رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس لجنة الصحة بالبرلمان: لا شيء له تسعيرة في هذا البلد سوى الدواء والبنزين

فيتو

  • الحكومة خذلتنا في زيادة أسعار الدواء ومتمسكون بتوصياتنا
  • مرتبات الأطباء متدنية ولكن علينا مراعاة الظروف الاقتصادية للبلد
  • أزمة الدواء بدأت فعليا بعد تحرير سعر صرف الدولار
  • خلل المنظومة الصحية تراكم 30 سنة وكل المستشفيات الحكومية متهالكة 
  • قانون التأمين الصحي في وزارة المالية لحساب التكلفة الاكتوارية 
  • خاطبنا الحكومة لصرف بدل العدوى للأطباء
  • حصلنا على وعد بتوفير 800 مليون جنيه لاستيراد الأدوية منقذة الحياة
  • مرتبات الأطباء تحتاج لإعادة نظر ولابد من تشريع لمحاسبة المقصرين 
  • ليس صحيحا أن هناك بعض الأصناف تجاوز ارتفاع سعرها 100%
  • «الفيزيتا» عرض وطلب بين الطبيب والمريض ولا أحد يتحكم فيه 
  • المستشفيات الخاصة تغالي في التكاليف ونحتاج تفعيل وحدة العلاج الحر
  • أطالب «الصحة» بتنفيذ وعدها بشأن الأمراض المزمنة 
  • يجب مراعاة الأمن الاجتماعي للمواطنين والمسئولية الاقتصادية للشركات 

كشفت الأزمة الأخيرة فيما يتعلق بإعادة تسعير الأدوية عن أزمة حقيقة بين البرلمان، وحكومة المهندس شريف إسماعيل، لاسيما وأن الأخيرة لم تلتزم بما انتهت إليه لجنة الصحة في مجلس النواب من توصيات حرصا على مصلحة محدودي الدخل من المرضى.

ولا تزال المعركة قائمة بين الحكومة والبرلمان، بعد أن أعلنت لجنة الصحة بالمجلس، رفضها قرارات تسعير الدواء، وعدم التزام الحكومة ببقاء أسعار أدوية الأمراض المزمنة بدون زيادة.

«فيتو» أجرت حوارا مع الدكتور محمد خليل العماري، رئيس لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، والذي أكد أن التسعير ليس فقط هو أزمة الدواء في مصر، وأن مشكلة التسعير العشوائي ليست وليدة اللحظة، وإنما تراكمات عقود طويلة.

وأكد النائب أن اللجنة مستمرة في التواصل مع الحكومة من أجل الوفاء بوعدها فيما يتعلق بعدم المساس بأدوية الأمراض المزمنة.

«فيتو» تناولت خلال الحوار عددا من الملفات الخاصة بالمنظومة الصحية في مصر، ومن بينها المستشفيات العامة وما حل بها من تدهور، معلقا آماله على قانون التأمين الصحي، والذي وصفه بأنه أمل المصريين في علاج متميز.

وإلي نص الحوار:


*هل انتهت أزمة الأدوية بعد ارتفاع الأسعار؟
_ أزمة الأدوية لن تنتهي في يوم وليلة، لأن قضية الدواء تمثل أمنا قوميا لمصر، والقضية لاتزال مثار جدال ومناقشة، والأزمة ستظل قائمة لأنها لا تخص وزارة الصحة فقط.

*إذن من المسئول إلى جانب وزارة الصحة في قضية الدواء بمصر؟
_ تخص عدة وزارات بداية من الصحة وقطاع الأعمال والصناعة والتجارة، والمالية، والاستثمار، والتعاون الدولي، كلها وزارت تعمل في منظومة الدواء.

