رئيس التحرير
عصام كامل

د. جودة عبدالخالق وزير التموين الأسبق: الدولة تعلن الحرب على الفقراء وتترك الشعب للمستغلين

فيتو

  • الناس ترى أن الرئيس تركهم فريسة في يد "نهيبة" يمتصون دماءهم
  • لا يوجد بأمريكا كعبة الرأسمالية ما يسمى فوضى أسعار 
  • ليس لدينا بورصة بل "كازينو قمار".. والحيتان الكبار يتحكمون بها
  • المصريون عاشوا لفترة طويلة "عيالا للدولة"
  • الرئيس ينجح في الحصول على فترة رئاسة جديدة رغم تراجع شعبيته
  • سعر "البيضة" في مصر أغلى من سعرها في نيويورك 
  • الحكومة تترك التجار يعربدون كما يريدون
  • البنك المركزى حاليا "بيتفرج" وطارق عامر ليس رجل اقتصاد 
  • رفضت العودة إلى وزارة التموين في عهد مرسي لأننى لا أملك كتلة حرجة
  • شريف إسماعيل لا يمتلك مقومات التقدير السياسي وليس رجل المرحلة
  • لا ندرى من الذي يدير الاقتصاد
  • أخشى تقييد قضية فساد القمح ضد مجهول ولابد من برنامج تقشف للإنفاق الحكومى 
  • لدينا وزراء بلا "مايسترو".. ووزير الصناعة لا يصلح
  • يجب دمج عدد كبير من الوزارات وتخفيض عددها إلى 25 أو 26
  • لابد أن يكون هناك وزارة للاقتصاد تشمل قطاعات الاستثمار والتعاون الدولى والتجارة معا
  • التحول من الدعم العينى للنقدى وسيلة "شيك" لإفقار المواطنين
  • استطعت التغلب على التلاعب بمنظومة القمح عندما كنت وزيرا للتموين
  • العصر الذهبي لأصحاب المخابز كان في فترة خالد حنفي وما تلاها 
  • أتوقع مزيدا من ارتفاع في الأسعار بنحو 24% في آخر العام
  • سعر الأرز سيزيد بنسبة 77%
  • نفتقد الخطاب السياسي والحكومة اتخذت إجراءات بالغة القسوة
  • يجب على المسئول أن يقول للشعب "الحلو والمر على بلاطة"
  • التلكؤ في عرض "اتفاقية صندوق النقد" على مجلس النواب مخالف للدستور
أدار الندوة: إيمان مأمون - محمد زكريا

أعدتها للنشر: منى محمود
تصوير: ريمون وجيه

إرث ضخم من التعثر والأزمات الاقتصادية المتلاحقة وقع على كاهل المواطن المصرى البسيط خلال الفترة الأخيرة كنتيجة لتعويم الجنيه وما تبع ذلك من قرارات اقتصادية قاسية ترتب عليها ارتفاع حاد في الأسعار ليصبح المواطن المصرى ضحية كل هذه التداعيات فضلا عن شعور المواطن بعدم الثقة في الحكومة وسط الحديث عن تعديل وزارى وشيك وسط تساؤل المصريين وماذا بعد.. وما الذي يمكن أن تفعله حكومة جديدة أو وزراء جدد؟ استضاف "صالون فيتو" الدكتور "جودة عبد الخالق"، وزير التموين السابق، الخبير الاقتصادى لمناقشة ذلك الوضع المتأزم.

*بداية كيف ترى تكيف المصريين مع الأوضاع الاقتصادية المتأزمة وتعاملهم معها بحلول مبتكرة؟
لقد عاش المصريون لفترة طويلة من منطلق أنهم "عيال الدولة" حيث كانت الدولة هي التي ترعاهم ولكن يبدو من تعامل المصريين مع الأزمة الحالية أن الأمور تغيرت، وأرى أن هذا تغير إيجابي يجعل المواطن طرفا في المعادلة ويتحول من موقف المتلقي والمفعول به إلى موقف الفاعل وسيترتب على هذا شىء مهم من الناحية السياسية بأن يصبح المواطن شريكا في كل ما يجري، وبالتالى لابد من احترام رأيه ويؤخذ به.

