئيس التحرير
عصام كامل

استهداف ماسبيرو والدعاة.. لمصلحة من ؟!


حملة واسعة شنتها بعض الأقلام ضد «ماسبيرو» تصفه بالفشل والتراجع والخروج من المنافسة الإعلامية، وحملة أوسع شنها البعض من الإعلاميين الذين يتربعون على عرش بعض الفضائيات الخاصة التي استحوذت على نسبة كبيرة من المشاهدين بعد أن قامت بتطوير نفسها بما يحقق الإبهار في الشكل فقط بعيدا عن المضمون الذي يحقق أهداف المرحلة التي فيها مصر. 

وأظن أن هذا هو دور الإعلام الحقيقي في هذه المرحلة الفارقة.. إعلام يساند الدولة ويقف بجوارها، ويشرح التحديات التي تواجهها وكيف تواجهها.. أقول إعلام يساند الدولة ولا يساند الرئيس أو السلطة بالمعنى الذي يردده البعض، وهذا ما يدعو إليه الرئيس السيسي دائمًا من أن المرحلة تحتاج إعلامًا يقف إلى جانب الدولة.. يساعدها ويصحح أخطاء الحكومة ويراجع ما تعد به للشعب، وينتقد السياسات الخاطئة بمسئولية، ويلقي الضوء الشديد على السلبيات والإيجابيات بنفس القدر.

المعروف يقينًا أن للإعلام الخاص أهدافًا من بينها ومن أولوياته هو الربح وتحقيق عوائد مالية لأصحاب رأس المال فيه إلى جانب استخدامه سلاحًا يحمي أصحابه إذا لزم الأمر لذلك هو –الإعلام– يبحث دائمًا عن المشاهدين والرأي العام كما يبحث عن الإعلانات، والإعلانات في الغالب تأتي للبرامج الخفيفة والسطحية، وللبرامج التي تلعب على مشاعر الناس في أي صورة من الصور، وأترك لذكاء القارئ فهم المعنى !

كان ماسبيرو وما زال هو حصن الحماية لهذا الوطن، وكان وما زال المعنى الذي يشعر معه المواطن بالمصداقية.. فهو إعلام الدولة أو إعلام الشعب دافع الضرائب، وكان وما زال هو الإرث الحقيقي للشعب المصري.. ربما هو مصاب الآن ومنذ فترة بالمرض، وأظن –وليس كل الظن إثم– أنه كان هناك تعمد لإمراضه حتى يبدو هكذا لحساب أباطرة الإعلام الخاص، وغالبًا طمعًا في هذا الإرث الكبير من التراث.. المبنى والمعنى !

عندما تتعرض البلاد لأي خطر فإن أول شيء من أولوياتها يكون تأمين ماسبيرو من الداخل والخارج، وهذا يدل على أهميته الاستراتيجية وبُعد الأمن القومي فيه، ومع ذلك تركته الدولة سنوات يصارع المرض، وتناوبت على إدارته وجوه كثيرة ربما لا تدرك أهميته وقيمته.. فكما رأسته تركته بلا أي أثر أو تأثير، وفي ظني أن أبناء ماسبيرو لا يمانعون -كما يشيع البعض– في خطط الإصلاح والتطوير للمبنى وللكوادر التي به.

التفكير في التخلص من ماسبيرو خطر كبير، وخروجه من يد الدولة خطر أكبر وأدعو الرئيس إلى الاهتمام به والتنبيه على كل دعاة الهدم من الذين يحسبون أنفسهم على النظام –وهم غير ذلك– أن يتوقفوا، فربما بعد ذلك يتوجهون صوب الهرم لهدمه فيحققون قول الشاعر الإغريقي (هزمناهم ليس حين غزوناهم.. ولكن حين أنسيانهم تاريخهم) وأعتقد أن ماسبيرو تاريخ طويل مهم.

أما عن الدعاة والأئمة فحدث ولا حرج، فالذي يقف في مواجهتهم ويتحدى إرادتهم ليس حملة من الإعلاميين أو الكتاب الصحفيين.. لكن للأسف الذي يواجههم هو وزير الأوقاف والجمود الفكري في وزارته، وما زال مصرًا على عرقلة جهودهم في الوصول إلى تشريع يتيح لهم إنشاء نقابة للدعاة يلتف حولها أكثر من 60 ألف إمام وداعية شأنهم في ذلك شأن سائر المهن الأخرى، بالإضافة إلى أنه حق دستوري.. فالنقابة سوف تنظم شئون مهنتهم، وتحاسبهم عندما يتجاوزون حدودهم في الدعوة، وتحسن ظروف عملهم وتحل مشكلاتهم مع الوزارة عند حدوثها، وتمنعهم من الوقوف في الشارع، وتعيد إليهم هيبة الإمام والداعية التي ضاعت أو كادت أن تضيع!

السؤال هو لماذا يقف الوزير ضد إنشاء النقابة ؟ والإجابة أو جزء منها في السطور التالية:
أكثر من 60% من مديريات الأوقاف في كل المحافظات تضم إخوانًا وسلفيين، وأن الثلاثة آلاف إمام الذين تم تعيينهم من نحو سنتين تقريبًا كانوا بالسجون وخرجوا حديثا منها، وقد تكشف النقابة عن تفاصيل كثيرة في هذا الشأن !

الوزارة مكلفة بتوفير سكن للإمام طبقًا لقانون الوقف، وهذا لا يحدث لأن معظم شقق الأوقاف واستراحاتها يسكنها أصحاب السلطة في الوزارة أو يتم تخصيصها لأصحاب النفوذ، وكل ما تفعله الوزارة هو صرف تسعة جنيهات بدل سكن، والسكن الإداري للأئمة لا يستفيد منه سوى 1% ممن لهم علاقات وطيدة بقيادات الوزارة، في حين تطالبهم الوزارة بدفع 250 جنيهًا مقابل السكن!

أعتقد أن هذا جانب يفسر لماذا يقف الوزير والوزارة ضد إنشاء نقابة مهنية للدعاة.. والأهم لماذا تكون شئون الدعوة تابعة للأوقاف وليس للأزهر، ولماذا نرى هذا الاختلاف بين الأوقاف والأزهر في هذا الشأن؟ أظن أن تفرغ وزير الأوقاف لإدارة شئون الأوقاف ووقف الفساد في وزارته أهم وليترك شئون الدعوة للأزهر ولنقابة مهنية تنظمها.
الجريدة الرسمية