الجنرال السعودي أنور عشقى: الإخوان رهان أمريكي.. لكنهم فشلوا في تحقيق المطلوب منهم
>> أتوقع تغييرًا كبيرًا بمنطقة الشرق الأوسط في عهد «ترامب»
>> فلسطين في ذيل الأولويات العربية عمليا
>> تفعيل قانون «جاستا».. أخطر على واشنطن من الرياض
>> أمريكا سوف تدمر داعش وتخلق عدوا وهميا لاستكمال خطتها
>> دور على صالح انتهى في اليمن والفرصة قائمة لابنه
>> لا مستقبل للأسد في سوريا.. والصراع بين روسيا وإيران يبدأ بعد السيطرة
منطقة الشرق الأوسط باتت تعج بأزمات طاحنة، تشمل حروبا مذهبية تؤججها نعرات طائفية، وتنظيمات إرهابية تسعى لسحق الجميع من الوجود، وتعقيدات ومؤامرات تضعها أعتى أجهزة المخابرات العالمية لتفتيت أمتنا العربية والإسلامية.
لعقود طويلة ظلت مصر والسعودية تمثلان جناحي الأمة العربية، للدفاع عن أمنها الإقليمي وإجهاض خطط الغرب وإيران ومجابهة أحلام إسرائيل، ومؤخرا تدحرجت العلاقات بينهما إلى حزام الأزمات.
وفى ظل المخاوف من الغد مع دخول الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي، وبداية ممارسة مهام منصبه رسميا، والمحاذير من انطلاق موجة جديدة من المؤامرات يستغلها أصحابها لشق الجدار الحادث بين القاهرة والرياض، لفرض أجندات جديدة وتدمير قضية الأمة التاريخية “فلسطين”... طرحت “فيتو” جميع الأسئلة المتعلقة بالماضى والمستقبل على الجنرال السعودي المتقاعد اللواء د. أنور ماجد عشقى، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والقانونية في جدة ولكن دون التطرق إلى أزمة جزيرتي «تيران وصنافير» باعتبارها أزمة عالقة لن يحسمها رأي شخصي سوف ينحاز صاحبه في كل الأحوال إلى بلاده.
وبالرغم من حمل إجاباته عن أسئلة “حوار الأزمة”، للعديد من الجوانب الإيجابية، لكنها –في الوقت ذاته- كشفت عن مخاطر تسترعى استنهاض الهمم، وتوخى الحذر والحيطة من زلزال قادم... فإلى نص الحوار:
> بداية.. برؤيتك الأمنية كيف تصف أحوال منطقة الشرق الأوسط؟
سوف تظل الاضطرابات الحالية في المنطقة قائمة حتى يُعاد تشكيل الشرق الأوسط بالشكل الذي تريده وتهدف له الولايات المتحدة الأمريكية، وسوف يكون هذا الشكل في عهد الأمريكى الجديد دونالد ترامب، طالما أن العرب يعيشون في غفلة وفرقة.
> ماذا عن توقعاتك لمستقبل التنظيمات الإرهابية خلال الفترة المقبلة بعد تولى “ترامب” مهام منصبه رسميا؟
سيدمر تنظيم “داعش”، لكن الإرهاب سينتشر وسيبقى حتى تجد الولايات المتحدة عدوا آخر حتى لو كان وهميا.. وقد جاءوا بالرئيس ترامب لإحداث تغيير كبير في الشرق الأوسط، وهذا التغيير لن يكون نحو الديمقراطية بل القيادات الفردية، أما على الصعيد الإيرانى -العدو التاريخى للعرب- فإن شمس النظام سوف تغرب، والثقل في المنطقة سيكون لاثنين “المملكة العربية السعودية مع دول الخليج” ومصر.
> بماذا تُقيم تجربة حكم الإخوان في دول الربيع العربي؟ وهل انتهت الجماعة إقليميا ؟ أم أن لديها فرصة للعودة للحياة السياسية؟
الإخوان كانوا الرهان الأمريكي، لكن فشلهم -في حكم مصر- غير من قواعد اللعبة، ولن تعود الجماعة للساحة السياسية إقليميا، إلا إذا غيروا من منهجهم وطريقة تفكيرهم.
