رئيس التحرير
عصام كامل

الكنيست يواصل قراراته المتخبطة.. «قانون التسوية» يثير غضب العالم.. باحث في الشئون الإسرائيلية: نتنياهو يغطي على سوءاته.. والخطوة تحصيل حاصل لإرضاء الأحزاب الدينية في تل أبيب

 الكنيست الإسرائيلي
الكنيست الإسرائيلي - صورة ارشيفية

قرر الكنيست الإسرائيلي، قبل أيام في خطوة تأتي ضمن قراراته العشوائية التي يتخذها دون مراجعة، أن يصدر قانون "التسوية" الذي يشرعن البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية، في الخطوة أصابت العالم بصدمة، وليس ذلك فحسب بل تعالت أصوات إسرائيلية ترفض القرار.


وفي خطوة غير مسبوقة ينوي، المستشار القضائي للحكومة في إسرائيل الذي يوازي منصب المدعي العام، يهودا مندلبليت، بالوقوف في الجانب المعاكس للحكومة في حال وصل النقاش حول قانون تسوية وضع البؤر الاستيطانية إلى محكمة العدل العليا.

تحذير دولي
وحذر المبعوث الدولي إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف من مغبة هذا القانون، موضحا أن القانون قد يعرض إسرائيل لملاحقات أمام المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي طالبت به العديد من الشخصيات القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية.

ويشرعن القرار سرقة الأراضي الفلسطينية ويقولون إن إسرائيل ستطبق من خلاله لأول مرة قانونها المدني في الضفة الغربية ليس فقط على الأفراد وإنما على أراضٍ معترف بها أنها فلسطينية.

ويشكل القانون خطوة في اتجاه ضم أجزاء من الضفة الغربية وهو ما يدعو إليه وزراء في الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية علنا، مثل وزير التعليم نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي المؤيد للاستيطان والمعارض لإقامة دولة فلسطينية.

وصمة عار
ووصفت حركة "سلام الآن" اليسارية في إسرائيل القانون بأنه "وصمة عار على كنيست إسرائيل"، فيما أعلنت إلى أنها ستلتمس للمحكمة العليا ضد القانون. وقالت "نتنياهو يسمح بسرقة الأراضي، مما يجعل العسكريين في إسرائيل عرضة للمحكمة الدولية من أجل ضمان بقائه سياسيا، لكننا سنقوم بالالتماس للمحكمة العليا ضد هذا القانون". وإلى جانب حركة سلام الآن، ستتقدم جمعية "حقوق المواطن" بالالتماس أيضا.

ويمنع "قانون التسوية" المحاكم الإسرائيلية من اتخاذ أي قرارات بشأن تفكيك المستوطنات العشوائية المقامة على تلك الأراضي، ويعتمد مبدأ التعويض بالمال أو الأراضي.

تحصيل حاصل
الباحث في الشئون الإسرائيلية، عمرو زكريا، أكد أنه بقراءة متأنية لهذا القرار نجد أنه قرار لا فائدة منه "تحصيل حاصل"، فرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يعلم جيدًا أن هذا القرار مخالف لقوانين الأساس الإسرائيلية (التي هي بمثابة الدستور) وأن أي طعن عليه سوف يؤدي إلى إلغائه. 

وهو ما قامت به بالفعل اليوم منظمات حقوقية إسرائيلية أمام محكمة العدل العليا، فلماذا إذًا اتخذ نتنياهو هذه الخطوة؟؟

أزمة حقيقية
وأوضح زكريا أن نتنياهو يشهد هذه الفترة أزمة حقيقية كبيرة في إسرائيل على خلفية التحقيقات معه بتهم الفساد، وقبلها تصويت مجلس الأمن على عدم مشروعية بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فأراد نتنياهو أن يثبت للعالم من خلال تمرير هذا القانون أنه لا يخضع للضغوط الدولية التي تمارس عليه لوقف الاستيطان، وبرز ذلك أيضًا بتصديقه على بناء أكثر من خمسة آلاف وحدة استيطانية في مناطق الضفة الغربية، وذلك بعد أقل من أسبوعين من تولي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الرئاسة، معتمدًا في ذلك على صداقته القديمة مع الرئيس الأمريكي وأنه لن يلقى توبيخًا منه على هذه الخطوة.

إرضاء الأحزاب الدينية
ومن ناحية أخرى تأتي خطوة قانون "التسوية" والتصديق عليه في الكنيست لإرضاء الأحزاب الدينية اليهودية التي تدفع الحكومة الإسرائيلية وتضغط عليها من أجل بناء المزيد من المستوطنات وشرعنة المستوطنات القائمة، خاصة بعد قرار محكمة العدل العليا في إسرائيل بإخلاء بؤرة عامونة الاستيطانية.

فجاءت هذه الخطوة لترضية اليمين الإسرائيلي الديني المتشدد برئاسة حزب البيت اليهودي ورئيسه بينيت. 

وتابع أنه رغم إدراك نتنياهو أن هذه الخطوة ستثير العالم ضده إلا أنه اتخذها معتمدًا على إلغاء محكمة العدل العليا في إسرائيل له وبذلك يلقي باللائمة على المحكمة العيا، ويتخلص من ضغوط الأحزاب اليمينية المتشددة في هذا الشأن.

الواقع السياسي
وأردف أن الواقع السياسي في إسرائيل يشهد هذه الأيام أزمة حقيقية بعد تكرار فترات تولي رئيس الحكومة نتنياهو للسلطة أكثر من مرة، مما جعله يشبه الكثير من أنظمة الحكم في العالم العربي، وتشبعه بحب السلطة والكرسي وهو سبب أزمات العالم العربي. وقد دفع حب نتنياهو للسلطة إلى استعداده القيام بأي شئ من أجل الحفاظ على كرسيه حتى ولو على حساب مصلحة إسرائيل نفسها وصورتها أمام العالم الخارجي، وحتى في المجتمع الإسرائيلي نفسه واستعداده لإرضاء أي طرف من أجل تحقيق هذا الهدف. وهو ما يزيد من المعارضة له في المجتمع الإسرائيلي.

ومن ناحية أخرى أصبح المجتمع الإسرائيلي أكثر تشددًا بعد غياب يسار إسرائيلي حقيقي يستطيع أن يقنع الناخب الإسرائيلي بانتخابه كبديل لليمين المتشدد الذي أصبح متشددًا بدعوى الحفاظ على تماسك المجتمع الإسرائيلي والدولة اليهودية، مستغلًا الأحداث التي تشهدها المنطقة من عدم استقرار، مقدمًا نفسه على أنه الضامن للمجتمع الإسرائيلي من الوقوع في الفوضى (يا أنا يا الفوضى)، مستشهدًا بذلك بالدول العربية التي انهارت بسبب التحديات الأمنية التي تشهده المنطقة من انتشار للإرهاب.

إشعال حرب
كما أن نتنياهو على استعداد لافتعال الأزمات بنفسه، الأمنية منها على وجه الخصوص، التي قد تصل إلى إشعال حرب في المنطقة (على غزة على وجه الخصوص)، كلما شعر أن "عرشه" في الحكم يهتز، ولقد شهدنا ذلك في الحروب الأخيرة على غزة، فكلما مر نتنياهو بأزمات سياسية في حكومته افتعل حربًا على غزة ليشغل الشعب عن مشكلاته الداخلية مع حكومته. ولقد شهدنا في اليومين الأخيرين بداية لهذه الخطة مع بداية قصف الطيران الإسرائيلي لبعض الأهداف في غزة بحجة إطلاق قذائف على إسرائيل.

التخلص من اليمين
ورأى أن الحل للتخلص من اليمين المتشدد في إسرائيل كامن في يد الشعب الإسرائيلي نفسه ومن الخطوات التي يجب اتخاذها: على الأحزاب اليسارية والحركات الداعمة للسلام في المنطقة العمل على تغيير الوعي لدى الناخب الإسرائيلي، تغيير نظام الانتخابات في إسرائيل الذي يعتمد على نظام القوائم فقط. كل الحكومة بعد فوز حزب معين بأغلبية المقاعد وليس عبر تشكيل حكومة ائتلافية. دم السماح للعسكريين من جيش وشرطة، لمن هم في الخدمة بالتصويت. عدم السماح لرئيس الحكومة بتولي أكثر من فترتين لرئاسة الحكومة سواء متتاليتين أو متفرقتين. وإذا ما تحقق كل ذلك فإنه من الممكن الوصول إلى سلام حقيقي.
الجريدة الرسمية