رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية: حل أزمة سد النهضة بيد السيسي.. والتحكيم مستحيل


  • قضية سد النهضة لا يجب طرحها أمام العامة ويجب حلها في سرية وهدوء
  • توقيت الإعلان عن مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل غير مناسب
  • المبادرة الرئاسية تدفع المفاوضات للأمام وتنهي المشكلة 
  • تصديق البرلمان الإثيوبي على اتفاق عنتيبي أخذنا إلى حافة الهاوية

أدار الندوة : محمد أبو المحد - إيمان مأمون

أعدتها للنشر : هند نجيب


لفتت مشاركة الرئيس "عبد الفتاح السيسي" بالقمة الأفريقية مؤخرا الأنظار مرة أخرى إلى قضية "سد النهضة" بعد أن التقى الرئيس السيسي على هامش القمة برئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين لمناقشة تطورات "ملف السد" ومدى تأثيره على مصر وحصتها من المياه، فضلا عن ما خرجت إليه القمة الأفريقية من نتائج منها إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية، وإعلان الرئيس السيسي دعم مصر الكامل لجهود تحقيق التكامل الاقتصادي الأفريقي، ومسار مفاوضات منطقة التجارة الحرة القارية»، ودعوته للاستفادة من الفرص الاقتصادية المتميزة المتاحة للقارة الأفريقية، من خلال زيادة الاستثمارات الداخلية، والارتقاء بمعدلات التجارة الأفريقية البينية، واعتبر المراقبون أن القمة الأفريقية مثلت فرصة لتحريك المياه الراكدة بين مصر وإثيوبيا للبحث عن نقاط للتلاقي حول أزمة سد النهضة ومخاوف مصر من تأثيره على حصتها المائية، "فيتو" استضافت في صالونها الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بمعهد البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة للوقوف على مدى تداعيات قضية سد النهضة وتأثيرها على العلاقات الدبلوماسية مع إثيوبيا، والحلول التي يمكن أن تطرح لحل الأزمة، في ضوء توتر العلاقات المصرية مع الدول العربية، والدعم الإسرائيلي لبناء وتشييد السد، وغيرها من التفاصيل، وإلى أهم ما جاء بالندوة:

*الحديث عن عودة العلاقات المصرية الإثيوبية وبناء ثقة بين البلدين هل بات سانحا بعد القمة الأفريقية وتوصياتها؟
بالتأكيد سنحت الفرصة لخلق توازن إقليمي بإثيوبيا وإجراء تواصل مع الداخل وأبناء المنطقة وإنشاء علاقات اقتصادية وإيجاد مصالح بين الطرفين، ومصر يجب أن تفتح علاقات مع جنوب السودان؛ لأنه الرئة التي يمكن لمصر أن تتنفس منه مائيا، خاصة أن معظم مشروعات استقطاب الفواقد المائية تقع في جنوب السودان ودرجة اعتمادهم على نهر النيل في أغراض الزراعة لا تتجاوز الـ1% ويعتمدون على سقوط الأمطار والمهنة الأساسية لهم هي الرعي.
كما يتعين على الحكومة الاهتمام بتوطيد العلاقات مع دولة إريتريا التي تطل على البحر الأحمر بـ1159 كيلو، ودخلت في حرب مع السودان 30 عاما للحصول على استقلالها، وترتبط مع مصر بمصالح إستراتيجية، وما يشاع عن إريتريا أنها حليفة إسرائيل كلام غير صحيح، ونجد أن هذه الدولة غير عضوة في جامعة الدول العربية نظرا لأن العنصر العربي قليل لا يتجاوز 3%، وعلى الرغم من ذلك ترحب إريتريا بدعم الدول العربية الأخرى، إذا كان هذا في سبيل دعم المصالح بين البلدين، وتعتبر من أهم دول العالم في محاربة الفساد، وأنصح أيضا بتوطيد العلاقات مع جنوب السودان وتشاد والجزائر، خاصة أن الأخيرة تنتج أكبر كمية من الغاز الطبيعي على مستوى الدول الأفريقية وتصنف رقم 15 عالميا.

*هل أزمة سد النهضة سببها التعامل غير الجيد من قبل حكومات سابقة؟
موضوع سد النهضة هو حصاد لسنوات طويلة كان لدينا إمكانية التفاوض بأريحية والوصول إلى حلول وسط في فترة حكم استمرت 30 عاما للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، كنا نستطيع أن نزيد حصتنا من المياه، وأن نوفر للجانب الأفريقي الطاقة ونتفاوض معهم بشكل إستراتيجي وبخطة طويلة المدى، ولكننا نجد أن البنك الدولي صنف السد العالي من أعظم مشاريع القرن العشرين، بسبب حجم فوائدة وتكلفته وقلة الآثار الجانبية، لكن النظام الحالي أمام رغبة إثيوبية عارمة في إقامة سد النهضة، خاصة أن مصر وافقت من حيث المبدأ على إنشاء سد النهضة عام 2011 بدون الحصول من إثيوبيا على دراسة لآثاره المترتبة، فإثيوبيا تتصرف الآن مع النيل كنهر إثيوبي خالص، ويسمون النيل الأزرق في إثيوبيا "النهر الخائن" لأنهم غير مستفيدين من خيراته، وأقول للنظام الحالي إنني أتفق مع الرئيس عبد الفتاح السيسي أن موضوع سد النهضة لا يجب طرحه أمام العامة، ويجب حله في سرية وهدوء، خاصة أن الإعلام عندما حولت إثيوبيا مجرى النيل الأزرق تسبب في وقوع حالة من التوتر، على الرغم أن إجراء إثيوبيا كان طبيعيا وبشكل مؤقت يحولون مسار النيل إلى مجرى آخر لتقليل مستوى المياه للبدء في إنشاءات سد النهضة.
وما أثير من الإعلام حول منع إثيوبيا المياه عن مصر "مستحيل" لأنه إذا منعت إثيوبيا المياه نهائيا ستتعرض للغرق، مصلحة إثيوبيا في إزاحة المياه إلى الأمام، مياه النيل تجدد كل عام، هناك نحو 1660 مليار متر مكعب على دول حوض النيل يصل إلى مصر والسودان نحو 84 مليار متر مكعب.

*هل ممكن أن تطرح قضية سد النهضة أمام التحكيم الدولي؟
اللجوء إلى التحكيم الدولي والقضاء الدولي في مسألة سد النهضة يجب أن تتوافر به بعض الشروط، أهمها أنه لا بد من موافقة أطراف النزاع كتابيا مسبقا على اللجوء للتحكيم، وإثيوبيا ترفض ذلك؛ لأنها تعلم أن القانون الدولي ليس في صالحها.

*كيف يمكن الوصول إلى حلول وسط مع الجانب الإثيوبي بشأن قضية سد النهضة؟
مصر تفاوضت مع إثيوبيا على التوالي وليس على التوازي، لم يكن لدى مصر رفاهية أو وقت لاختيار بديل آخر، كان ينبغي على جميع المؤسسات في مصر أن تعمل في وقت واحد، وأن تقسم الأدوار عليهم، ونجد أن ظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي في الصورة بشكل مباشر يدفع المفاوضات للتقدم للأمام، لذلك ملف إثيوبيا يجب أن يكون ملف الرئيس شخصيا، بالإضافة إلى أنني أطالب بدعم الدول العربية لمصر؛ لأن قوتها وضعفها يؤثر على الإقليم العربي، ويجب على الدول العربية أن تعرف أن سقف الخلافات لا يأتي على حساب الثوابت.

*في رأيك هل انتهت جميع أوراق اللعب في قضية السد وبات أمرا واقعا كما صرح من قبل وزير الخارجية المصري؟
في رأيي لحل موضوع قضية سد النهضة أولا يجب إطلاق مبادرة رئاسية مصرية مدعومة عربيا، وذلك يعني أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يطلق مبادرة قائمة على أمن الطاقة مقابل أمن المياه وتعديل مواصفات تنفيذ السد مع إثيوبيا، ودعم الدول العربية خاصة 3 دول وهم السعودية التي تعتبر ثالث أكبر مستثمر في أفريقيا وهي من الخمسة الكبار كشركاء التجارة والاستثمار في إثيوبيا، ونصف ما تستورده الإمارات من لحوم مذبوحة من إثيوبيا، أما الكويت فمعظم عمالها من إثيوبيا، لذلك أرى أن الدول العربية لديها القدرة على التأثير على القرار الإثيوبي وخاصة الثلاث دول السابق ذكرهم، أما بالنسبة للشرط الثاني للمبادرة تعديل مواصفات السد، سيكون له شروط تخدم البلدين منها زيادة عدد سنوات تخزين المياه، وعدد الفتحات في جسم السد مع تقليل كمية التخزين خلف السد.

*وماذا عن الدور الإسرائيلي في القضية؟
إسرائيل تحلم منذ عام 1985 بالحصول على حصة من نهر النيل، خاصة أنها منذ ذلك العام وهي تستهلك كل حصصها من المياه والمتاح لها حاليا من المياه نحو 60% منهوب من العرب منذ عام 1967، فنجد أن إسرائيل تستخدم سياسة شد الأطراف والمحاصرة وافتعال أزمات بين مصر ودول المنابع، والمساومة تقوم على حصولها على حصة من مياه النيل مقابل المساعدة في حل النزاع، وأقول في حالة حصول إسرائيل على حصة من المياه سيؤدي ذلك إلى تغيير وجه الحياه في إسرائيل حيث ستزداد المساحات المزروعة لديها، وستقوم ببناء مزيد من المستوطنات وجذب مهاجرين جدد، وسيصبح التوازن الديموغرافي في غير صالح العرب، وبالتبعية ستتأذى مصر، خاصة أنها تصنف العدو رقم 2 بعد سوريا حسب استطلاعات الرأي في إسرائيل.

*كيف تقيم مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل؟
أرى أن توقيت اختيار الإعلان عن المشروع غير مناسب بغض النظر عن إمكانية تنفيذ المشروع وآثاره الجانبية، ولكن إذا كان لديك أكثر من 100 مليار متر مكعب من المياه تستطيع أن تحصل عليها من نهر الكونغو فلماذا تنازع إثيوبيا عندما تقيم سدا على النيل الأزرق، وعلى الإثيوبيين أن يدركوا أن النيل نهر دولي يتم التعامل معه من منبعه إلى مصبه كوحدة واحدة، وليس مجرد نهر عابر للحدود مثلما يروجون لهذا المصطلح، لذلك دول حوض النيل غير قادرة على إقامة أي مشروعات على النهر إلا بالرجوع إلى الدول المشاركة.

*ما تحليلك لموافقة المملكة العربية السعودية على إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي؟
أعتقد أن السعودية بعد عملية عاصفة الحزم في اليمن وجدت أن الحوثيين، جماعة "أنصار الله" باتوا على مقربة من مضيق باب المندب وهو أمر يمس الأمن الوطني السعودي، الأمر الآخر لباب المندب الجانب الأفريقي الصومال وجيبوتي الذي انطلق إليهما عناصر من الشباب المجاهدين ومنهم عناصر منهم بقيادة عبد القادر مؤمن تمركزوا في بونط لاند على مقربة من ميناء بوصاصو على خليج عدن، بالإضافة إلى ذلك تواصلت عناصر داعش معهم لكي يسيطروا على تلك المنطقة وبالفعل أعلن عبد القادر مؤمن البيعة لأبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، وهم الآن يسعون للسيطرة على ذلك الميناء.
وعلينا أن نقول إن ميناء بوصاصو من أكبر الموانئ على خليج عدن، ونجد أنه من يسير في الخليج يجد نفسه بين المطرقة والسندان محاصرا في الجنوب من أبو بكر الحوثي في اليمن والجانب الآخر في الشمال عناصر داعش في الصومال، لذلك أدركت السعودية أنها في حاجة إلى حليف فاتفقت مع جيبوتي على إنشاء قاعدة عسكرية، بالإضافة إلى سيطرة إثيوبيا على الاقتصاد في جيبوتي، وتواجد أكثر من قاعدة عسكرية يتم تأجيرها لعدد من الدول التي تمثل دخلا وطنيا لها وتوفر العملة الصعبة، ويعمل الآن على إنشاء خط سكة حديد منها إلى أديس أبابا.
الجريدة الرسمية