رئيس التحرير
عصام كامل

د. حسن أبو طالب: «ترامب» سيساند مصر شريطة دخول بيت «الطاعة»

فيتو

  • الكونجرس سيصدر تشريعا لنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس 
  • أمريكا تسعى إلى تأسيس "منظمة للأمن بالخليج"
  • "ترامب" سيعاقب الأمم المتحدة على تصويتها ضد الاستيطان
  • السعودية وقطر وتركيا وأمريكا داعمة للجماعات المسلحة بسوريا
  • روسيا الوصية على النظام السوري وتركيا الوصية على الجماعات المسلحة
  • روسيا أصبحت المسيطرة على المنطقة العربية 
  • تونس صدرت لداعش " 5000 " إرهابي ومصر صدرت " 800 " فقط
  • علاقة مصر بتركيا لن تتحسن حال بقاء "أردوغان"
  • قطر أداة بيد أمريكا وتربطنا بهم "شعرة معاوية" 
أدارت الندوة: إيمان مأمون

أعدتها للنشر: هند نجيب – سمر الورداني
تصوير: ريمون وجيه


صراعات عدة وتوترات جارفة تشهدها المنطقة العربية بالتزامن مع توقع البعض انفراجة في العلاقات المصرية الأمريكية والعربية الأمريكية عقب دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إلا أن هناك من يرى أن الفرحة بتولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ما هي إلا خدعة كبرى لما تربطه من علاقة قوية بإسرائيل وتبعات ذلك من نقل السفارة الأمريكية من إسرائيل للقدس ومعاقبة الأمم المتحدة على قرارها بمنع الاستيطان وكل ما من شأنه اندثار حلم الدولة الفلسطينية.

حول هذه القضية وقضايا أخرى تتعلق بالملف السوري والسعودي وغيرها حل الدكتور حسن أبو طالب مدير معهد الأهرام الإقليمى للصحافة والخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ضيفا على "صالون فيتو" في ندوة لمناقشة تداعيات سياسة "ترامب" على المنطقة والعديد من الملفات الشائكة وإلى أهم ما جاء بالندوة... 

* إلى أين تنتهي الأزمة المصرية السعودية في تقديرك؟ ما نقاط الخلل الفعلية في هذه العلاقة؟
ترجع الأزمات إلى اعتبارات خاصة بالأسرة السعودية والتنافس ما بين أطراف مختلفة داخلها، الملك سلمان قرر أن يفعل شيئا لم يحدث من الملوك السابقين وهو أن تكون مصر داعمة لتغييرات عدة داخل المملكة وان تلبي دائما ما تطلبه منها ونجد أن كل التقارير التي تحدثت عن الأزمة تتناول 3 نقاط أساسية، أولا أن المملكة ليست راضية عن مسألة مشاركة مصر في عاصفة الحزم واعتبروا ذلك خديعة لهم، الأمر الآخر أنهم يريدون استلام جزيرتي تيران وصنافير فورا ودون أي تأجيل معلنين أنهم ليس لهم علاقة بالإجراءات القانونية والدستورية التي تجرى الآن، أما الأمر الثالث السعودية ترى أن مصر أخذت الكثير من الدعم المالي والاقتصادي دون أن تحصل المملكة على ما تريده. 

* وهل من انفراج وشيك أم أن الحكم الأخير بمصرية تيران وصنافير سيزيد من حالة الاحتقان؟
الحديث عن قرب حل الأزمة غير واضح، خاصة أن الحكومة والرئاسة تتعامل مع الوضع بتكتم شديد وهذا غير جيد لأنها قضية تهم وتشغل الرأي العام إلا أن هناك قضايا يجب التعامل معها بشفافية وليس داخل الغرف المغلقة، وفى كل الأحوال ليس في مصلحة الدولتين أن يخسر كل منهما الآخر لأن كل منهما في حاجة للآخر.

* ما تفسيرك لانزعاج السعودية من اتجاه مصر للعراق لتوريد النفط؟
السعودية رأت أن هذا المسلك يعتبر تحديا من مصر، على الرغم أنها كانت تسعى إلى تحقيق مصالحها بعيدا عن الضغوط، فالسعودية لا تزال تتعامل مع مصر بمنطق الكفيل وهذا غير مقبول في العلاقات بين الدول.

* هل ترى أن الأزمة النفطية وتقلص الاحتياطي النقدي السعودي يتجه بالمملكة إلى سياسة انكماشية داخلية والتوقف عن لعب دور كبير على الساحة العربية؟
بشكل عام هناك تغيرات في المجتمع السعودي خاصة بعد تفتح الطبقة المتوسطة ورغبتهم بوجود ملكية دستورية، والمجتمع لم يعد منغلقا، وإذا لم يجد هذا التطور صدى في نظام الحكم بالتأكيد سينتج مسافة، بالإضافة إلى وجود توجهات داخل الأسرة الحاكمة من بعض الأمراء والشيوخ أن إعطاء المصالح المطلقة لـ "ولي ولي العهد" ليست إيجابية، خاصة أنه ليس لديه الخبرة الكافية، الجزء الآخر نقل السلطة من أبناء عبد العزيز وأخواته إلى جيل أولاد الأحفاد بما نتج وجود صراع، كما أن هناك صعوبات اقتصادية في السعودية نتيجة تمويل عاصفة الحزم واتخاذ عدد من الإجراءات الاقتصادية ليست ذات كفاءة، في ظل إن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى السعودية على أنها منبع الإرهاب لذلك ظهر قانون جاستا.

* هل تعتقد أن علاقة مصر وأمريكا ستتحسن عقب مجيء ترامب؟ أم أن لغة المصالح ستغلب على القرار الأمريكي كما هي العادة؟
أتصور أن يصيب العلاقات المصرية الأمريكية شيء من التوتر، مع وجود بعض اللمحات الإيجابية المحدودة، فكل ما قيل حول أفكار ترامب الإيجابية تجاهنا ينحصر في موقف مصر الصارم من الجماعات الإرهابية، ودعوات تجديد الخطاب الديني، إضافة إلى نية "ترامب" بعدم التدخل في تغيير النظام المصري كما فعل باراك أوباما أو هيلاري كلينتون، تحت مظلة "حقوق الإنسان"، فهو ينتوي دعم مصر في حربها ضد الإرهاب، ومساندتها اقتصاديا، لكن شريطة إبداء "الطاعة" واعتراف مصر بالقدس عاصمة لإسرائيل، فكل المؤشرات تخبرنا أن ترامب لديه خطة محددة للمنطقة العربية وستعمل على فرضها، وأولى خطوات تنفيذ تلك الخطة يظهر من خلال محاولات تأسيس ما يشبه منظمة للأمن بالخليج ومنطقة البحر الأحمر، بعضوية مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، ومن المحتمل ضم إثيوبيا إليها على أن تكون إسرائيل عضوا مراقبا بها، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما موقف "ترامب" حال ما رفضت مصر الانضمام إلى تلك المنظمة بتشكيلتها المقترحة؟.. أتوقع ممارسة ضغوط كبيرة على النظام المصري حينها.

* الحديث عن الدولة الفلسطينية سيختفي مع وصول دونالد ترامب البيت الأبيض والقدس ستصبح (باعتراف أمريكي لأول مرة) عاصمة للدولة الصهيونية.. إلى أي مدى تتفق أم تختلف مع هذه العبارة؟
القضية الفلسطينية سوف تواجه أوضاعا متأزمة للغاية في ظل وجود "ترامب" وبطانته اليمينية العنصرية، وما لم يدرك الفلسطينيون والسلطة وحماس، أن وحدتهم هي أساس المواجهة سيزداد الأمر سوءا، حيث أن الكونجرس الأمريكي - الداعم لترامب- يشهد مؤخرا تحركات لاستصدار تشريع يتيح النقل الفوري للسفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس الشريف، على أن يقر التشريع بأن أمريكا تعترف رسميا بأن إسرائيل دولة لليهود فقط، وهذا يعنى أن عرب 48 والمسيحيين بإسرائيل لا قيمة لهم، مما يترتب عليه وضع قيود على عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أو وصولها لطريق مسدود.

* وماذا عن ترامب وإسرائيل؟
أثير في الفترة الأخيرة عقب تولى دونالد ترامب الحكم أنه سيعاقب الأمم المتحدة لأنها وافقت على قرارا بعدم مشروعية الاستيطان الإسرائيلي، بعد تصويت 4 دول غير عربية على عدم مشروعية الاستيطان كما أنه يبحث عن طريقة ما لقطع تمويل أمريكا للأمم المتحدة الذي يمثل 22% من ميزانيتها عقابا لها على هذا القرار ويمكن إن نتخيل ما يحدث إذا أوقفت أمريكا تمويلها ونستشف من هذا كله ماذا تعنى إسرائيل بالنسبة لترامب.

