رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هل تفضل دعما نقديا أم عينيا؟ ( 3 )


ومع تسليمنا بوجهة النظر التي تؤكد أن الدعم النقدي سيؤدي إلى ظلم طبقة كبيرة من أبناء الطبقة الفقيرة من الشعب، إلا أن تطبيق الدعم النقدي لن يكون ارتجاليًا أو بصورة عشوائية كما نجد في كثير من قرارات الحكومة لكنه -ينبغي أن يكون– تحت دراسة مستفيضة بما يوفر برامج للحماية لعلاج آثار تطبيق الدعم النقدي.


وفي هذه المسألة لنا تساؤل مشروع، وهو لماذا لا يتولى حقيبة وزارة التموين وزير له فكر من خارج الصندوق كما فعلها الوزير خالد حنفي الذي نتحفظ على ظروف إقالته؟

المهم أنه كان وزيرًا صاحب فكر، استطاع في ظروف عصيبة أن ينجح منظومة الخبز، ويجعل أصحاب المخابز يعطون أفضل ما عندهم من رغيف، وأنهى طوابير الزحام على الخبز تلك التي عادت مرة ثانية بغرابة شديدة، كما عاد الرغيف إلى عدم الجودة دون أي رقابة حقيقية، كما كان لخالد حنفي فضل تطبيق منظومة التموين بصورة غير مسبوقة وعادلة، تلك المنظومة التي بدأت في الخروج عن استقامتها بعد خروجه مباشرة من الوزارة، فمنيت بنقص السلع، كما منيت بارتفاع الأسعار، ومع تسليمنا بأخطاء خالد حنفي في بعض الأمور فإننا نطالب بأن يكون وزير التموين على شاكلته في الفكر المستنير، وليس وزيرًا يعمل بنفس الأساليب العتيقة القديمة، ولا يجد حلا سوى تحميل المواطن فارق الأسعار في السكر أو الزيت.

نحن نريد وزيرًا مبدعًا في مجال التموين تحديدًا –إذا لم تلغ تلك الوزارة بعد الدعم النقدي– فعلى سبيل المثال من الأفكار الجديدة نجد أن الحكومة تقر بوجود أرصدة ضخمة في البنوك، ونعلم جميعًا أن أسعار السلع المستوردة مثل التموين في بلدها أسعارا ليست مرتفعة، وإنما يقوم المستورد بتحقيق أرباح خيالية من فارق السعر في مصر عن بلد المنشأ، فلماذا لا تقوم وزارة التموين بهذا الدور، بمعنى أن تقترض من البنوك مثلا مليار دولار تشتري به الزيت من الخارج دون جمارك بالطبع، وتقوم بتوزيعه مباشرة على المجمعات والبقالين التموينيين بسعر عادل، هنا يتحقق وجود السلعة وعادلة سعرها ومنافسة المستورد الذي سيقلل من أرباحه حتى ينافس الحكومة، وطبعًا الحكومة ستكون قد حققت أرباحًا تعود على البنوك أو المودعين، وحققت الأهم وهو وجود السلعة وتوافرها بسعر عادل يلائم الشعب.

وبالطبع ستقوم الحكومة هنا بدور المستثمر -الذي تنتظره الحكومة بفارغ الصبر رغم أن الحكومة لديها أكثر من إمكانيات المستثمر الأجنبي- فهي لديها المال والأرض والجمارك والسوق المفتوحة، فلماذا إذا انتظار المستثمر الذي يأتي ليقترض أموال البنوك ويزداد ثراء على حساب الشعب دون أن يقدم أي شيء إيجابي للشعب المطحون؟

فهل ستستمر الحكومة في دعم المستثمرين والمستوردين على حساب الشعب المطحون؟ ألن تقوم برفع العبء عن هذا الشعب؟

الأمر بسيط جدًا لو كانت النية خالصة ولا يشوبها فساد ومحاباة للمستثمرين والمستوردين وكبار رجال الأعمال، ويتلخص في أن تبادر الحكومة بنفسها في مواجهة غول الأسعار الذي سببته هي بسبب تعويم الجنيه ورفع الدعم عن المحروقات، وذلك بأن تقوم الحكومة بدور المستثمرين المنتظرين، فتنشئ هي المصانع بنظام القطاع الخاص، خاصة أن الحكومة لديها الأرض والسوق والأيدي العاملة والمال المكدس في البنوك وتملك المرافق المختلفة، فإذا فعلت الحكومة ذلك الدور جعلت من مصر مركزا عالميا للصناعة والتجارة بدلا من انتظار مستثمر ينهب أموال المصريين، والسؤال لماذا لا تقوم الحكومة بهذا الدور؟ والإجابة مُرّة.
Advertisements
الجريدة الرسمية