رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد كريمة: إلغاء الطلاق اللفظى سيشيع الزنا في بيوت المسلمين

فيتو

  • ما يحدث في مصر "مولد" وعبث.. وأتوقع أن يتلوه عبث في أحكام الميراث
  • الدستورية قضت بمخالفة الطلاق أمام المأذون لأحكام الشريعة الإسلامية
  • يجب أن نتعلم من موقف البابا شنودة وتواضروس اللذان رفضا منح ترخيص الطلاق للمسيحيين 
  • منتسبون للأزهر أرادوا التدليس بمداعبة مؤسسات في الدولة 
  • لست نادمًا على زيارتى لإيران وعاتبتهم على إطلاق اسم قاتل السادات على أحد الميادين 
  • إسلام البحيرى يعبث بالإسلام ويبحث عن الشاذ والضعيف والموضوع 

فجر الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المتفرغ بجامعة الأزهر، والداعية الإسلامي، مفاجآت عدة حول قضايا دينية شائكة أثارت جدلا واسعا مؤخرا خاصة بعدما أطلق الرئيس السيسي دعوته لإيجاد تشريع يجعل الطلاق يقع كتابيا وليس شفهيا حرصا على تمسك الأسرة المصرية.. 

إلا أن الشيخ له رأى مختلف فيرى أنه لا توجد جهة ما تستطيع إلغاء الطلاق القولي لأن هناك حكما من المحكمة الدستورية بذلك، مشيرًا إلى أنه إذا أراد الله تعالى أن يسقطه لكان أسقطه بالفعل.

وقال إذا أرادت جهة معينة إن تستحدث قانونا ما يغير صيغة الطلاق فلن ينفذ فأنا أرى أن المسائل الفقهية في مصر أصبحت "مولد"، وأضاف كريمة" خلال استضافته في صالون "فيتو" هناك من يريد علمنة الأحكام الشرعية المستقرة، ومداعبة مؤسسات مدنية ومعروفة في الدولة مثل حقوق المرأة والإنسان بهدف الحفاظ على الأسرة.. وإلى أهم ما جاء بالندوة..


*كيف ترى أبعاد قضية توثيق الطلاق أمام المأذون؟
في الحقيقة هناك تدليس في الموضوع لأن الناس خلطت بين الحلف بالطلاق وإيقاعه ولا يستطيع أحد أو أي جهة إلغاء الطلاق القولي لأن هناك حكما من المحكمة الدستورية وهناك قاعدة قضائية تقول "ما سبق الفصل من المحكمة الدستورية يحظر استحداث أي قانون يناهض هذا الحكم"، فإذا أرادت جهة معينة أن تستحدث قانون يغير ذلك لن ينفذ فأنا أرى أن المسألة الفقهية في مصر أصبحت مولدا، فهناك خلط واضح بين الحلف بالطلاق وهو السائر عند عموم المصريين كأن يقول الرجل "على الطلاق لتطبخي.. " فالإمام على بن أبي طالب قال إن هذا لغو لا يقع وعليه كفارة يمين.

*ما مفهوم الطلاق شرعا؟
الطلاق عند المذاهب الفقهية المعتمدة رفع قيد النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص، وجميع العقود في الشريعة الإسلامية تنعقد بالألفاظ الدالة عليها.

*وما الهدف من التوثيق؟
للأسف لا يفهم البعض حقيقة التوثيق الذي هو عمل إجرائي أدائي لحفظ الحقوق، ومشكلة إهدار الطلاق القولي الآن يعني إلغاء الألفاظ التي وضعها الشارع ـ الله ورسوله.

*هل الإشهاد على الطلاق ضرورة؟
الإشهاد على الطلاق ليس في التراث السني الذي عليه العالم الإسلامي بدليل أنه لم يثبت في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه أن إنسانا طلق زوجته وأمره الرسول بأن يأتي بشاهدين وهذا ما حصل في تاريخ الإسلام؛ لكن المقنن المصري والبعض في الدول العربية والإسلامية رأوا أن الشيعة قد استشهدوا بالظاهر في قوله تعالى "وأشهدوا ذوى عدل منكم" وهي تقول بالوجوب والظاهر من الفقه السني تقول بالاستحباب.