*ماذا عن تجربتك كوزير ؟
تجربتي الشخصية كوزير تقترب من "افتكاسات المصريين" في مواجهة الأزمات، فقد كنت في معركة ضارية مع تجار الأرز الذين أصفهم بـ"مصاصي دماء الشعب"، ووددت أن يلعب الشعب دورًا حينما "يستقوى" تاجر الأرز على الدولة والمواطن، فطالبتهم بالبحث عن مادة غذائية أخرى لتكون بديلًا عن الأرز لصناعة المحشى وهى الأكلة المفضلة لديهم، وطرحت فكرة "لسان العصفور" كبديل، وفعلت هذا لأنه من منطلق الحفاظ على الحرية لابد أن تمتلك الخيارات.

*لماذا يجب على المواطن تحمل أعباء الأزمات بمفرده وأين دور الدولة؟
ترتقى الأمم حينما تتحول الشعوب من رعايا إلى مواطنين، وفكرة "عيال الدولة" التي تحدثت عنها تعنى أن الشعب رعايا لا أهمية لآرائهم، بينما المواطنون يكونون شركاء في اتخاذ القرارات ويعبروا عن رغباتهم وأولوياتهم والمسئولون لابد من أن يتجاوبوا مع هذه الرغبات والتوجهات، وبإسقاط هذا على الوضع الاقتصادى الحالى، نجد أن هناك غيابا للخطاب السياسي، فلا يوجد أي مسئول يخاطب المواطنين، ولابد على أي مسئول سواء كان رئيسًا أو رئيسا للوزراء أو وزيرا أن يكون حريصًا على وجود همزة وصل بينه وبين الناس ليوضح لهم طبيعة الأمور، وأن يقول "الحلو والمر على بلاطة"، وأن يفصح عن خطته لمواجهة الأوضاع القائمة وما دور وواجبات كل من الدولة وممثليها والشعب في ظل المرحلة الصعبة التي تتطلب عدالة في تحمل أعباء المرحلة الصعبة التي نمر بها، فهى مسئولية مشتركة وتحتاج إلى خطاب سياسي ورؤية. 

*هل ترى أن الحكومة بوضعها الحالى قادرة على مواجهة هذه الظروف الصعبة؟
يتحرك البشر بين الرغبة والقدرة، فمن الممكن أن يكون لدى أحدهم الرغبة ولكنه عاجز، أو يمتلك القدرة ولكنه يفتقد إلى الرغبة، وقمة المأساة أن الحكومة تفتقد الاثنين، ففى تصريحات متكررة سواء على لسان المهندس شريف إسماعيل أو وزراء حكومته فإن مصر تطبق اقتصاد السوق الحر وبالتالى لا نتدخل في الأسعار، إذا فالحكومة لا رغبة لديها في التدخل فلا تشغل بالها في التفكير في آليات تصحيح الوضع، وهذا وضع خطير لأنه خطأ فاحش أن تتصور الحكومة أن اقتصاد السوق يعنى ترك الحبل على الغارب وأن يترك الذئب ينقض على الغنم، واقتصاد السوق كما أفهمه ويفهمه الاقتصاديون هو الاحتكام إلى آليات السوق من عرض وطلب ولكن مع تنظيم جانب العرض وجانب الطلب.

*وهل اقتصاد السوق الحرة يعنى معاناة الشعب من فوضى الأسعار؟
اقتصاد السوق الحرة لا يعني أن تقف الدولة مكتوفة اليدين لأنه من المعروف أن للسوق أخطاء، وبهذه المناسبة من تجربتي الشخصية كأستاذ جامعى لقد ذهبت إلى الولايات المتحدة الأمريكية كأستاذ زائر في خمس من الجامعات الأمريكية، وبالرغم من أن أمريكا هي كعبة الرأسمالية فإنه لا يوجد هناك ما يسمى فوضى أسعار، وأنا أجزم أننا إذا قارنا بين سعر "البيضة" في مصر وفى نيويورك بالسعر المطلق سنجد أنها أعلى في مصر في ظل متوسط دخل المواطن الذي يعيش في نيويورك يصل إلى 40 ألف دولار سنويا وأكثر، والمواطن المصري 3000 دولار وأقل.