> ما تقييمك للأحداث في سوريا، بعد سيطرة قوات “الأسد” على حلب؟ وهل ترى فرصة لبقاء بشار في منصبه؟
سوف يبدأ الصراع بين روسيا وإيران في سوريا، وهذا ما قلته بعد السيطرة على حلب، وسوف يكون خروج إيران من سوريا سببا في سقوط النظام الإيرانى.
أما فيما يتعلق بالحديث عن فرصة بقاء بشار الأسد فقد ضاقت الفرصة، فإذا نجح المؤتمر المرتقب عقده في “أستانة” فلا مكان له إلى الأبد، وعلى الذين يراهنون عليه الاستعداد للخسارة.
> الحرب على اليمن أصبحت الحديث الشاغل للمنطقة وللتحالف العربي.. هل تورطت المملكة في هذه الحرب؟ وكيف ترى فرص الحل السياسي والعسكري مستقبلا؟
لو لم تتدخل دول التحالف العربى في اليمن، لكانت كارثة تحل بالأمة العربية، لكن الموقف في اليمن اليوم أصبح في صالح السلطة الشرعية الممثلة في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وخطة (الرمح الذهبى) تعتبر انتقالا من العمل التكتيكى إلى العمل الاستراتيجي الذي يُجبر جميع الأطراف على قبول الحل.. وليس أمام المتمردين –ميليشيات الحوثى وصالح- سوى قبول الحل السياسي أو الهزيمة.
> هل هناك إمكانية لمشاركة الرئيس الأسبق على عبد الله صالح في أي تسوية سياسية؟
أُتيحت لـ”صالح” الفرصة في التسوية، لكنه تلكأ فيها، والفرصة اليوم أمام ابنه في التوقيع على الحل السياسي، وبذلك يستطيع أن يتبوأ مكانا سياسيا.
> العراق تحول إلى بقعة نزاع إقليمية، بماذا تنصح العراقيين ؟ وما مدى إمكانية عودة بغداد لمحيطها العربي من وجهة نظرك؟
من خلال معرفتى الدقيقة بالعراقيين فإنهم لن ينسلخوا من جسدهم العربى، وهنا أود أن أقول إنه على العراقيين أن يُغلبوا ولاءهم للعراق على الولاء لإيران، وأن يُطفئوا نار الطائفية ويتقبلوا جميع الأطراف، أما عن إمكانية العودة إلى محيطها العربى، فهذا قدَر لا يمكن الإفلات منه.
> وسط الأحداث المتصارعة في دول المنطقة، تطل إيران في جميع الملفات.. كيف تفسر هذا الأمر؟
إيران طموحاتها أكبر من قدراتها، لقد أشعلت النيران في المنطقة، وبسقوط ( نظام الملالى ) الوشيك هناك، سوف تطفأ الحرائق المشتعلة في الشرق الأوسط.
> إلى أي مدى تتدخل طهران في القضايا العربية.. وبم تفسر هجوم قادتها على المملكة العربية السعودية؟
إيران تطمح لإعادة المجد الفارسى وبالأخص في العهد الساسانى -الإمبراطورية الساسانية الاسم استعمل للإمبراطورية الفارسية الثانية (226 – 651) والتي يرجع تسمية الساسانيين إلى الكاهن الزرادشتى ساسان- ووسط الاسترخاء الغربى انبرت المملكة بالوقوف في وجه أطماعها، فأصبحت عدو إيران الأول، لكن المملكة أخرجتها من اليمن، وسياسيا عزلتها في لبنان، وفى سوريا توشك أن تنتهى من ذات المهمة، كما أخرجتها المملكة من السودان، ومن جزر القمر، وقريبا من العراق.
إيران اليوم ومن خلال تصريح وزير خارجيتها في دافوس –طالب جواد ظريف بالتعاون بين إيران والسعودية- تريد أن تغير الخطة وليس المسار، فتتعمد التدخل في شئون العالم العربى من خلال العربة الاقتصادية والثقافية.
> كيف ترى مستقبل الاتفاق النووى مع طهران في ظل وجود الجمهوريين وابتعاد الديمقراطيين عن دفة الحكم الأمريكي؟
سوف يظل الاتفاق النوووى قائمًا، وسوف يزيد الضغط الأمريكي من الجمهوريين، حتى يجدوا المبرر لتدمير إيران أو إسقاط النظام، أما الديمقراطية فلا مكان لها في إيران، إنما هي زواج غير شرعى بين النظام الديمقراطى والنظام “الثيروقراطي” وهذا لا يستقيم.