*هناك من يرى أن أمريكا رفعت يدها من منطقة الشرق الأوسط لانشغالها بمعركتها مع الصين ودول شرق آسيا كقوى صاعدة وتسعى بريطانيا لشغل موقعها الفارغ بالمنطقة.. فما رأيك؟
أمريكا دولة عظمى ولا يمكن أن ترفع يدها بالكامل عن المنطقة، وبريطانيا لا تمتلك القوة الكافية لتلعب دور البديل الأمريكي بالمنطقة، فكل ما يقوم به النظام البريطاني هو دور خبيث ودفعنا ثمن ذلك ومازلنا، مثال على ذلك مبادرة بريطانيا لوقف السياحة في مصر عقب سقوط الطائرة الروسية، كأنهم يزايدون على الموقف الروسي، وعندما نتباحث مع الجانب البريطاني بشأن عودة السياحة لا يأتينا رد غير المطالبة بمزيد من الانتظار كنوع من ممارسة الضغوط ولكن بطريقة "شيك"، لذلك أقول أن بريطانيا لا تستطيع أن تلعب دورا منفرد وكل مواقفها داعمة للسياسة الأمريكية بالمنطقة، كما أن أمريكا مازالت لديها مصالح بالمنطقة فعلى أقل تقدير، أي توتر تشهده المنطقة يزيد من طلبات شراء السلاح الأمريكي بمليارات الدولارات.

* هل خرج العرب والأمريكان من مولد سوريا بلا حمص وأصبح لروسيا اليد الطولية؟
التدخل الروسي تسبب في تغيير المعدلات في سوريا والمنطقة، وهذا التوازن الجديد ظهر مع انسحاب أمريكا وتواجد مجموعات مرتزقة من جنسيات مختلفة من ضمنهم سعوديين وتونسيين وباكستانيين وسودانيين ظهر هذا عندما تم تحرير مدينة حلب وهنا يبرز تساؤل بوضوح ما المكاسب التي جعلت دول مثل قطر وتركيا والسعودية أو الولايات المتحدة الأمريكية تتوغل داخل سوريا لتدعم معارضة مرتزقة؟، ثم يخرجون قائلين "إن أي حل يجب أن نراعي فيه هؤلاء"، ومن وجهة نظري هذا غباء بعد محاولتهم لإقناع العالم أن ما يحدث معارضة معتدلة، وفي حقيقة الأمر هذه مافيا تهدف لإسقاط النظام السوري وتعديله بين عشية وضحاها لصالح نظام أيديولوجي مضر يؤثر على سوريا والمنطقة كلها أما النظام الروسي كان أكثر دقة للأمور فأرى أنه إذا سقطت سوريا، سيسقط معها دول أخرى، فبالتالي روسيا تواجهة بقوة تحالف الدول لدعم مرتزقة بشدة لإسقاط سوريا ودفعوا في سبيل ذلك ثمنا باهظا، وأثبتوا أمام العالم أن لديهم تصميما في إنهاء مثل هذا الفكر.

* وماذا عن التدخل التركي بسوريا؟
من ناحية روسيا أصبحت الوصية على النظام السوري وفى المقابل تركيا الوصية على الجماعات المسلحة، وبالتالي تلك دلالات ليست إيجابية خاصة بعد تحرير حلب، كما فقدت الدول التي تحالفت لدعم المسلحين القوة والتأثير بسوريا بعد خسائرهم المتكررة، فالخسارة الأولى هزيمة منكرة في نشر أفكارهم الأيديولوجية، والثانية كانت مادية بالأموال والتضحيات لتنفيذ مخططاتهم، وتأثيرهم الآن بسوريا توقف على أعمال تخريبية لكن أن يكونوا لاعبا أساسيا في تحديد مصير سوريا فهذا أمر قد انتهى.

* ما توقعاتك لاستمرار نفوذ تركيا بسوريا؟
أرى أن النفوذ التركي سيظل موجودا في سوريا لمنع قيام "دولة كردية" أو لمنع الأكراد في سوريا والعراق وتركيا من تشكيل حكم ذاتي لأنفسهم ذات بريق فبالتالي الوضع الاستراتيجي في تركيا يتأثر سلبا، وهذا الجانب ليس فيه تنازل، خاصة أن تركيا تتعامل مع الوضع السورى بطريقة لا تتسم بالجدية خاصة بعد تحولها عن التحالف الثلاثي مقابل محاولة التقرب لروسيا من أجل الحفاظ على نفوذها في المنطقة.