*وما كان دور اللجنة في أزمة الدواء منذ بدايتها؟
_ الأزمة بدأت فعليا بعد تحرير سعر صرف الدولار، مما أدى لتناقص بعض الأصناف، واختفاء أصناف أخرى، وأنواع دواء تم بيعها في السوق السوداء، وكان تحرك لجنة الصحة بعقد عدة اجتماعات مع المسئولين عن ملف الدواء، المنتجون والصيادلة والمستوردين وشركات قطاع الأعمال العام، وخرجنا بعدة توصيات كان أهمها الالتزام بعدم تحريك أسعار أدوية الأمراض المزمنة وتوفير الـ146 صنفا المنقذة للحياة والتي لا يوجد لها بديل، وكان ضمن 9 توصيات للجنة.

*لكن الحكومة لم تلتزم بهذه التوصيات؟
_ بالفعل عندما خرج قرار التسعير الجديد كان يتضمن 619 صنفا من الأمراض المزمنة، بالرغم من أن عددها أكثر من ذلك، وعلى الرغم من أن أدوية الأمراض المزمنة لها بدائل ومثائل في السوق، إلا أننا نتحفظ على ضمها ضمن الزيادات التي طرأت على الدواء، لا سيما وأنه كان هناك توافق عليها.

*وما الموقف من الـ 146 صنفا المنقذة للحياة بعد قرار الحكومة برفع أسعارها؟
_ هناك إقرار ضمني من رئيس مجلس الوزراء، لمتابعة هذا الأمر بتوصيات من رئيس الجمهورية، عن طريق استيرادها من خلال الشركة المصرية للأدوية مع توفير الدعم المالي لها بواقع 800 مليون دولار.

*معني ذلك أن المعركة لا زالت قائمة بين اللجنة والحكومة بسبب أسعار الدواء؟
_ هي ليست معركة.. وكلنا نسعى من أجل صالح المريض، خاصة وأن آليات العرض والطلب في سوق الدواء استلزمت تحريك الأسعار، وعلينا أن نعرف عدة حقائق، الأدوية منذ 1994 لم يحدث لها تسعير إلا في شهر مايو 2016، وهو ما يفرض تحريك الأسعار، لكن لابد من مراعاة الأمن الاجتماعي للمواطنين، ومراعاة المسئولية الاقتصادية للشركات المنتجة، ونحن نتحدث عن موضوع متشابك لا يمتلك فيه طرف يمتلك القرار منفردا.

*لكن القرار راعي الظروف الاقتصادية للشركات ولم يراع المسئولية الاجتماعية للمواطنين؟
_ بالفعل.. الضوابط التي وضعتها اللجنة أيقنت بتحريك الأسعار، وفقا لآليات العرض والطلب، واللجنة طالبت بعدم تحريك أسعار أدوية الأمراض المزمنة والحكومة لم تلتزم وهذا تحفظ من اللجنة على قرار الحكومة.

*وما موقف اللجنة من عدم التزام الحكومة بتوصياتها ؟
_ تقدمت ببيان عاجل لوزير الصحة في هذا الشأن خلال الجلسات العامة للبرلمان الأسبوع الماضي.

*وهل سيتم استدعاء الوزير أو أي من المسئولين للمواجهة بشأن عدم احترام التوصيات؟
_ نحن تحدثنا في حضور الجميع ورفضنا تحريك أسعار أدوية الأمراض المزمنة ولازلنا متمسكين بتوصيات اللجنة.

*وهل أدوية الأمراض المزمنة لها بدائل؟
_ بالفعل لها بدائل ومسائل كثيرة وكان لابد من عدم تحريك أسعارها.

*وما دفوع الحكومة في هذا الشأن أو ما الذي دفعها لتحريك الأسعار الخاصة بهذه الأدوية؟
_ الرد من الحكومة في هذا الشأن، أن هذه الشركات ليس لها إنتاج غير الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة وأرادت أن تستفيد من القرار الذي ينص على أن أن لكل شركة اختيار 15% صنف من الدواء المحلي، و20% من المستورد لتحريك أسعارهم، وهناك شركات لا يوجد في قوائمها غير أدوية الأمراض المزمنة وبالتالي كان لابد من تحريك بعض الأصناف.

*هناك بعض الأصناف تجاوز ارتفاع سعرها 100%؟
_ إطلاقا.. هذا كلام عار تماما من الصحة.