*كنت وزيرا للتموين كيف تمكنت من ضبط منظومة الخبز ومنع التلاعب الذي شاهدناه مؤخرا ؟
تمكنت أثناء تقلدى منصب وزير التموين من ضبط منظومة الخبز قبل تعرضها إلى "اللعب" الذي حدث بها مؤخرًا، كان ذلك بالاعتماد على الاقتصاد لأن إدارة شئون أي مجتمع لابد أن تحتكم إلى السياسة والعلم، فالمطحن في عهدي كان يجب أن يدفع ثمن القمح، وكان يجب عليه أن يطحنه، وكذلك المخبز الذي كان يريد أن يقدم خبزا طبقًا للمواصفات يدفع ثمن الدقيق، لذلك ألقيت عن عاتقي حمل مراقبة المطاحن والمخابز وأصبحت مسئوليتي هي مراقبة المواصفات فقط، وللعلم فإن العصر الذهبي لأصحاب المخابز كان في فترة "خالد حنفي" وما تلاها والشيء ذاته بالنسبة للمطاحن.

*هل كان تعويم الجنيه شرطا لصندوق النقد الدولى ؟
أخشى أن يكون صندوق النقد الدولى يورطنا، وهذا تصريح مفزع للغاية وأشم به رائحة كريهة فبعثة الصندوق زارت مصر في يونيو 2016 ومكثت فيها شهرين، وقابلت كل من يملك رقما في مصر كما اطلعت على الدفاتر والدراسات والتحليلات، وحينما نجد أنه يطلق تصريحات عن أنه لم يكن يتوقع تدهور الجنيه إلى هذا الحد فإن هذا بمثابة علامة استفهام كبيرة، والمسألة ليست بريئة ولكن العيب الحقيقي على الحكومة التي وقعت على مثل هذا الاتفاق، ولقد تحدثت عن موضوع الصندوق في أربع محاضرات علمية وقلت إننا لا نعرف أبعاد الموضوع لأننا لم نر الوثائق لنتأكد هل الذي اتفق عليه بالنسبة للجنيه هو مرونة أكبر في سعر الصرف أم تعويم، لأنه بموجب الاتفاق مع الصندوق نحن ملزمون بتطبيق ما هو متفق عليه وإلا أقساط القرض لن تكمل، وإن كان الموضوع يتمثل في مرونة أكبر في سعر الصرف يكون له خط رجعة، لكن التعويم لا خط رجعة لنا.

*هناك آراء تشير إلى أن الاتفاق على "قرض صندوق النقد" كان متضمنًا في الموازنة العامة للدولة التي وافق عليها البرلمان.. تعقيبك؟
لابد من وضع النقاط على الحروف، فالموازنة العامة للدولة تصدر بقانون، والدستور هو أبو القوانين، لذا فإن كل القوانين لابد أن تصدر من الدستور ومن هنا جاءت فكرة الدستورية وعدم الدستورية، والموازنة التي عرضت على البرلمان تتضمن البيان المالى الذي يقدمه وزير المالية والإجراءات، والبرلمان لا يناقش كل شىء بل يوافق بعد عرض الموازنة وبالرجوع للقانون الذي أصدره مجلس النواب بإقرار الموازنة العامة للدولة، لا نجد في الديباجة الخاصة به لا ذكر للقروض أو الإجراءات، فقرض مثل قرض صندوق النقد الدولى كان لابد من عرضه على البرلمان، وهذا ما لم يعرض حتى هذه اللحظة على البرلمان بالرغم من مرور أكثر من 70 يوما.

*هناك من يقول إن "قرض صندوق النقد" غير دستوري.. فلماذا لجأت الحكومة إليه وهل هو بالفعل "طوق النجاة" ؟
هو الذي أدى بالحكومة لكى تلجأ إلى صندوق النقد الدولى وأنت ترتضى بهذه الإجراءات شديدة القسوة على الشرائح منخفضة الدخل، وأرى أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولى والحصول على قرض في سياق هذا الاتفاق يُعد اتفاقًا دوليًا، ويعنى أن مصر حصلت على قرض من جهة ما، والدستور يحوى مادة تقول إنه "لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب، وأرى أن التلكؤ في عرض هذا الاتفاق على مجلس النواب مخالف للدستور.