> ما رؤيتك لقانون ( جاستا ) الأمريكي.. وإلى أي مدى ستتأثر الرياض حال تطبيقه في ظل التصريحات الغربية التي أطلقها ( ترامب ) حول الحماية مدفوعة الأجر؟
خطر القانون على أمريكا أكبر من خطره على السعودية، لكنه مُفصَل على إيران أكثر من السعودية، إذا أخذنا في الاعتبار التعديلات الثلاثة الأخيرة.
> نأتى للسؤال الشائك المتعلق بسر زيارتك التي قمت بها إلى إسرائيل ـ ما سبب الزيارة ؟! وما ردك على الاتهامات التي وجهت لك بالسعى لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب؟
زيارتى لم تكن لإسرائيل، بل للضفة الغربية والقدس وبدعوة من السلطة الفلسطينية، والغرض منها كان إقناع الأطراف المختلفة في فلسطين بالمبادرة العربية، ولا تطبيع مع إسرائيل إلا بعد تفعيل المبادرة العربية، وهو ما قاله الملك عبد الله، رحمه الله.
> أين تقع القضية الفلسطينية الآن في جدول أعمال المنطقة العربية؟
بمؤتمر باريس دُوَلَت القضية الفلسطينية، وسوف تجد طريقها إلى الحل عاجلا أو آجلا، أما عن القضية الفلسطينية في جدول الأعمال العربى، فلا تزال القضية في ذيل الأولويات عمليا بينما هي في أولها نظريا.
> كيف تابعت انتخاب أحمد أبوالغيط أمينا عاما للجامعة العربية؟ وما مدى تقييمك لأدائه خلال الأشهر الماضية منذ توليه منصبه؟
الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، من الكفاءات الدولية المعروفة، وخطواته كانت رصينة، لكنها تنم عن هدوء وبعد نظر، لكنه في المقابل بحاجة إلى التحرر من الإطار التقليدى.
> السؤال الحذر في هذا الحوار يتعلق بالخلافات السعودية المصرية.. ما سببها الحقيقى ؟ وأين تصل ؟ ومتى ستنتهى؟
لا توجد خلافات، لكنها اختلافات في وجهات النظر، وأعداء مصر يشعلون النار فيها، فالاختلافات حول سوريا واليمن، فمصر تخشى من سقوط النظام لأنه يؤفغن سوريا، أما إذا انتصرت المعارضة، فإن الإخوان سيُهيمنون عليها، بينما في اليمن ستخسر مصر في حالة انتصار الشرعية، لأن الثِقَل فيها لحزب الإصلاح التابع للإخوان.
> الاتهامات بين الشقيقتين (القاهرة والرياض) أصبحت على المشاع فيما يتعلق بتمويل المملكة لـ(سد النهضة) الإثيوبى.. تعقيبك؟
عدم المعرفة بدقائق وأسرار السياسة الدولية، أظهر العملية بصورة مغايرة، فالولايات المتحدة ترغب في إقامة اتحاد بين دول القرن الأفريقى، وأن تكون إثيوبيا هي الدولة الأولى، واستثمرت الولايات المتحدة في أراضيها الزراعية وشجعت الدول على ذلك، وهذا ما دعا إثيوبيا لبناء سد النهضة لتغطية هذه المشاريع، فالاضطرابات في السودان، فضلا عن تفتيت الأراضى الزراعية في مصر، مع الاستثمار في الأراضى الزراعية فيهما، جعل المستثمرين يتجهون إلى إثيوبيا.
> في النهاية.. ما نصيحتك لقادة المنطقة خلال الفترة المقبلة ؟ وما مدى نجاح (دول الشرق الأوسط) في الهروب من ( مخطط التقسيم ) الذي يستهدفها؟
الاستعمار والعدو لن يتغلبا أبدًا علينا، إلا إذا سمحنا نحن له بذلك، والأمم لا تجمعها الشعارات ولا الهتافات ولا الأيديولوجيات، بقدر ما يجمعها الهدف الإستراتيجي الأعلى، وعلى قادة الأمة أن يحددوا هدفهم الاستراتيجي ويجتمعوا عليه.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" ..