*أنا أعرض عليك شكاوى المواطنين؟
_ ما حدث من زيادة وفقا لقرار الحكومة فقط من جنيه إلى 50 جنيها تكون الزيادة 50%، ومن 50 جنيها إلى 100 جنيه تكون الزيادة 40%، وما أكثر من ذلك 30%.

*هل لدى الحكومة من الرقابة ما يؤهلها لمنع التلاعب في أسعار الدواء بالصيدليات؟
_ علينا أن نعلم أنه لا يوجد شيء مسعر في هذا البلد غير الدواء والبنزين.

*وجود سعرين للدواء قد يؤدي لأزمة داخل الصيدليات مع المواطنين؟
_ اتحفظ على هذا الكلام.. لا يوجد سعرين للدواء، ولكن هناك تشغيلة قديمة قبل صدور قرار زيادة الأسعار، وعلى الصيدلي بيعها بالسعر القديم، أما الجديد يتم بيعه بالتشغيلة الجديدة، ورقم التسعيرة والتشغيلة موجودة على كل علب الدواء، وليس معقولا أن تخزن الصيدليات والشركات الدواء لحين ارتفاع الأسعار ثم تبيع بالسعر الجديد.

*البعض يري أن ذلك يؤدي لعملية "لخبطة"؟
_ لا توجد لخبطة، ولكن هناك من يسعى لافتعال أزمة، ومن يفعل ذلك لا يراعي ضميره ولا يراعي البعد الاجتماعي.

*في ظل هذه الأزمة البعض طالب بإقالة وزير الصحة لأنه لم يلتزم بما تعهد به بعدم زيادة أسعار الدواء؟
_ كما ذكرت لك أن القضية ليست في وزارة الصحة وحدها وإنما موضوع الدواء مرتبط بعدد من الوزارات المختلفة.. ثم إن قضية الدواء منذ ما يزيد عن 20 عاما في حاجة لحلول، خاصة في ظل تشوهات التسعير، وكذلك صناديق المثائل لذلك من بين توصيات اللجنة للقضاء على التسعير العشوائي أن كل 12 ألف صنف في السوق يعاد تسعيرها بمقياس العدالة.

*لكن الرئيس تحدث عن تعديل وزاري مرتقب.. هل ترى أن وزير الصحة من الأسماء التي تستحق الإطاحة؟
_ وزير الصحة الحالي يقوم بدوره والمرحلة الحالية صعبة وهناك عدة ملفات شائكة يؤدي فيها بشكل جيد، لذلك أرفض إقالته.

*وما ملامح الأداء الجيد التي تبقي على وزير الصحة؟
_ أنا لست صاحب قرار في بقاء وزير من عدمه، الأمر في يد رئيس الجمهورية، ولكن الوزير يؤدي أداء جيدا، على مستوى المستشفيات هناك إنجاز في أزمة المحاليل، بعد افتتاح خط ينتج مليون و200 ألف عبوة شهريا وكل ذلك يساهم في حل مشكلات شائكة منذ 6 أشهر، وعلى مستوى القطاع العلاجي، هناك كثير من المستشفيات بدأت إعادة تأهيلها.

*بمناسبة تأهيل المستشفيات.. هل الحل في إعادة التأهيل أم نحن في حاجة لمستشفيات جديدة؟
_ نحن نحتاج للاثنين وعلينا ترتيب الأولويات وفقا لما هو متاح، هناك مشكلة في الإتاحة مثل عدد الأسرة ومسألة العناية المركزة وحضانة الأطفال، لذلك علينا إعادة تأهيل الموجود وتجويد الخدمة، وبعدها نبدأ في إقامة المستشفيات الجديدة، والأهم في الوقت الحالي قانون التأمين الصحي الشامل فهو الأمل والرجاء الذي ينتظره كل المواطنين.

*وأين وصل القانون ولماذا تأخر؟
_ القانون حاليا في وزارة المالية، لحساب التكلفة الاكتوارية للمشروع.

*ذكرت أن القانون هو الأمل الذي ينتظره المواطنين.. هل تتوقع أن يحقق المرجو منه؟
_ هذا القانون شامل، ملامحه تتمثل في فصل التمويل عن الخدمة، وهو تكافلي وإجباري، حتى لو أراد المواطن العلاج في الخارج عليه دفع الاشتراك.

*وماذا عن جودة العلاج وفقا للقانون؟
_ سيكون هناك قطاع متخصص مسئول عن جودة العلاج متدرج بحيث تصل إلى أعلى مستوى من الجودة خلال 5 سنوات.

*وماذا عن المميزات التي سيقرها القانون؟
_ فصل التمويل عن الخدمة وهذا عامل مهم، لأنه في الوضع الحالي حينما تكون الجهة هي الممول ومقدم الخدمة فلا تكون على أعلي مستوى كنوع من التوفير لتحقيق عائد، أما في النظام الجديد يعطي الحق للمواطن في الحصول على الخدمة الصحية في أي مكان سواء قطاع خاص أو قطاع عام، وهذا القانون يغطي جميع المواطنين.

*بخصوص المستشفيات الخاصة.. هناك مغالاة في أسعار الخدمة بسبب الإقبال عليها أكثر من المستشفيات العامة التي تعاني من الإهمال؟
_ بالتأكيد.. هناك خلل في المنظومة الصحية وخصوصا في الأقاليم.. المستشفيات الحكومية كلها متهالكة وهناك أزمات في نقص طواقم الأسرة والتمريض، ولكن هذه المشكلات ليست وليدة اليوم، وإنما هي تراكمات عقود تتجاوز 30 سنة.

*إذن هل للحكومة دور في ضبط أسعار الخدمة في المستشفيات الخاصة؟
_ أعتقد أن التراخيص والمراقبة وجودة الأداء مسئولية وزارة الصحة، أما فيما يتعلق بالتسعير فهناك إدارة للعلاج الحر، وفي تسعير الخدمة مثلا أجر الطبيب لا أحد يتحكم فيه، وإنما هو مسألة عرض وطلب بين الطبيب والمريض، ولكن التأمين الصحي الشامل هو الحل الأمثل للمشكلات الصحية في مصر، لأن فلسفة القانون تقوم على شراء الخدمة من أي أحد، لأن مقدم الخدمة ليست هيئة التأمين الصحي، وإنما هي الممول فقط، بينما تلقى الخدمة في أي مكان بما في ذلك مستشفيات الشرطة والجيش، والمريض هو صاحب القرار في الحصول على العلاج في المكان الذي يرى.

*معني ذلك أن القانون يقضي على سلبيات المنظومة الصحية؟
_ هذا حقيقي ونحن نسعى لخروج القانون في أفضل صوره.

*أجر الطبيب أزمة في مصر وهو أحد أسباب تدني الخدمة في المستشفيات الحكومية، فضلا عن شكاوى من عدم صرف بدل العدوى.. أين دور اللجنة؟
_ فيما يتعلق ببدل العدوى، تواصلنا مع الوزارة وتم مخاطبة الحكومة لبحث وجود بند لصرف بدل العدوى، أما بالنسبة لتحسين أوضاع الأطباء، علينا ألا ننكر أن المرتبات متدنية وتحتاج إلى إعادة نظر ولكن ليس الأطباء فقط يعانون من ذلك وإنما فئات كثيرة تحتاج لإعادة نظر في المرتبات، ولكن علينا مراعاة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ولابد من ضرورة ربط الحافز للطبيب بالأداء، "من يؤدي عمل يحصل على حقه"، لأنه لا توجد حقوق مطلقة، ولابد من وجود تشريع عادل لمحاسبة الأطباء المقصرين في تقديم الخدمة.

*وهل الحكومة التزمت في برنامجها بما جاء في الدستور بشأن ملف الصحة؟
_ هذا دستور ولجنة الخطة الموازنة لن تمرر موازنة غير مطابقة للدستور، وما جاء فيما يتعلق بملف الصحة التزمت به الحكومة في الموازنة العامة للدولة.



الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية