التشكيك الوزاري!!
منذ أربعة أشهر، وبالتحديد في أكتوبر الماضي بدأت أخبار وشائعات التغيير الوزاري في الانتشار، وسائل الإعلام منذ ذلك التاريخ وهي تتناول الموضوع كأنه أمر واقع سوف يحدث اليوم أو غدا، بل قامت باستعراض الأسماء المرشحة للخروج والدخول في التشكيل الوزاري الجديد، لدرجة أن بعض البرامج فتحت خطوط الهواء للمشاهدين لترشيح الوزراء الراحلين والقادمين، ما حدث ومازال يحدث هو العبث بعينه، وقمة الإهانة للوزراء القادمين والراحلين وللمنصب نفسه، بل لمصر كلها، ويؤكد حالة التخبط وانعدام الرؤية..
فبالإضافة إلى إهانة تشكيل الوزارة على الهواء مباشرة في مشهد لا يحدث إلا في مصر، فقد أدى إلى الارتباك في دولاب العمل، وأصبح بمثابة تشكيك في الشخص الذي اختارته الدولة للقيام بمهام الوظيفة، والذي يسمع يوميا أخبار التغيير واحتمالية الإطاحة به، فمنذ أن تولى المنصب وجلس على الكرسي فهو أقرب إلى التشكيك الوزاري وليس التشكيل..
وطالما أن الوزير ليس مصدرا للثقة ومعرضا للتغيير منذ يومه الوزاري الأول، وفي مرمى نيران الإعلام والبرلمان، ثم الإطاحة به بشكل مهين دون حتى خطاب شكر، فلماذا يعمل؟ ولماذا يتخذ قرارات مهمة؟ ولماذا يضع رؤى وخطط استراتيجية ؟ ثم لماذا يقبل المنصب من أساسه؟ خاصة إذا كان من أصحاب الكفاءات والخبرات النادرة، ولديه أعماله الخاصة التي تحقق له ولأسرته حياة كريمة!!
نحن بالفعل في مرحلة تشكيك في الوزراء الراحلين والقادمين وسوف نستمر فيها كثيرا طالما أننا مازلنا نعول على الأشخاص أكثر من البرامج والخطط.. معظم الوزارات تعمل كجزر منعزلة، بل الهيئات داخل الوزارة الواحدة تتعامل مع بعضها كجزر منعزلة دون تكامل أو تنسيق، والأمثلة كثيرة، ومتعددة، والمقال لا يتسع لسردها، ويكفي القول إن الوزارات والهيئات تقوم بتحصيل رسوم تأدية الخدمة من بعضها رغم أنها أموال عامة ولكن يتم حسابها إيرادات ومصروفات..
ومما يؤكد لنا أيضا أنه تشكيك وليس تشكيل وزاري، أن المطروح للتغيير هو بعض الوزارات التي لا تشغل بال المواطن مثل الثقافة والآثار والسياحة، أما الوزارات الاقتصادية، والخدمية غير مطروحة للتغيير، رغم معاناة المواطن منها، وتأتي في المقدمة وزارة الصحة..
فكل الأخبار تؤكد بقاء وزيرها رغم ما يشهده هذا القطاع من أزمات يومية، من نقص أدوية ومحاليل وزيادة أسعار ومشكلات مع كل المعنيين بتقديم الخدمة الصحية، أطباء وصيادلة وشركات أدوية وسوء خدمة صحية، وإغلاق مصانع، أزمات سببها الأساسي هو الوزير وسوء إدارته وتصريحاته العنترية وعناده وتعاليه، وأصبح حال الصحة في مصر لا يرضي عدوا ولا حبيبا حتى من لديه أموال لا يجد الدواء ومع ذلك الوزير باق في منصبه.. اللهم احفظ مصر.
egypt1967@yahoo.com