رئيس التحرير
عصام كامل

رشا نبيل مذيعة دريم: الواسطة آفة التليفزيون المصري.. وعودته ممكنة بشروط

فيتو

  • "دريم" صمدت في وجه الأزمات.. وكل نجوم "التوك شو" ظهروا على شاشتها


في الإعلام لا مكان للعواطف، لغة الأرقام هي التي تتحدث، نسب المشاهدة هي المتحكمة في صناعة الميديا، والإعلانات تذهب لمن ينجح في نيل رضا المشاهدين، انتهى زمن إعلام الدولة وبزغ نجم القنوات الخاصة، ولم يعد مجديا التحكم في مزاج المصريين عبر القنوات المملوكة للدولة.
في عصر السماوات المفتوحة تراجع دور اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وفقد مبنى ماسبيرو العريق بريقه، ودخل ملعب الإعلام الفضائى لاعبون جدد بإمكانات مادية وبشرية مكنتهم من السيطرة على سوق الإعلانات، وبزغ نجم محطات فضائية لا تمتلك ربع الإمكانات التي يمتلكها تليفزيون الدولة.
ومع تراجع الخدمة الإعلامية التي يقدمها ماسبيرو ظهرت كيانات إعلامية جديدة رأى البعض فيها بديلا لتليفزيون الدولة، ومن بينها مجموعة قنوات “دى إم سي” التي أبصرت النور مؤخرا، وأثيرت حولها العديد من الشائعات، بداية من تمويلها مرورا بالسياسة التحريرية التي تتبعها والمحتوى الترفيهى الذي تقدمه.
مسئولو “دى إم سي” من جانبهم ينفون بشكل قاطع كون الشبكة الوليدة بديلا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، ويرى مسئولو التليفزيون الرسمى أنهم الأصل وليس لهم بديل يمكن أن يسد فراغ قنواتهم، في وقت يرى آخرون أن مستجدات المشهد الإعلامي تفرض على قيادات ماسبيرو، البحث عن آلية جديدة لعمل القنوات التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون والتخلص من “عواطلية” المبنى العريق من أصحاب النفوذ والواسطة.
وكم من طيور هجرت المبنى العريق، بعد أن ضنّ عليها بفرصة عادلة، في وقت عز فيه الفرص داخل "ماسبيرو"، حيث المبنى بأكمله يتحول إلى ما يشبه "دولة الموظفين"، الوساطة والمحسوبية حاضرة بقوة، حتى شاخ "التليفزيون العربي" كما كان يطلق عليه في بداية انطلاقه.
هناك أسماء إعلامية كثيرة عرفت طريقها إلى الأضواء عبر شاشته، وأخرى حرمت فرصتها الكاملة بداخله فهجرته إلى عالم الفضائيات الخاصة، وأضحت ملء السمع والبصر، من بين هذه الأسماء الإعلامية رشا نبيل التي تكشف لـ "فيتو" في السطور التالية كواليس رحلتها داخل "ماسبيرو"، ولماذا فشلت أسماء عديدة عبر شاشته، بينما حققت نجاحًا كبيرًا في المحطات الفضائية الخاصة.. فإلى نص الحوار:


بداية.. هل تعرضت للظلم خلال عملك في "ماسبيرو"؟
كنت محظوظة وعدد من أبناء جيلي أننا بدأنا في "ماسبيرو"، وتعلمنا بداخله، لكن للأسف الصعود في التليفزيون المصري تحكمه معايير أخرى ليس لها علاقة بالمهنية، ولم أحصل على فرصتي كاملة، فرصتي الحقيقية للانطلاق لم تكن عبر شاشته، رغم أنه كان لي تجربة جيدة في عدة برامج قدمتها، من بينها مثلًا برنامج "صفحة جديدة" على قناة "نايل لايف".

بعد مغادرتك "ماسبيرو" حققت نجاحات كبيرة من خلال شاشة قناة "العربية" و"أون تي في".. وأخيرًا "دريم".. ما السر في ذلك؟
مشكلة "ماسبيرو" تكمن في الإدارة، وعدم القدرة على توظيف الكفاءات، المبنى تحكمه الشئون الإدارية، فضلًا عن أن مساحة الحرية في القنوات الخاصة أكبر منها في "ماسبيرو"، فقد ظل النظام في عهد مبارك يحكم قبضته على المبنى، وكانت هناك قاعدة أن تبدأ نشرة الأخبار بنشاط الرئيس وحرمه، ورغم أن الإمكانات هناك جيدة لكن لا يتم استثمارها بشكل جيد، على سبيل المثال عندما عملت بقناة "أون تي في" تحت قيادة ألبرت شفيق أعطاني فرصتي كاملة وكانت مساحة الحرية كبيرة، وكذلك أيضًا في قناة العربية، وهذا دليل على أن الكفاءة وحدها هي المعيار في الفضائيات الخاصة على عكس "ماسبيرو".

هل يعني ذلك أن ماسبيرو دولة الموظفين.. إن صح التعبير ؟
بكل صراحة نعم، لكني أؤكد أنني تعلمت بداخله وكنت محظوظة بذلك، ويظل "ماسبيرو" هو المدرسة الكبرى وله متابعوه وجمهوره الكبير، فالجمهور يتابع التليفزيون المصري إذا كان هناك منتج جيد، بدليل أن هناك تقارير نسب المشاهدة تظهر القناة الأولى حاضرة بقوة في المراتب الأولى وأيضًا قناة "نايل سبورت".

من وجهة نظرك.. ما الفارق الجوهري في الأجواء داخل ماسبيرو والأجواء في المحطات الخاصة؟
في "ماسبيرو" الوساطة والأهواء حاضرة بشكل كبير وهى آلافة الكبرى، من الممكن مثلًا ألا يكون لديك واسطة، لكن تكون خفيف الظل على مديرك في العمل فيمنحك فرصة، إذ لا يوجد فصل بين المعايير المهنية والحب الشخصي.

في الآونة الأخيرة بزغت شمس قنوات كبرى على رأسها شبكة قنوات "دي إم سي".. هل من الممكن أن تلعب هذه القنوات الدور الذي يلعبه الإعلام الرسمي للدولة؟
أعتقد أن القائمين على شبكة "دي إم سي" لم يفكروا في أن يصنعوا بديلًا لـ "ماسبيرو" بقدر ما فكروا في منافسة القنوات الخاصة الأخرى، وسحب البساط من تحت أقدامها، أو إنهاء سطوة برامج الـ "توك شو" في تلك المحطات، والوجود بشكل قوي في السوق، بمعنى "إنه عينه مش على ماسبيرو" ولكنها على القنوات الخاصة المنافسة.

بصفتك واحدة من أبناء ماسبيرو.. كيف يستفيد التليفزيون المصري من مواهبه المهاجرة في الفضائيات؟
أعتقد لو وُجد منتج جيد، وتم تنفيذه بشكل اقتصادي، من الممكن أن تعود هذه الطيور مرة أخرى، بشرط أن يكون لـ "ماسبيرو" نصيب من كعكة الإعلانات، لأنه إذا توفر له هذا النصيب ساعتها يستطيع الاستعانة بهؤلاء النجوم، الإعلانات أصبحت تحكم الإعلام.

وكيف يمكن أن يعود التليفزيون مرة أخرى للمنافسة من خلال برامج الـ "توك شو"؟
أن تكون هناك إرادة حقيقية، لأنه بالأمانة لا توجد هذه الإرادة، ولا يوجد هدف محدد، بمعنى أن الهدف في ماسبيرو غير واضح ما إن كان اقتصاديا أو شيئًا آخر، مثلًا كانت هناك تجربة "البيت بيتك" والتي حققت نجاحًا كبيرًا، حينما توفر لها العائد الإعلاني، والوجود بشكل قوي.
وأود أن أؤكد هنا أن الأمر ليس مجرد إمكانيات فقط، حيث يجب أن تكون هناك هوية واضحة وثبات في جدول المذيعين، كما أننى ما زلت مقتنعة بأن ماسبيرو قادر على العودة والمنافسة إذا قدم منتجًا يستحق المشاهدة، بدليل تقارير نسب المشاهدة كما أسلفت، والتي تحقق خلالها بعض القنوات في "ماسبيرو" مراكز متقدمة، كما يجب أن يخرج التليفزيون عن مفهوم أنه تليفزيون النظام أو السلطة، خاصة أن سقف الحرية بداخله أصبح مرتفعًا بعد ثورة 25 يناير، ماسبيرو ما قبل 25 يناير غير ماسبيرو الآن بكل تأكيد.

من خلال تجربتك الحالية في قناة "دريم" والتي حققت نجاحًا كبيرًا عبر برنامجك "كلام تاني".. كيف استطاعت "دريم" الصمود في وجه التحالفات والكيانات الإعلامية التي اندمجت مؤخرًا؟
ما حدث في "دريم" نتيجة استثمار طويل المدى، فرغم ضعف الإمكانات مقارنة بقنوات وكيانات أخرى ظهرت مؤخرًا، فضلًا عن الأزمات المالية التي واجهت "دريم" الفترة الماضية، فإن هناك رصيدًا طويلًا من المصداقية لـ "دريم"، أنت هنا تتحدث عن تاريخ طويل، "دريم" عمل بها كل نجوم برامج الـ "توك شو"، كيف هي صامدة حتى الآن في وجه هذه التحالفات! هذا لأن الوعي المصري لا يزال ذكيًا جدًا، و"جمهورنا لسه بخير وقادر يشوف مين وميشوفش مين".


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية