رئيس التحرير
عصام كامل

هل تفضل دعما نقديا أم عينيا؟ ( 4 )


نعود ثانية للدعم النقدي الذي إن طبقته الحكومة فينبغي أن تجمع قاعدة واضحة عن الدخول في مصر، وتتعرف على دخل كل مواطن بدقة لتستطيع أن تحدد من يستحق الدعم من عدمه، والحكومة تستطيع ذلك من خلال قواعد البيانات الخاصة بالموظفين والتجار والعاملين بالقطاع الخاص والعاطلين، والمشتركين في منظومة التموين والمعاشات المختلفة إلخ.


وهنا يكون تحديد المستحق دعما نقديا، والذي ينبغي أن يكون ذلك المستحق لا يزيد دخله الشهري التام مع أسرته عن 10 آلاف جنيه شهريا، في ظل هذه الظروف شديدة التعقد وبالغة السوء، فيتحول الدعم لنقدي وهو سمة كافة البلدان في العالم، وبعد تطبيقه بصرامة نستطيع أن نقيّم التجربة ونستمر فيها أو نعدل عنها، لكن بالطبع سيكون ذلك الأمر بعد تحديد حد أدنى للأجور واضح ومعمول به وليس مجرد تصريحات..

ففي دول الاتحاد الأوروبي مثلا، تقر هذه الدول مبلغًا معينًا كحد أدنى للدخل وهو 1500 يورو في فرنسا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، ومن يقل دخله عن هذا المبلغ يحصل على دعم نقدي في صورة شيك بمبلغ يختلف حسب الدخل وعدد أفراد الأسرة، بالإضافة لاشتراك مخفض في وسائل المواصلات، وتأمين صحي مجانًا، إضافة إلى مبالغ موسمية تصرف مع بداية الدراسة لمن لديهم أطفال في المدارس، وبعض المساعدات العينية من البلدية، وفى حالة زيادة عدد ساعات العمل، وهو ما يعنى زيادة دخل الفرد، تقل المساعدات، بمعنى أنهم يربطون بين الدعم النقدي الذي يحصل عليه الفرد بنسبة الزيادة في ساعات العمل.

وعلى الرغم من وجهة الدعم النقدي إلا أن البعض يتخوف من وجوده والتحول إليه، فيرى ذلك البعض أن الدعم النقدي سيؤدى إلى رفع نسبة التضخم إلى أعلى معدلاتها، حيث وصلت إلى 16.4% وفقًا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وأن تحويل الدعم من عيني إلى نقدي سيؤدى إلى زيادة الأسعار، ما سيؤدى إلى رفع نسبة التضخم خاصة مع قلة الإنتاج بشكل عام، فمن الأفضل – من وجهة نظرهم - إصلاح منظومة الدعم العيني، وتحديد المستحقين له، والقضاء على الفساد الموجود بها. وتطبيق القانون بكل حزم على المتلاعبين والمتاجرين بأقوات الشعب، وأن تتخلى الدولة عن رخاوتها في التعامل مع هؤلاء المتلاعبين والفاسدين.

ولكننا نؤكد أن التحول للدعم النقدي لن يصاحبه التضخم الذي يتخوفون منه، فهم يظنون أن تدفق المال في يد المواطن المدعوم سيجعله يشتري ببذخ ! وطبعا هذا أمر غريب، ففي ظل ارتفاع الأسعار لن يكون لقيمة الدعم النقدي المالي ما يتصوره هؤلاء، فهي قيمة مالية بسيطة سيتحفظ المواطن في إنفاقها، وسيكون حريصا عليها لتساهم معه في تحمل غلاء الأسعار، وفي الوقت ذاته نقضي على منظومة الفساد المسمى بالدعم والذي يسرق معظمه، ولا يتبقى منه للفقراء سوى الفتات، وحتى هذا الفتات يشارك ويزاحم فيه الأغنياء الفقراء.
الجريدة الرسمية