الحكومة والبرلمان تراعيني قيراط.. أراعيك قيراطين!
لا أفهم –وياريت حد يفهمني– ما سر تمسك رئيس الوزراء شريف إسماعيل بالدكتور الهلالي الشربيني رغم مطالبات غالبية الشعب بتغييره من قبل الإعلان عن التغيير الوزاري الذي لم يحدث بعد، ولا أفهم أيضًا حتى الآن ماذا قدم الوزير للتربية أو للتعليم ليكون مبررًا للإبقاء عليه بعد حالات الغش التي حدثت في العامين السابقين تحديدًا !
المدهش هو ما قاله النائب عبد الرحمن برعي، وكيل لجنة التعليم بالبرلمان، إن ( هناك اتفاقًا بالإجماع داخل اللجنة للإبقاء على الدكتور الهلالى الشربينى وزيرًا للتربية والتعليم، فنحن مقتنعون به بلا مصلحة، فنحن لسنا أصحاب مدارس خاصة ولا ناقة لنا ولا جمل في الإبقاء عليه، بل عشنا وعاصرنا مشكلات التعليم جميعًا، وهناك 9 أسباب جعلتنا مقتنعين بالإبقاء عليه وزيرًا للتعليم. )
لجنة التعليم ترى أن الوزير حقق إنجازات كبيرة دون زيادة في ميزانية التعليم منذ 3 سنوات ودون زيادة في الموارد، وترى أنه وزير جريء لأنه أعلن عن التسريبات في امتحانات الثانوية العامة ولم يعلنها أي وزير قبله، وترى إنجازًا في إعادة هيكلة ديوان عام الوزارة، وإنجازا في ضخ دماء جديدة في الوزارة بنسبة 30% وغير ذلك من إنجازات على تلك الشاكلة!
العجيب والغريب أن اللجنة الموقرة لم تذكر إنجازا يتعلق بالعملية التعليمية بشكل واضح أو أنها ترى للوزير رؤية في التعليم الذي تدهور بشكل كبير، وبدلا من المطالبة بتغيير الوزير بسبب التسريب الفاضح للامتحانات رأت في جرأته الإعلان عن ذلك إنجازًا يستوجب الإبقاء عليه!
الحقيقة أننا بعيدون جدًا عن فكرة تطوير التعليم بهذا الطرح الذي تطرحه لجنة التعليم في البرلمان، وبعيدون عن أي طريق للتقدم في عالم يحكمه التطور العلمي، وعالم تحكمه آليات جديدة في سوق العمل والإنتاج بكل صورة مع ندرة كبيرة في المواد الخام الطبيعية!
ولأن أهمية التعليم تفرض نفسها دائمًا؛ ولأن وزير التعليم منوط به تطوير التعليم مع الحكومة كلها.. كان التساؤل عن سبب تمسك رئيس الوزراء بوزير التعليم الذي يرى تطوير التعليم في البحث عن وسيلة لمنع التسريبات، وكان التساؤل الأكبر عن العلاقة بين الحكومة والبرلمان التي تسير بمنطق (سيب وأنا أسيب).. فبينما وظيفة البرلمان الرقابة والمساءلة ووظيفة الحكومة العمل والإنجاز وتحقيق مصالح العباد.. فقد سمعنا أصواتًا عديدة في البرلمان تطالب بتغيير الحكومة كلها أو إقالتها، ومع ذلك لم نر استجوابا واحدا منذ بدأ البرلمان يمارس مهامه.. حتى في أشد الأزمات التي وقعت.. فقد مرت الأمور مرور الكرام، ولا شك أن باقي الأمور ستمر وكأن شيئًا لم يكن!
العلاقة بين الحكومة والبرلمان تسير على هدى (تراعيني قيراط أراعيك اتنين) و(قدم السبت تلاقي الحد) وإلا ما معنى أن يحيل الدكتور على عبد العال، مشروع قانون مقدم من الحكومة بزيادة رواتب ومعاشات رئيس الوزراء ونوابه، وأعضاء الحكومة من الوزراء، والمحافظين، ونوابهم، وذلك للجنة مشتركة بين الخطة والموازنة والشئون الدستورية.. وما معنى أن يحصل رئيس الوزراء ونوابه والوزراء على معاش 80% من الأجر بعد الزيادة في حين أن رواتب الموظفين جميعا كما هي ومعاشات 9 ملايين مستحق كما هي !
وفي ذات الوقت كيف تسمح الحكومة بشراء سيارات مصفحة بـ 18 مليون جنيه لرئيس البرلمان ونائبيه يفوق ثمنهم الآن 40 مليون جنيه بسعر العملة الجديد والمجلس به سيارات مصفحة لرؤساء البرلمان السابقين، وبعيدًا عن التفاصيل في عمليات التكهين والإحلال والتجديد لسيارات المجلس فربما ترى الرقابة الإدارية رأيًا آخر.. هل هذا وقت يحدث فيه ذلك؟ حتى وإن كان من العام الماضي.. كيف تسمح الحكومة لنفسها بأن تفعل ذلك أو تطلب ذلك وهي تطالبنا جميعًا بالتقشف للتغلب على الأزمة التي تعيشها البلاد !
الحكومة تدافع عن نفسها وتقول إن السيارات ليست من موازنة الدولة لكنها من موازنة المجلس.. ما الفرق؟ والمجلس يدافع عن نفسه ويقول كان الأمر في 2015 فبل انعقاد المجلس من الأساس.. ما الفرق ؟
الفرق هو أن البرلمان يتراجع عن محاسبة الحكومة ويتخلى عن ضرورة رحيل وزراء مثل التعليم والأوقاف وغيرهم أملا في مزايا جديدة له تتحملها الحكومة والحكومة تتخلص من عبء البحث عن وزراء جدد ويبقى الحال على ما هو عليه.. وراعينى قيراط أراعيك فدان !