رئيس التحرير
عصام كامل

نعم.. أنا مستفيد من جامعة الدلتا!


حينما كتبت عن مشكلة أرض جامعة الدلتا مع محافظ الدقهلية البعض رأى في ذلك مصلحة شخصية، لأنها مشروع خاص وأصحاب المشروعات الخاصة يجب فرمهم وعدم مساندتهم كأنهم أعداء للوطن والدفاع عنهم شبهة، ولمن توهم ذلك أقول بصراحة: نعم.. أنا مستفيد من جامعة الدلتا، ولي مصلحة شخصية في الدفاع عنها، مثل مصلحتي في الدفاع عن أصحاب المصانع المغلقة، (5000 مصنع)، وأيضًا أصحاب مصنع (المتحدون) لإنتاج المحاليل الطبية، ومصنع (لاكتو مصر) لإنتاج ألبان الأطفال، الذي تركه صاحبه منذ 7 سنوات وهاجر، وربما يكون مات بالسكتة القلبية..


ولأننا في زمن ما يعلم به إلا ربنا وكل شيء فيه بالإيجار حتى الرجال والأقلام فإنني لا أستغرب إطلاقًا من هذا الكلام، وسبق وتعرضت له حتى حينما تنازلت عن نصف مرتبي للدولة من عملي كمستشار إعلامي لوزارة النقل وهيئة الطرق والكباري، وحينما تبرعت بحوافز عام لصندوق تحيا مصر من مستحقاتي المالية كمدير عام في ماسبيرو..

البعض رأى ذلك إما جنونًا أو بمقابل، هو فعلًا بمقابل كبير جدًا وهو حبي لبلدي الذي لا يعرف قيمته ولا يقدره أصحاب النفوس المريضة، ماذا يفيد المال إذا ضاعت مصر ونحن لا نحمل سوى جنسيتها؟

والبلد تضيع إذا لم يجد أبناؤها فرص عمل تفتح لهم أبواب الرزق الحلال، وتنقذهم من مستنقع الجريمة والإرهاب، وفرص العمل لن تكون إلا من خلال تشجيع القطاع الخاص، فالدولة لا تملك أموالًا لبناء المصانع ولا تعيين بالجهاز الإداري، مصلحتي الشخصية في الدفاع عن المستثمر الجاد والمصانع المغلقة لأن الإنتاج هو الحل لمشكلات ارتفاع الأسعار، وانخفاض الجنيه، وتوفير العملة الأجنبية، والقضاء على البطالة التي ستنفجر في وجوهنا جميعًا..

دولة المغرب الشقيقة تمنح الأرض مجانًا للمستثمر وتعفيه من الجمارك والضرائب، وتسمح بتصدير كل منتجاته للخارج بشرط تشغيل الخريجين، وهى أعظم قيمة اقتصادية، ولذلك طائرة المغرب انطلقت إلى عنان السماء ونحن منذ 3 سنوات غير قادرين حتى على صياغة قانون للاستثمار، رغم أن القانون لن يجذب المستثمر الأجنبي إذا كان المستثمر المحلي يعاني، حتى لو أصدرنا مليون قانون لن يجدي طالما أن لدينا مسئولين أمثال محافظ الدقهلية الذي يجبر أصحاب جامعة الدلتا التوقيع على عقد انتفاع أرض الجامعة لمدة خمس سنوات، وكأنها محل كشري أو شقة ايجار مؤقت للدروس الخصوصية..

أين أجهزة الدولة من هذا العبث مشروع قيمته مليارات الجنيهات كيف يكون مرهونًا بمزاج محافظ الإقليم كل خمس سنوات!؟ أصحاب المشروع تقدموا منذ 12 عامًا لشراء الأرض، ولو استجابوا وقتها للمطالب غير المشروعة كانوا حصلوا على أفضل منها وبالمرافق وبأرخص الأسعار، أرض جامعة الدلتا التي كانت مقلبًا للقمامة والصرف الصحي، قيمتها وقت تخصيصها كانت لا تساوي مليمًا..

بالمناسبة الجامعة الأمريكية اشترت المتر بجنيه واحد بالمرافق في التجمع الخامس، والجامعة الألمانية 134 جنيهًا بالمرافق في التجمع أيضًا، والبريطانية في الشروق ب 90 جنيهًا أما جامعتي 6 أكتوبر ومصر للعلوم والتكنولوجيا سعر المتر بالمرافق 70 جنيهًا بمدينة 6 أكتوبر، ومحافظ الدقهلية يريد تأجير المتر في مقلب القمامة لجامعة الدلتا بـ750 جنيهًا حق انتفاع 5 سنوات، ومعهم موافقة مجلس الوزراء على شرائه بـ305 جنيهات وليس حق انتفاع..

على فكرة أنا مؤيد تمامًا لحصول الجامعات التي ذكرتها على الأرض حتى بالمجان، فبالإضافة لخدماتها التعليمية، وتوفير فرص عمل وسداد مستحقات الدولة من ضرائب وتأمينات، فإنها أحدثت نهضة عمرانية وأحيت المناطق المحيطة بها، وهذه قيم اقتصادية لا تقدر بمال، وأهم من قيمة الأرض، فلدينا 95% صحراء جرداء، ما الذي جعل المصريين يحتلون المركز الأول عالميًا في شراء عقارات في دبي، واستثمار أموالهم في المغرب وقبرص واليونان؟

ما الذي دفع المواطن للهروب بأمواله والبحث عن وطن بديل إلا طلوع روحه مع مسئولين أمثال محافظ الدقهلية؟

المواطن المصري يحصل على أراضي الاستثمار مجانًا في الدول الأجنبية، وفي بلده قد يفقد حياته قبل أمواله لشراء أرضه بسبب العقول والقوانين العقيمة التي يجب نسفها.. بحق الأبطال الذين استشهدوا أو فقدوا أعضاءهم برصاص الإرهابيين أحسِنوا اختيار المسئولين واللهم احفظ مصر.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية