حراس الوطن في سيناء
المقصود بحراس الوطن هنا هم رجال الجيش والشرطة، الذين تتناولهم ألسنة العامة بالنقد مرة وبالحسد مرات وبقلة الأدب مرات ومرات، وبالطبع لابد من التأكيد منذ البداية أننا على وعي تام بدور كل من الجيش والشرطة سواء بالداخل أو على حدود الوطن، وبالطبع يمكن أن تكون التصرفات المباشرة لبعض رجال الشرطة بالداخل قد تركت رواسب سلبية لدى العامة، وهو ما جعل البعض يجمع في جعبته كل هذه السلبيات ويعمم الحالات الفردية والتجاوزات الشرطية على كل رجال الشرطة، ورغم أننا لم نر أو نسمع يومًا عن تجاوزات قام بها أحد من الجيش، لكن عمى البصر والبصيرة لدى البعض وحقد البعض الآخر هو ما يجعلهم يوجهون سهام النقد والحقد والكراهية لكل من يرتدى ثوب الشرطة أو الجيش.
وقد استغلت بعض القوى السياسية الطامعة في السلطة وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية تجاوزات بعض رجالات الشرطة خلال حكم مبارك لتأجيج مشاعر المصريين تجاه جهاز الشرطة بأكمله، بل وصل بهم الفجور إلى إدخال الجيش في جملة مفيدة عند الحديث عن فشل الأنظمة السياسية حيث يدعون أن الجيش هو من يحكم أو كما يقولون عنه زورا وبهتانا (حكم العسكر) وحجتهم الجاهزة دائمًا أن الرئيس من خلفية عسكرية أو كان أحد قادة الجيش، وبالطبع هذا هراء وخلط غير مقبول للأوراق بهدف تزييف وعي الجماهير الشعبية، ولابد أن نعترف بأن كثيرًا من هذه الجماهير بدأ يردد عبارات الجماعات السياسية المغرضة دون فحص أو تمحيص، لذلك انتقلت المشاعر السلبية إلى كل من الشرطة والجيش معًا..
وعلى الرغم من الدور الرائع الذي لعبه الجيش خلال مرحلة ثورة 25 يناير وانحيازه التام للشعب المصري على حساب السلطة السياسية التي كان في أعلى قمتها رجل عسكري مثلهم بل هو القائد الأعلى للقوات المسلحة إلا أنهم لم يقبلوا ولو لحظة واحدة أن ينحازوا له ضد إرادة الشعب الذي خرج منددا برحيله، ولولا هذا الانحياز ما رحل مبارك بهذه السهولة، فوجدنا من يدعى أن الجيش طامع في السلطة، وعندما سلم الجيش السلطة عبر صناديق الاقتراع وخرج من المشهد السياسي وفشلت الجماعة الإرهابية في إدارة شئون البلاد وخرج عليهم الشعب في 30 يونيو وقف الجيش نفس الموقف المنحاز للجماهير الشعبية على حساب السلطة السياسية فما كان من الجماعة المغرضة إلا وأعلنت أن الجيش يقوم بانقلاب طمعًا في السلطة.
وحاولوا ومازالوا يحاولون تزييف وعي الجماهير بأن الشرطة والجيش تحصد كل خيرات الوطن، وأنه وفى ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيش فيها جموع الشعب المصرى، مازالت أوضاع رجال الشرطة والجيش هي الأفضل حيث تتضاعف رواتبهم في الوقت الذي يعانى فيه جموع المصريين، وهذا بالطبع غير صحيح فرغم كل ما يقال يظل رجال الشرطة والجيش ووفقا لدخولهم يعيشون في محيط الطبقة الوسطى بشرائحها المختلفة العليا والوسطى والدنيا، فالقادة الكبار يمكن أن تصنيف بعضهم ضمن الشريحة العليا من الطبقة الوسطى، في حين تقع الرتب الوسطى ضمن الشريحة الوسطى من الطبقة الوسطى، وتقبع الرتب الصغرى في أسفل الطبقة الوسطى أي في شريحتها الدنيا التي هي أقرب إلى الطبقة الدنيا، حيث تشعر بنفس معاناتها اليومية، حيث يهددها طوال الوقت غول ارتفاع الأسعار، وعدم القدرة على تلبية متطلبات أسرهم الضرورية.
وخلال زيارتى لسيناء الأسبوع الماضى ومشاهدتى دور حراس الوطن من الشرطة والجيش الذين يتركون أسرهم ويعيشون في ظل ظروف عمل قاسية، حيث يمكن أن نقول وبضمير مستريح إن كل من يعمل على أرض سيناء هو مشروع شهيد في مواجهة أعداء الوطن من الجماعات الإرهابية التي تشن حربا دون هوادة ضد الوطن ويتصدى لها ببسالة وشجاعة نادرة حراس الوطن من رجال الشرطة والجيش معا، وعندما تتأمل أوضاع حراس الوطن والتهديد بفقدان الحياة على يد العصابات الإرهابية المسلحة، ومعاناة أسرهم حيث يعيش الأب لفترات طويلة بعيدا عنهم وإلى جانب الحرمان منه يقتلهم كل يوم الخوف عليه.
هنا فقط تقول لنفسك ما قيمة ما يدعيه من يحاولون تشويه صورة حراس الوطن حتى ولو كان كلامهم حقيقيا، ما قيمة الرواتب العالية التي يتقاضاها رجال الشرطة والجيش الذين يحرسون الوطن ويخوضون معاركه في سيناء، والله ما يقدمونه أكبر وأعظم من كل أموال الدنيا، ما قيمة المال وأنت مهدد بالفناء، ما قيمة المال وأنت تعيش في الصحراء بعيدا عن عائلتك، وبعد ذلك تجد من يحاول أن ينال من حراس الوطن، فلتصمت بل فلتخرس كل الألسنة التي تحاول أن تتفوه ولو بكلمة واحدة ضد حراس الوطن.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.