* وما مصير الجماعات المسلحة إذن؟
الجماعات المسلحة ستتجه إلى أقصى شمال غرب سوريا بالقرب من حدود تركيا وسيكون مركزا لبقاياهم، وأتصور أنه بعد السيطرة على حلب ستحاول الدولة السورية إثبات وجودها وتبدأ مرحلة جديدة لتحرير "ادلب"، وسيكون أمام المسلحين خيارين هما إما أن يرجعوا إلى بلادهم ولا يبقى غير السوريين الذين في تلك الحالة ينزعون سلاحهم ويكونون جزءا من عملية تسوية مفروضة عليهم، والخيار الثاني أن يدخلوا إلى الحرب الأخيرة لأنهم يعتبرون أنفسهم في هذه الحالة "ميتين ميتين"، وما حدث في سوريا يظهر أن المنطقة العربية ثوابتها التي كانت لديها قبيل ثورات الربيع العربي اختلت تماما باستثناء بعض الدول التي مازالت تحافظ على عدم تدخلها في الشأن الداخلي ولا تدعم معارضة مسلحة ولا تكون عنصرا من عناصر إسقاط نظام.

* هل هناك تدخل عسكري مصري بسوريا كما أشيع؟
تدخل عسكري بالمعنى المفهوم لا يوجد وما أرجحه هو استمرار الدعم المصري لسوريا عن طريق الدفع بالمستشارين وبعض الأفكار في مواجهة الجماعات الإرهابية والإمداد بالذخائر.

* من الملاحظ أن عدد المصريين بتنظيم داعش أقل بكثير من باقي الجنسيات الأخرى، فما السبب من وجهة نظرك؟
لأن المجتمع المصري بشكل أو بآخر ما زال وسطي التوجه، ومازال بداخله ترسبات من الاعتدال الفكري، وهذه ميزة لا تتوافر في كافة الجنسيات الأخرى وخاصة عربيا، مثل السعودية، العراق، جنوب تونس، وكذلك جنوب الجزائر، حيث يمتاز أهل تلك المناطق بالشخصية الجامدة الصلبة، وبالتالي تشكل تلك المجتمعات بيئة خصبة لتصدير العناصر الإرهابية وتغذية كيان "داعش"، فتخبرنا الإحصاءات أن تونس تلك الدولة الصغيرة – رغم علمانية نظامها الحاكم- صدرت نحو 5 آلاف إرهابي، بينما مصر صدرت نحو 800 إرهابي فقط.

* وماذا عن تداعيات الدور القطري الذي تلعبه على المنطقة العربية؟
تصورت قطر أن أبواقها الإعلامية متمثلة في قناة الجزيرة تستطيع توجيه الأحداث السياسية بما يتراءى لها، وبما يخدم الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة في ظل عملها كأداة للنظام الأمريكي، ويظهر هذا جليا في كل ما يدور بسوريا وبمباركة أمريكا، أما فيما يخص علاقتها بمصر، فإننا لا نستقبل من النظام القطري إلا المواقف السلبية، ومع هذا تبقي شعرة معاوية قائمة بيننا، فما زالت الجالية المصرية تتواجد هناك، ومازال بعض المستثمرين القطريين يضعون أموالهم في السوق المصري.

* هل تشهد العلاقات المصرية التركية أي تحسن في المستقبل القريب؟
لن يتم إعادة التفكير في تحسين علاقتنا بتركيا إلا في حالتين، الأولى اختفاء أردوغان من الساحة السياسية التركية، والثانية تغير طريقة تفكير أردوغان بالكامل، ووقف تصرفاته العدائية تجاه مصر، وهذا برأيي في حكم المستحيل، وبالتالي ستظل مصر تسعى إلى ضبط النفس والامتناع عن الإتيان بأي تصرف قد يؤدي إلى إهانة الشعب التركي.

* ما رؤيتك لتطور الأوضاع بشكل عام في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة بالمنطقة؟
أتصور أن الأوضاع في ليبيا تتجه نحو الأفضل، ومن المتوقع أن تتحسن الأوضاع الأمنية بها في القريب، أما اليمن فأعتقد أن الوضع سيظل على ما هو عليه من سوء، لأن كلا الطرفين المتنازعين لا يبديان أي رغبة في التنازل للوصول إلى منطقة حوار مشتركة، ولن تنكسر تلك الدائرة إلا من خلال تدخل أطراف خارجية تمارس ضغوط فعالة ينتج عنها تسوية يمنية على الأرض، بما يحقق هزيمة كبيرة للإرادة السعودية والقطرية تضاف إلى هزيمتهم في سوريا، ولكنهم لن يستكينوا إلى تلك النتيجة، وبالتالي سيحدث تصعيد مجددا في اليمن، أما عن العراق فإن نتيجة معركة الموصل سترسم ملامح المرحلة وستمنح الثقة للحكم وأولى نتائجها سعى أطراف المذهب السنى للتوحد والدخول في تسوية، بما يبشر بتحسن قادم في الطريق، أما عن سوريا فتوجد إمكانية الآن لحدوث حراك سياسي، مع دخول ترامب البيت الأبيض وتوافقه حول تلك القضية مع روسيا.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" ..
الجريدة الرسمية