*هل كانت هناك أي بدائل لاتفاقية صندوق النقد الدولى ؟
لقد تعرض الاقتصاد المصري منذ 2011 لعدة صدمات اقتصادية، بسبب الجو العام والفوران الاجتماعى والسياسي وما تعرضت له السياحة والاستثمارات، وإذا تم جمع كل هذا سنجد أن الفاتورة كبيرة للغاية، وأرى أنه كان يمكن لمن يدير البلد التوجه بموجب هذه المعطيات إلى منظمة التجارة العالمية وتقديم دلائل تفيد عدم جدوى ترك الواردات تتدفق، ووفقًا للمادة 18 من اتفاقية الجات عام 1994 فإذا تدهورت أحوال اقتصاد بلد ما بما يشكل تهديدًا للاحتياطي النقدى لديها أو سلامة الاقتصاد فمن حق هذا البلد اتخاذ أي تدابير لتقليل الواردات بشرط الاتفاق مع الأطراف في إطار منظمة التجارة العالمية.

*هل ثورة الدولار الجانح وترنح الجنيه بعد تعويمه يعطل الاستثمار في مصر؟
لا يوجد سوق مطلق من كل ضابط، والحكومة لا تريد وضع ضوابط على العرض أو الطلب بالنسبة للدولار، وبالتالى سيتوقف سعره على هذا الوضع في لحظة ما، وهذا يعني أن المستثمر المباشر الذي تريده البلد لا يملك أفقا زمنيا يسمح له بالحساب الدقيق لكى يتخذ قراره بالاستثمار، وبالمناسبة لقد أصاب هذا الوضع عدة مشروعات استثمارية موجودة بالفعل بالضرر، لذا فإن هذا وضع معوق بكل المقاييس إلا مع توافر رءوس الأموال الساخنة، فمع انهيار قيمة الجنيه بالمعدل الذي حدث، كل شىء في مصر أصبح أقل من نصف قيمته في السابق.

*وماذا عن الأسعار هل تتوقع زيادتها مرة أخرى وكيف يمكن التصدى لها ؟
أتوقع أن يكون هناك ارتفاع في الأسعار بنحو 24% في آخر العام، وسلعة الأرز على سبيل المثال معدل الزيادة بها 77%، وحينما نرى أهمية الأرز لبعض الشرائح متوسطة الدخل وعدد أفرادها كبير وتعتمد عليه بشكل يومى نجد الموضوع قاسيا، وكذلك ارتفاع سعر السكر، وأرى أن الحكومة تترك التجار يعربدوا كما يريدون، وكذلك تتدفق الواردات كأن شيئًا لم يكن، وزيادة قيمة الدولار هي السبب الرئيسي لارتفاع السلع، وهو ما يسمى ترجمة الزيادة في سعر المال الأجنبي إلى السعر المحلى للسلع.

*وماذا عن دور البنك المركزى لمحاولة السيطرة على سعر الدولار ؟
البنك المركزى في إطار اقتصاد السوق هو ضابط الإيقاع، ولكنه حاليا "بيتفرج"، وأرى ضرورة إعادة النظر في أمره وإيجاد حل له، مع احترامى لطارق عامر فهو ليس اقتصاديا، فالقاعدة الذهبية التي تسري في دول العالم أن من يتقلد منصب محافظ البنك المركزى لابد أن يكون اقتصاديًا ومن طراز رفيع.

*لماذا رفضت العودة إلى الحكومة في عهد مرسي؟
رفضت العودة إلى وزارة التموين في عهد مرسي لأننى لا أملك كتلة حرجة، فلم يكن هناك اتصالا بين الوزارات المعنية وكنت في كفة مناظرة لكفة بها كل زملائى بالوزارة وهى عملية ليست مريحة لأننى كنت في مناقشة مستمرة مع كل الموجودين.

