رئيس التحرير
عصام كامل

حافظ أبو سعدة: كل منظمات حقوق الإنسان تتلقى تمويلات وسجلنا الحقوقي «سيئ» عالميا

فيتو

  • * تعديلات قانون التظاهر تحتاج إعادة نظر 
  • * الحكومة تتمسك بمنع «قومي حقوق الإنسان» من زيارة السجون بـ «الإخطار» فقط
  • * نقلنا بعض المساجين كبار السن والمرضى للمستشفيات.. أشهرهم مهدي عاكف
  • * نحتاج خطة لتحسين سجل حقوق الإنسان بمصر
  • * مستقبلنا الحقوقي يدعو للتفاؤل 
  • * توقيعنا على الاتفاقيات الدولية إقرار بتدخل الخارج في شئوننا 



قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن كل التشريعات التي يصدرها البرلمان ليست في صالح حقوق الإنسان، مؤكدًا أنها تصطدم بالمواثيق والأعراف الدولية الموقعة عليها مصر، وهو ما يحتاج إلى خطة لتحسين صورة مصر في مجال حقوق الإنسان على المستوى الدولي.


أبو سعدة أشار إلى أن قانون التظاهر يحتاج إلى إعادة نظر لأن صورته الحالية تعني منع التظاهر لأن كل دول العالم تحدد الأماكن بشكل لا يبتعد عن العمران بـ50 مترًا، وفي مصر جعلوها 80 مترًا.. تفاصيل أخرى في الحوار التالي:


* بداية.. هل ترى أن مجلس النواب داعم لحقوق الإنسان؟
بصراحة كل التشريعات التي صدرت عن مجلس النواب حتى الآن في غير صالح حقوق الإنسان؛ بدليل أن قانون الجمعيات الأهلية يصطدم بكل المواثيق الدولية التي تتطلب تحرير العمل الأهلي من القيود الإدارية، كما أن القانون الحالي يعد مخالفًا لمقررات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالحريات وتوصياته باتخاذ مجموعة من المعايير لإنشاء قانون جديد للجمعيات يتضمن أن يكون الإنشاء بالإخطار إلى جانب إخطار الدولة بالتمويلات؛ لأن الأصل في المجتمع الأهلي هو عدم الربحية، وبالتالى لن تستطيع تنفيذ نشاطها إلا بالتبرعات، سواء من الداخل أو الخارج مع إخضاعها للمحاسبة، وكل هذه الأمور غير موجودة في القانون.


وهناك 6 وزارات تراقب العمل الأهلي - وفقًا للقانون- لكن الأخطر من ذلك أن قانون الجمعيات الأهلية أباح الحبس لمدة تصل إلى 5 سنوات، وعلى سبيل المثال: "إذا تم تغيير مقر الجمعية دون إخطار الجهات المسئولة تكون العقوبة هي الحبس عاما وبالتالي القانون صادم وأملنا في وعد الرئيس بإعادة النظر فيه"، إضافة إلى أن قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان تم تقييده بتشكيله وتجاهل حقنا كأعضاء في الترشيح، وإخضاع المجلس لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وبالتالي سيكون خاضعًا للحكومة عكس المعمول به في كل دول العالم بوجود مكاتب محاسبية للمجالس القومية لحقوق الإنسان، فضلا عن قيد آخر على المجلس لا يمكنه نت تلقى تمويلات إلا بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان، وبالتالى لن يتمكن من أداء مهامه.


* ماذا عن قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان؟
القانون الآن موجود في البرلمان، والحكومة انتهت من التعديلات المقترحة، ومن المتوقع صدوره خلال شهر واعتماده وإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان.


* و
هل يستطيع المجلس القومى لحقوق الإنسان انتزاع حق زيارة السجون بالإخطار؟
هناك إصرار من جانب الحكومة على عدم زيارة أعضاء المجلس للسجون إلا بموافقة مسبقة من النيابة العامة، وهو نفس النص الموجود في قانون السجون الذي أعطى للمجلس القومي لحقوق الإنسان حق الزيارة للسجون بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، وبالتالي تقييد المجلس القومي مستمر، وطالبنا بأن تكون الزيارات بالإخطار فقط وهذا في صالح الحكومة نفسها؛ لأن هناك بعض الشكاوى تتحدث عن التعذيب داخل السجون، وبالتالي الزيارات ستكشف الأمر، خاصة أن المجلس فتح الباب للشكاوى من خلال الاستمارات وبلغت عشرات الآلاف وما ثبت منها 360 فقط بعد إرسال الشكاوى لوزارة الداخلية، ووجدنا أن 220 محبوسًا على ذمة قضايا وعدد آخر سافر خارج مصر بشكل غير شرعي للانضمام لمنظمات إرهابية، وبالتالى هدفنا ليس الانتقاد وإنما تحسين صورة الدولة وكشف الحقائق.


