رئيس التحرير
عصام كامل

هل تفضل دعما نقديا أم عينيا ؟ (2)


استكمالا لتفضيلنا الدعم النقدي على العيني نستطيع أن نؤكد بكل ثقة أن الحكومة –أو بمعنى أدق الدولة– في طريقها لإلغاء الدعم العيني ورفعه تمامًا عن السلع والخدمات، وهو ما بدا فعليًا سواء على مشتقات البترول، أو السلع التموينية التي تم رفعها أكثر من ثلاث مرات في شهور قليلة، أو الكهرباء، أو التفكير في زيادة تذكرة مترو الأنفاق..


وأكد شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أن رفع الدعم هو الحل الأمثل لتكوين دولة قوية مع استبداله بدعم نقدي، ونحن نؤكد إيجابية هذا الاتجاه مع تسليمنا التام بوجهة نظر القائلين بضرورة استمرار الدعم العيني لحماية الفقراء من تقلبات السوق، لكننا ذكرنا فيما سبق أن الدعم العيني الموجه للسلع والخبز ودعم الوقود يكلف خزينة الدولة نحو 200 مليار جنيه سنويًا، ومع ذلك تؤكد بعض الدراسات أن هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه تمامًا، فهناك 49% من الأغنياء يشاركون الفقراء دعمهم.

كما نجد أن استمرار الدعم العيني للسلع مثل السكر والزيت كان وراء اختفاء هذه السلع من الأسواق نظرا لاستطاعة مافيا التجارة والفساد والاستيراد أن تستفيد من وجود فروق أسعار بين السعر المدعم للسكر مثلا والسعر التجاري، مما جعل الكثير من هذه السلع تتسرب من التموين إلى هذه المافيا للإثراء والاستفادة من فروق الأسعار، وهذا الأمر من الصعب تجنبه تماما نظرا لوجود أزمة في الضمائر لا يمكن أن يتجاوزها مجرد وجود رقابة خارجية، خاصة أن تلك الرقابة الخارجية تكون أحيانا في حاجة إلى رقابة وهكذا.

إذن الحل يكمن في وجود سعر واحد للسلعة مع تقديم دعمها نقديا للمواطن، وتفرغ الدولة للرقابة التامة على الأسعار ومحاسبة كبار المستوردين والتجار محاسبة ضريبية عادلة ورادعة، بدلا من تدليلهم بالطريقة التي نراها الآن، فالمحاسبة الضريبة العادلة ستعني أن تجعل للمستورد أو التاجر الذي يبيع السلعة بسعر معتدل محاسبة أقل وامتيازات أكثر ضريبيا، بينما ذلك الذي يبيعها بسعر مرتفع سيجد محاسبة ضريبية شديدة هنا سيجد المستورد– إن كانت هذه المحاسبة جادة– نفسه يوزع سلعته بأسعار معتدلة فيتحقق له أهداف كثيرة، منها البيع الواسع، والتوزيع المنتشر للسلعة، ونظرًا لاعتدال سعرها فسيبيع أكثر، ويكسب أكثر، كما أن محاسبته الضريبة على شريحة قليلة نسبيا ستجعله يكسب أكثر، وهو الهدف الأساسي للتاجر والمستورد.
الجريدة الرسمية