*تقييمك للبورصة المصرية ومدى نجاحها ؟
نحن ليس لدينا بورصة بل نمتلك "كازينو قمار"، فالبورصة من المفترض أن تكون سوقًا لتداول الأوراق المالية، لكى يمكن لأى بورصة أن تعمل بهذا الشكل لابد أن تمتلك عدة مقومات، أولها أن يكون عدد الأوراق كبيرا، والسعر الذي نراه بالنسبة إلى الأوسع نطاقًا كل يوم هو السعر الذي تُحدد حركته أسهم لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة، ثانيًا معلومات المتعامل في البورصة، وقد يوظف أحد السماسرة هذه المعلومات لتحقيق أرباح إما لحسابه أو لحساب شخص آخر، والضوابط هنا ليست صارمة، لذلك نجد فجأة أن المؤشر ارتفع إلى عنان السماء، وفجأة انخفض دون أي علاقة بالواقع الاقتصادى لهذا المجتمع، وهذا يعني أنها تعمل لأصحاب المصالح، وبالطبع هناك عشرات الآلاف من المستثمرين في البورصة منهم الحيتان الكبار وهم صناديق الاستثمار الذين رحب بهم الرئيس منذ عدة أيام وهذا أثار اندهاشى لأن هؤلاء يحركون مئات الملايين من الدولارات عبر أسواق المال بدافع تحقيق أرباح كانت الحكومة قد جمدت الضريبة عليها لمدة ثلاث سنوات.

*وما تقييمك للدعم النقدى والعينى ؟
الآن لم يعد هناك دعم عيني إلا لسلعة واحدة وهى رغيف الخبز، فمنذ أيام خالد حنفي أصبح الدعم هو منح المواطن 15 جنيها ليشتري هو ما يريد، انطلاقًا من حرية المستهلك في الاختيار، والنتيجة أن الأسعار زادت، وبالتالى زاد مبلغ الدعم ليصل مؤخرًا إلى 21 جنيها، وفى رأيي من الخطأ النقل من الدعم العيني إلى النقدى لما لهذا الأخير من اشتراطات أولية لابد من توافرها قبل تطبيقها، أولها القدرة على السيطرة على الأسعار وهى قدرة غير موجودة، لذا فهى وسيلة "شيك" لإفقار المواطنين بدعوى أننى أمنحهم دعما نقديا، ثانيًا القدرة على الوصول إلى مستحقى الدعم النقدى وتقديم الدعم النقدى لهم، وهو ما استغرق وقتا طويلا لمراجعة بطاقات التموين ولم ينته هذا الأمر حتى الآن، وأنا لا أغلق الباب نهائيًا أمام الدعم النقدى ولكنه ليس مناسبًا الآن.

*مع الحديث عن تعديل وزارى وشيك.. كيف تقيم حكومة شريف إسماعيل؟
أرى أن رئيس الوزراء لابد من أن يكون مايسترو، ولكننا حاليًا لدينا فرقة موسيقية بلا مايسترو، فقدرات شريف إسماعيل كوزير بترول سابق عظيمة ولكن قدراته كرئيس وزراء شىء مختلف، فهو لا يمتلك مقومات التقدير السياسي وتحديد الأولويات وعمل المواءمات والموازنات، وهو ليس رجل المهمة ولا المرحلة، وفى حالة حدوث تعديل وزارى أرى ضرورة دمج عدد كبير من الوزارات وتخفيض عددها إلى 25 أو 26، وأنادى بأن تكون هناك وزارة للاقتصاد تشمل قطاعات الاستثمار والتعاون الدولى والتجارة، لأننا حاليًا لا ندرى حقيقة من الذي يدير الاقتصاد.

*وماذا عن الوزراء؟
نحتاج إعادة النظر في بعض الوزراء، وأرى أن وزير الصناعة الحالى غير ملائم، وتقليديًا يتولى هذه الوزارة مهندس وأرى أن هذا خطأ لأنه لابد أن يكون لديه أفق سياسي، ورشيد محمد رشيد سواء اختلفنا أو اتفقنا عليه كان لديه أفق سياسي.