* لكن البعض يتحدثون عن وجود فريقين أحدهما مؤيد والآخر معارض للنظام؟
هذا الكلام ليس صحيحا، ونحن فريق واحد ونعمل وفق قانون المجلس، وهو ما يعطينا صلاحيات لسماع الآراء، وكانت الدولة حريصة على التنوع مع الانحياز لمعايير حقوق الإنسان، ومن هنا نجد المؤيد والمعارض، بل إن هناك أشخاصًا محسوبين على النظام، مثل حسام بدراوي وأسامة الغزالي حرب وسعيد الدقاق وبهي الدين حسن ولكنهم كانوا جميعا يعملون من أجل مبادئ حقوق الإنسان، و"بدراوي" نفسه كان ضمن من أعدوا تقرير 2010 والذي انتقد حالة الطوارى والتضييق على الأحزاب وضعف مشاركة المرأة ووجود محاكم عسكرية ومحاكم أمن الدولة.


* إذن.. فما نشاط مجلس حقوق الإنسان الآن؟
المجلس لا يزال يتلقى الشكاوى من المواطنين، ويخاطب السلطات لحلها، إضافة إلى أننا عقدنا عددًا من ورش العمل بشأن قانون الإيجارات القديمة وحضرها نواب ومجتمع مدني وملاك؛ لإحداث توازن معقول بين الملاك والمستأجرين، وأصدرنا مجموعة توصيات وناقشنا في مؤتمر الأوضاع الصحية والطبية للمصريين، والتقينا عددا من أهالي سيناء وسمعنا مشكلاتهم وأرسلناها للحكومة لنقل عدد من السجناء المرضى وكبار السجن، وفعلا تم نقلهم ومنهم مهدي عاكف، المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان، فنحن نمارس دورنا وناقشنا مقترح قانون المجلس من حيث دور الأمم المتحدة في الالتزام بالمعايير الدولية، وأن يحافظ المجلس على تركيبته في التصنيف a، إضافة إلى مناقشتنا قانون الجمعيات الأهلية.


* حدثنا عن تقييمك لوضع حقوق الإنسان في المرحلة الراهنة؟
نحن في احتياج إلى تحسين حالة حقوق الإنسان لأن سجلنا في الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الكبرى سيئ، وبالتالي نحن في حاجة لتحسين هذه الصورة فيما تتعرض له الحقوق السياسية والاقتصادية لإهدار؛ بدليل غلاء الأسعار الذي أدى إلى خلق طبقة تعاني ولا تستطيع حتى شراء العلاج، فمصر محتاجه في هذه المرحلة خطة لتحسين حالة حقوق الإنسان لأن الشهر القادم سيتم مراجعة دورية لنصف المدة في الأمم المتحدة، وبالتالي علينا تحسين هذه الصورة واتخاذ مجموعة من الخطوات لتنفيذ توصيات الأمم المتحدة الصادرة في 2014 لنعطي انطباعا بتحسن السجل.


* كيف تنظر إلى قضية التمويل الخارجى دون علم الدولة؟
كل منظمات حقوق الإنسان في العالم تعمل بالتمويل، إما من الداخل أو من الخارج، بشرط أن تعرف الحكومة ذلك، ودور وزارة التضامن في هذا الأمر الموافقة والمتابعة، أما الإدعاء بإساءة استخدامه في التمويل السريي فهو ما يدعو للقلق، ومطلوب حاليًا وضع قانون يحدد تلقى التمويل والإنفاق تحت إشراف وزارة التضامن، خاصة أن التمويل يساعد المجتمع المدني على تنفيذ أنشطته ومشكلة الحكومة هي مع المنظمات التي تعمل دون ترخيص.


* كيف ترى قانون الجمعيات الأهلية؟
*القانون الذي صدر عن البرلمان يتضمن قيودًا على نشاط وتسجيل وعمل الجمعيات الأهلية في مصر، وهذا يشكل عقبة شديدة أمام المجتمع المدني الذي يقدم خدمات ويعمل في مجال الحماية لحقوق الإنسان، بما يؤدي إلى توتر العلاقة بين مصر والعديد من الدول الصديقة المعنية بحقوق الإنسان، خاصة أن المؤسسات المالية والاقتصادية تعطي أولوية في التنمية للقطاع المدنى؛ وبالتالي يجب إعادة النظر إلى المجتمع المدني، وإتاحة الحرية له ليكون القانون لتنظيم عملنا فقط.


وفي ضوء ما سبق بدأنا في 2014 تحضير قانون جمعيات أهلية جديد نموذجي وعملنا على مقترح الوزير السابق أحمد البرعي، وهو نتاج لجنة العمل الأهلي، وكنت منسقها وكانت تضم 18 منظمة، واستكملنا مع الوزيرة غادة والي ومناقشات مع 600 جمعية واتحاد إقليمي وانتهينا لمشروع متوازن مع كل الجهات، ونرى أن ما أعلنه الرئيس السيسي عن عدم رضاه عن المشروع الصادر عن البرلمان يعطينا الأمل في إعادة مناقشة القانون، الذي قدمته وزارة التضامن مع مشروع الحكومة.


* في رأيك.. هل التعديلات التي تقدمت بها الحكومة على قانون التظاهر "كافية"؟
التعديلات التي تقدمت بها الحكومة على قانون التظاهر تحتاج إعادة نظر، ولابد أن يكون القانون لتنظيم التظاهر وليس مصادرة حق التظاهر والتعديلات ينقصها تأكيد المبدأ الدستوري، وأن يكون التظاهر بالتصريح وليس بموافقة الداخلية، وأن يكون القضاء الإدارى صاحب سلطة الحكم والفصل في التظاهر وليس القضاء المستعجل، إضافة إلى أن حكاية الـ80 مترًا في أي مكان أمر مبالغ فيه، وبالتالي نحن نحاول اقتناص حق التظاهر ونطالب وزارة الداخلية بأن تتيح التظاهرات في أي مكان دون مشكلات، وهذا ليس مستحيلا حتى لو اقتضى الأمر تدريب قوات الشرطة.


*كيف ترى مستقبل حقوق الإنسان في المرحلة المقبلة؟
في تقديري.. مستقبل حقوق الإنسان يدعو للتفاؤل؛ لأن الدستور المصري يتبنى قيم حقوق الإنسان بشكل لا يمكن مقارنته بدساتير أخرى، وبالتالي نسعى لتنفيذ ذلك من خلال البرلمان حتى ولو كان البرلمان المقبل، ونحن مستمرون مع مجلس النواب لتحسين هذا السجل ومصر دولة كبيرة ولا يمكن التصور أن تتحول إلى دولة مستبدة وتنتهك حقوق الإنسان.


* ما رؤيتك لأماكن الحجز بالسجون في الوقت الحالي؟
المشكلة الحقيقية في السجون هي زيادة الأعداد، وهذه المشكلة الرئيسية لأنها تؤثر في حق الزيارة والأوضاع الصحية والنفسية؛ بل إن مستشفيات السجون غير كافية، وهناك مشكلات في الخدمة المعيشية من حيث نوعية الطعام والأسرة والأغطية، ومن الصعب أن نقول إن أوضاع السجون تتحسن لأنها تسوء.


* هل نحتاج لقانون العدالة الانتقالية في هذه المرحلة؟
وفقا لنص الدستور مطلوب قانون للعدالة الانتقالية، وفي وجود صراع بين الدولة والإخوان، لابد أن يفرق القانون بين المنتمين للإخوان ويمارسون المعارضة السلمية وبين المنتمين للإخوان ويمارسون العنف وهؤلاء لا تتعامل معهم الدولة إلا بالقانون، أما من لا يمارسون العنف يمكن فتح حوار معهم، وبالتالي لابد من قانون على هذا الأساس.


* أخيرًا.. هل تواصل الدولة مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الدولية يعد نوعا من الوصاية؟
توقيعنا على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان يعد قبولا بتدخل المنظمات الدولية في شئوننا، وبالتالي الحكومة ملزمة بتقديم تقرير عن دورها في مجال حقوق الإنسان، وهناك 9 اتفاقيات تجعلنا ملزمين بتقديم تقرير دولى كل عامين، وبالتالى حقوق الإنسان لم تعد شأنا داخليا، والحكومة مطالبة باتخاذ خطوات في طريق تحسين حقوق الإنسان، خاصة أن الدستور يتوافق مع المعايير الدولية.
الجريدة الرسمية