*ما الغرض من إلغاء الطلاق القولي؟
أنا أرى أن هناك من يريد علمنة الأحكام الشرعية المستقرة وانتهزوا ذلك، وبعض المنسوبين للعلم في الأزهر أرادوا التدليس ومداعبة مؤسسات مدنية ومعروفة في الدولة مثل حقوق المرأة والإنسان بهدف الحفاظ على الأسرة، فالرجل حينما يصدر طلاقا جازما عازما عليه ثم يذهب إلى دار الافتاء أو مشيخة الأزهر أو لأقسام الشريعة الإسلامية بالجامعة نحاول أن نجعل له مخرجا، بينما حين يذهب للمأذون أو الموثق سيأخذ منه بطاقات الرقم القومي ووثيقة الزواج، ثم يطالبه بتسديد الرسوم والأتعاب يطلق زوجته فورًا.

*هل الوثيقة هي الوسيلة الوحيدة لإثبات الطلاق؟
حينما نحصر حق المرأة في الوثيقة نكون بذلك قد أهدرنا اليمين والإشهاد، فالمرأة حينما تطلق من زوجها شفاهة أمام شهود لا تحتاج إلى وثيقة ومن الممكن أن تطلب أمام المحكمة من الشهود إثبات الطلاق، ولها أن تطلب يمينه بل أن الفقهاء قالوا لها أن تستحلفه ولها أيضا أن تحلف، وأن تستدل برسائل الاتصالات المحمولة إن تم التيقن من صحتها.. فالاعتماد على الوثيقة هو إلغاء لهذه الوسائل للمرأة في إثبات الطلاق.

*وما الذي يترتب على إلغاء الطلاق اللفظي إذن؟
إلغاؤه سيشيع الزنا في بيوت المسلمين، فالزوج حينما يكون بكامل قواه العقلية، وكان قاصدا لإيقاع الطلاق وقال الألفاظ التي طلبها الشرع طلاق وفراق وسراح "قال أنتي طالق" وعاشر زوجته يكون قد ارتكب جريمة الزنا.. كما أن القاعدة الفقهية تقول "دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح"، ويجب أن ننظر ونتعلم من موقف البابا شنودة وتواضروس اللذين رفضا العبث بمنح ترخيص الطلاق للمسيحيين ومنح ترخيص التعدد وقال البابا بأن الكنيسة هي سيدة قرارها ولا نخرج عن تعاليم الإنجيل ورفض الخضوع لحكم قضائي ملزم في الدولة.

*ماذا تتوقع بعد الحديث عن توثيق الطلاق؟
ما يحدث الآن هو عبث وأتوقع أن يتلوه عبث أيضا في أحكام الميراث وهناك سيناريو لتشويه فقه الأسرة والأحوال الشخصية.

*ولماذا يكون الإشهاد في عقد الزواج دون الطلاق؟
أهل الفقه يرون في الطلاق لا يحتاج إلى إعلان أو شهود، بينما الزواج تستحل به الفروج أو المعاشرة الجنسية بينما الطلاق هو خروج، فالحيطة تكون في الإنشاء أكثر من الخروج، فقياس الطلاق بالزواج قياس مع الفارق وتدليس على الشرع.

*هل تملك أي جهة في الدولة إلغاء الطلاق القولي؟
لا تملك أي جهة في الدولة إلغاءه لأن هناك من يخلط للناس والعوام بين الحلف بالطلاق وبين إيقاع الطلاق، ويريدون جعل الموثق المأذون بدلا عن الطلاق القولي وتلك حقيقة المشكلة.

وبالرجوع للقانون المصري نجد المادة رقم 5 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 والمضافة للقانون رقم 100 لسنة 1985 تقول "إذا لم يوثق المطلق إشهاد الطلاق لدى المأذون خلال 30 يوما من إيقاع الطلاق"، ثم جاءت المادة رقم 22 مكرر من نفس القانون قالت بالحبس مدة 6 أشهر وغرامة 200 جنيه أو إحداهما إذا لم يقم بتوثيق الطلاق عند المأذون أو أدلى ببيانات غير صحيحة، ويعاقب المأذون بالحبس إذا لم يخطر أو يبلغ المطلقة أو أخل بالتزاماته" إذًا تلك المادة اعترفت بالطلاق القولي.

*ما تجربتك الأخيرة في زيارة إيران؟
في الحقيقة أمضيت أربعة عشر يومًا في إيران ولست نادمًا على زيارتى لها، وعاتبتهم على تمسكهم بإطلاق اسم خالد الإسلامبولى قاتل الرئيس السادات، على أحد ميادين العاصمة، فطلبوا إلغاء اسم "الشاه السابق محمد رضا بهلوي" من على أحد أهم شوارع القاهرة.. ومستعد أن أذهب إليهم مرة أخرى بمطالب مصر كلها مع إعلاء مصلحة مصر وسيتم تنفيذها في 24 ساعة، وسلمت تقارير عن تلك الزيارة إلى شيخ الأزهر والأمن الوطنى والمخابرات.

*ما اقتراحاتك لتحسين العلاقات بين مصر وإيران؟
اقترحت على الأزهر أن يرسل عددا من العلماء إلى إيران لتعليمهم الدين الإسلامي الوسطى، وإعطاء منح لعدد من طلاب الشيعة لكى يدرسوا في الأزهر، وبذلك نستطيع أن نقرب بين الوجهتين.

*هل ترى أن إسلام البحيري وغيره أحد أدوات تجديد الخطاب الديني؟
بالطبع لا، فإسلام البحيرى يعبث بالإسلام فهو غير متخصص وفاقد للمنهجية العلمية ويبحث عن الشاذ والضعيف والموضوع ويريد إرضاء المنظمات والمؤسسات وأهواء الشعب على حساب الدين، عن طريق البحث عن الأحاديث المطعون بها ليقدمها للناس، فحين يقول إن الحجاب اختيارى وليس إجباريا فذلك يدل عن جهل المتحدث حيث قال الله تعالى "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" فأوجبه الله في القرآن الكريم كيف نصرح بأنه اختيارى للعوام؟!

*لكن النقاب ليس فرضا؟
نعم.. لكنه أيضا ليس مكروها، بل هو اختيار وحرية.

*هل هناك خطوات جادة نحو تجديد الخطاب الديني؟
لا أحبذ التعليق على هذا الملف.

*ما رأيك في انتشار ظاهرة الأم العزباء، والمطالبة بحرية "المساكنة"، والمطالبة بتدشين بنوك للنطاف؟
من المعروف أن الابن للفراش، للأسف ينتشر في الفترة الأخيرة الزواج السرى وتأتى الأم بطفل ترغم المجتمع على قبوله ونسبه للجانى، ولكن ذلك لا يجوز حيث إنه يعامل معاملة مجهول النسب ويكون اسمه في شهادة الميلاد ثلاثيا وليس رباعيا، وهذا هو الفارق بين مجهولي النسب، والأطفال معروفي الأب.. ولكنى أرى أنهم يريدون جعل تصرف الرعاع والأوباش مقبولا وسائدا، لذلك أرى أن محور الارتكاز في المشكلة هو أن البطن الخاوية لن تصنع مجتمعًا سليمًا، فكيف لرجل يعمل في وظيفتين وثلاثة وامرأة مهمومة بالبحث على قوت رزقها هي وأسرتها في وسط الضيق الاقتصادى وغياب العدالة الاجتماعية، أن يمارسا حياتهما بصورة طبيعية؟! لقد كان الإمام الشافعي يقول: "لو شغلت بطلب بصلة لضاعت عندي مسألة".

*هل ترى أن انتشار تلك الظاهرة سببها ضعف التنشئة الدينية بالمدارس؟
التنشئة الدينية بالمدارس أي كلام، فمواد الدينية المعتمدة بالوزارة لا تعطى الإشباع الروحى المطلوب، والذي يؤدى إلى التطرف والإرهاب، فيجب أن توضع مناهج التربية الدينية من خلال منهج تعاون بين الأكاديميين والأزهريين، ولكن ذلك لا يحدث في مصر فكل عدة أعوام يأتى وزير تعليم يهدم ما فعله الوزير الذي قبله ويبدأ من جديد فلا نجد أي تطوير في المناهج التربوية.

*ما خطة الإسلام للقضاء على الفساد؟
هناك عدة تشريعات في الإسلام منها العقوبات المقدرة والعقوبات غير المقدرة، فالعقوبات المقدرة 7 هي: البغى والزنا والقذف والسرقة والحرابة والردة وتعاطى المسكرات، أما العقوبات غير المقدرة، مثل اكتشاف بعض الجزارين الذين يبيعون لحوم الحمير فيجب أن يطبق عليهم تشريع الله والحكم عليهم بشدة لكى لا تتكرر تلك الوقائع.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية