رئيس التحرير
عصام كامل

الخسارة الكروية انعكاس للفشل العام


لم أتابع مباراة منذ زمن واكتفي بمقتطفات سريعة وأهم مجريات الملعب في البطولات المهمة. لكن مع المبالغة المعتادة في الاحتفاء بفوز المنتخب وإطلاق الألقاب بلا حساب على اللاعبين خصوصا حارس المرمى عصام الحضري، كما لو كنا فزنا في كأس العالم وليس بطولة أفريقيا، شاهدت إعادة لمباراتنا مع بوركينا فاسو فوجدت أننا فزنا بشق الأنفس ولولا تمكن الحضري من صد ركلات الترجيح لغادرنا البطولة.. وصولنا النهائي وسط المبالغة في الإشادة بالمنتخب والمدرب، جعلني أشك في إمكانية الفوز، كما أن فرط ثقة اللاعبين وتصريح المدرب "حاسبوني على النتيجة وليس الأداء" كان لهما تأثير سلبي جدا.


تابعت النهائي فوجدت أن لدينا نجوما وأسماء لامعة فيما يعتمد منتخب الكاميرون على لاعبين مغمورين، لكنهم تفوقوا علينا بالإرادة والأداء وفق خطة. صحيح لعبنا جيدا في البداية حتى سجلنا هدفا، ثم بدأ بعده "العك الكروي" والأخطاء الساذجة التي لا يرتكبها مبتدئون!. لم تكن هناك خطة ولا أداء ولا تحركا مدروسا ولا هجمات، بل تشتيت للكرة فترتد علينا هجمة منظمة، وزاد الطين بلة أخطاء الدفاع القاتلة، وعدم تحرك عصام الحضري لمحاولة صد الكرة في الهدفين اللذين فقدنا بهما البطولة!!.

الخسارة الكروية ليست جديدة علينا، لكن الغريب هو الفرحة بالمركز الثاني وكأنه إنجاز، واستقبال الرئيس السيسي للمنتخب في المطار، ولا أعرف ماذا كنا فعلنا أكثر لو عادوا بكأس أفريقيا والميداليات الذهبية؟!.. والأغرب من هذا لم نسمع عن نية تحقيق لتحديد أسباب خسارة البطولة، والعمل على تلافيها مستقبلا، خصوصا أن الأخطاء واضحة والتقصير يتحمله الجميع مدرب وجهاز فني ولاعبون.

أصبح الفشل سمة عامة في مصر، لذا فرحنا بالمركز الثاني ونسينا خسارة البطولة أمام لاعبين مغمورين، ولم يفكر المسئولون في التحقيق مع المدرب على تقصيره وأخطائه. تماما مثلما حدث قبل أيام حين احتفى وزير الري ووزير التموين ومحافظ الإسماعيلية ببدء تجربة زراعة القمح بالتبريد، الذي يجعلنا نجني محصولين كل عام. ولم تمض سوى ساعات حتى توالت تحذيرات الخبراء والمختصين من أن زراعة القمح بالتبريد ليست اكتشافا بل سبق تطبيقها قبل عشرات السنين في الاتحاد السوفيتي، وتسببت في تدمير الزراعة، فضلا عن أن زراعة القمح بالتبريد تنتج نصف محصول الزراعة الموسمية، أي إن معدل جني محصولين كل عام هو نفسه معدل المحصول الموسمي السنوي, فما فائدة ما اعتبروه اكتشافا بحثيا واحتفلوا بتطبيقه؟!..

وأمام اللغط والانتقادات أصدرت وزارة الري بيانا دعت فيه "الجهات البحثية المتخصصة للمشاركة في تقييم وتطبيق التجربة والتحقق من المخاوف وقياس الإنتاجية".. لكن على أي أساس احتفلوا وقرروا تطبيق التجربة ولماذا غاب وزير الزراعة عن المشروع وهو المعني به وأين رئيس الحكومة من الأمر.. لا أحد يعرف؟!.

لو كان لدينا مسئولون يهتمون لأمر البلد، أو لدينا حكومة من الأساس لفطن رئيسها شريف إسماعيل لأهمية مردود الفيلم الوثائقي الذي أعده خبراء روس، وعرضته التلفزة الروسية الرسمية عن نجاح مصر في تأمين مطاراتها بأحدث التقنيات العالمية، بما يضاهي المعايير الدولية في التأمين.. لكن الحمدلله أدركت أهمية ذلك النائبة سحر طلعت مصطفى، رئيس لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، ودعت رئيس الوزراء شريف إسماعيل إلى تكليف وزارتي الخارجية والسياحة واتحاد الإذاعة والتليفزيون والهيئة العامة للاستعلامات وسفارات مصر في العالم كله إلى تبني ترويج الفيلم المهم والإيجابي، باعتباره من أهم وسائل تنشيط السياحة المصرية بمختلف دول العالم، لأن "تأمين المطارات المصرية ليس الهدف منه عودة السياحة فقط، بل تأمين المصريين أنفسهم، وكل من يزور مصر سواء كان سائحًا أو غير ذلك".

استكمالا للفشل الذي يحكم الأداء العام أعلن المتحدث باسم وزارة الكهرباء في مداخلة مع برنامج "صح النوم" أن "الوزارة ستطبق زيادة جديدة على فاتورة الاستهلاك اعتبارا من شهر يوليو المقبل بعد إعادة هيكلة سعر بيع الكهرباء نتيجة تحرير سعر الصرف وزيادة التكلفة"، ما يثبت مجددا أن الحكومة أقدمت على تعويم الجنيه بعد فشلها في مواجهة السوق السوداء وتجار العملة، فحررت سعر الصرف دون دراسة حقيقية لتداعيات القرار على المواطن الذي طحنه الغلاء، والحكومة تتفرج لأنها تنعم ببذخ وامتيازات بلا حدود!.
الجريدة الرسمية