*ما تقييمك لأداء الرئيس السيسي وإمكانية ترشحه لفترة رئاسية جديدة وهل تراجعت شعبيته؟
بالطبع تراجعت شعبيته وهذا بناء على آراء المحيطين بى ومن أقابلهم من المواطنين، مثال أبناء الصعيد الذين يئنون من الشكوى خاصة أنهم كانوا يرون أن الرئيس هو المنقذ، حاليًا وجدوا اختلافا وأن الرئيس تركهم فريسة في يد "نهيبة" يمتصون دماءهم، أما فيما يخص التجديد له فإن الدستور قد منحه الحق في الترشح لفترة رئاسية أخرى ولكن أعتقد وفقًا لقراءتى للمشهد السياسي أنه سينجح مرة أخرى ولكن بدرجة أقل من التأييد من المرة السابقة، في ظل فراغ الساحة السياسية المحلية، وطبيعة الأوضاع السياسية الإقليمية والدولية.

* 6 سنوات مرت على 25 يناير ولم يشعر المصريون بثمار ثورتهم بل تملكهم الإحباط.. فما رأيك وقد كنت من أول من نادى بشعار الثورة "عيش حرية عدالة اجتماعية"؟
كتبت عمودا في ذكرى الثورة بعنوان "يوم مولدى" في إشارة لثورة يناير خلال ست سنوات من ثورة 25 يناير تمكننا من خلع رئيسين وكتبنا دستورين وانتخبنا برلمانين ونحارب الإرهاب حاليًا، بما يعنى أن ثمة نتائج تختمر وتكتمل تحت السطح، أي أن نتائج الثورات ستظهر مع الوقت فالثورة الإنجليزية أتت ثمارها بعد 35 عاما فمع الوقت أيضًا سنشعر بالتغيير وسيظهر البديل.

*ما المقصود باقتصاد الحرب؟
اقتصاد الحرب يعني أن الإنفاق لابد أن يتناسب مع طاقة الحمل للاقتصاد، وأن تلعب الدولة دورًا مهمًا في إدارة موارد المجتمع ومنها النقد الأجنبي الذي لا يقل أهمية عن ذخيرة مواجهة الإرهاب، وما حدث في قضية فساد القمح التي أخشى أن تُقيد ضد مجهول، يؤكد أننا لا نملك نزعة اقتصاد الحرب لأننى إن كنت أملكها لن أسمح بإجراء تصالح، فمنطق اقتصاد الحرب أن أخصص النقد الأجنبي للأشياء المهمة كلبن الأطفال وأدوية الأمراض المزمنة وليست لـ "اللبان"، وحينما أرى اجتماعات الحكومة لا نجد أي مظاهر للتقشف، ولابد أن نملك برنامجا لتقشف الإنفاق الحكومى الجارى بحيث يقل على الأقل 20% وفيما يتعلق بالإنفاق الاستثمارى فلابد من تأجيل ما يمكن تأجيله حتى يتم ضبط الوضع الاقتصادى.

*ما صحة حصول الدولة على أموال التأمينات والمعاشات ؟
في صحيح القانون تُعد أموال التأمينات أمولًا عامة ولكنها في حكم المال الخاص، فهى من مدخرات العاملين عبر سنوات عملهم ومن حق المواطن أن يجد العائد عليها، وفى تقديري فإن الدولة وضعت يدها على هذه الأموال، وبالتالى هذا يحتاج إلى علاج سياسي وفنى، والمواطنون أصحاب المعاشات من أكثر الناس احتياجًا لرعاية المجتمع واستحقاقا لهذه الأموال.

*هل يمكن أن تتحسن الأوضاع خلال 6 شهور كما وعد الرئيس؟
ما لم يحدث تغيير جذري في السياسات التي تطبق وتعديل الاتجاه بحيث ألا نعلن الحرب على الفقراء والطبقة الوسطى بل على الأعداء المستغلين للشعب، في هذه الحالة يمكن بدعاء الوالدين أن تنصلح الأحوال ولكن هذا الإصلاح ليس من منطلق اقتصادى.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو". 
الجريدة الرسمية