رئيس التحرير
عصام كامل

نوال السعدواي في معرض الكتاب: التعليم في مصر «متخلف».. الدين بالوراثة باطل.. القوانين سبب ظاهرة «السينجل مازر».. قانون الأحوال الشخصية سيئ


حلت الكاتبة الكبيرة نوال السعداوي، اليوم الخميس، ضيف شرف في ثامن أيام معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الثامنة والأربعين، وتطرقت إلى عدة قضايا وأمور خلال لقاء حر نظمته بالمعرض.


الطفولة
وقصت نوال السعداوي حكايات طفولتها خلال اللقاء، قائلة: "كنت طفلة متمردة، وكانت جدتي فلاحة بسيطة تذهب إلى العمدة فيمسك لها القرآن ويقول لها: أنتي فلاحة متخلفة، فترد عليه بأن: القرآن ليس الله، وإنما عرفنا الله بالعقل.. أما أبي فكان دائما يقول لا تؤمني بشيء لا يدخل عقلك.. وذات مرة حلمت أمي بأن والدي تزوج بأخرى، فاستيقظت في اليوم التالي لتحضير حقيبتها، وقالت لأبي لا أستطيع أن أعيش معك وأنت مع أخرى، فرد أبي: هتحاسبيني على أحلامك".

وأكدت الدكتورة نوال السعداوي، أن حياتها الخاصة لا تنفصل عن حياتها العامة، فما تقوله في غرفة النوم تستطيع قوله في الشارع، مضيفة أصعب ما يواجهه الشخص هو ازدواج شخصيته، في أن يقول شيئا في الندوات وفي منزله أمر آخر.

التعليم والطب
كما تحدثت عن دراستها للطب قائلة:"كنت متفوقة في الطب، ولم أكن أفرق بين المشرط والقلم، فعندما أكتب اشرح المجتمع وأحلله مثلما أشرح الإنسان".

وأضافت نوال السعداوي: "دراسة الطب جاهلة، لذلك الأطباء جهلة، وهو ما يجعل أكثر المنضمين لداعش أطباء، لأنهم لم يتعلموا أصول الفلسفة، ولم يقرأوا التاريخ والأدب"، مؤكدة أنها دائما كان زملاؤها يسألونها لماذا تكتبين وأنتي طبيبة، مؤكدة أنها من أغرب الأسئلة التي كانت تتعرض لها، فالكاتب الجيد لا يفصل بين العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وأكدت أن التعليم في مصر "متخلف"، وحتى أمريكا تعليمها "متخلف"، وأضافت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الشخصية التي تمثل وتشبه نظام الحكم والقوانين الأمريكية.

دين الوراثة باطل
وخلال اللقاء، أكدت نوال السعداوي أن أي دين بالوراثة باطل، فالمسلم يصبح مسلمًا لأن والده يحمل هذا الدين، وهو أمر لا يصح، حيث لابد للشخص من اختيار دينه وعقيدته التي يريد أن يكمل حياته بها.

وأشارت نوال السعداوي إلى أنه لا بد من تدريس جميع الأديان في المدارس، أو الأديان الكبرى الرئيسية، حتى يمكن للشخص اختيار دينه بدون إملاء عليه أو وراثته عن والده ووالدته، وحتى لا نرث مع الأديان التطرف والإرهاب، مؤكدة أن المجتمع لابد أن يتمتع بالشجاعة الكافية لتغيير معتقداته، وقالت: "فنحن نرث المعتقدات وتعاليم الدين ونرددها كالببغاوات".

وأضافت نوال السعداوي أن هناك مدرسة فكرية كبيرة بالإسلام تؤكد أنه إذا تعارضت المصلحة مع النص، فتغلب المصلحة، لأن النص والعدالة ثابتان والمصلحة متغيرة، ورغم جدارة تلك المصلحة بالتطبيق إلا أن مجتمعنا لا يطبقها، وذلك بسبب ممارسة جميع أنواع الإرهاب الفكري عليه، فتجد شخصًا يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، وإذا ما سألته عن تفاصيل تلك الشريعة، تجده لا يعرف عنها شيئا.

السينجل مازر
كما اهتمت نوال السعداوي، بالتعليق على ظاهرة "السينجل مازر" التي انتشرت بشكل كبير في مصر في الآونة الأخيرة، قائلة:"الأزمة سببها القوانين التي لا تردع الرغبة الجنسية عند الرجال، وعدم تقنين الحرية المطلقة في الجنس التي يحظى بها الرجل في مصر".

وأكدت نوال السعداوي أن النساء اللواتي يعملن في البغاء لايحملن، لأنهن يواظبن على أقراص منع الحمل، أما من يحملن فهن النساء اللواتي أحببن بصدق وتعرضن لخداع الرجال، مؤكدة أن النساء لابد أن يتثقفن، فالمرأة الحرة كالجبل الوعر لا يمكن صعوده، أما المرأة المستكينة فيسهل صعودها بسهولة.

وأكدت نوال السعداوي أن خادمات البيوت كن أكثر النساء ترددا على العيادات لطلب الإجهاض، ولو رفض الطبيب يمكن أن يؤدي ذلك لانتحار المرأة خوفا من الفضيحة وسلطة الأهل عليها.

الحرية الجنسية للرجال
وأكدت الدكتورة نوال السعداوي، أن الرجال في مصر لهم حرية جنسية مطلقة لا يحاسبون عليها، أما المرأة فتعلق لها المشانق لو اقترفت أي ذنب صغير، مؤكدة أن القوانين المصرية مزدوجة، أحدها للرجال وأخر للنساء.

وأشارت إلى أنها صادفت ذات مرة شخصا اعتدى على ابنة أخته جنسيا، وبعد حملها، تشارك مع أخيها لإجهاضها والتآمر عليها، وساعدت على ذلك الأم، مؤكدة أنه لابد من الالتفات إلى التخمة الجنسية التي يعاني منها المجتمع الذكوري، خاصة مع الرغبة الحالية في المجتمع بتجديد الفكر.

الطلاق الشفوي
وانتقدت نوال السعداوي "الطلاق الشفوي"، وأكدت أنه لا يمكن أن يتم طلاق المرأة شفويًا على الرغم من أن الزواج يكون تحريريًا، وأضافت أن هناك فقهاء لا يستخدمون عقولهم.. الدين لخدمة البشرية وليس قهرها".

نساء ذكوريات
وأشارت نوال السعداوي إلى أن هناك نساء "ذكوريات" أكثر من الرجال أنفسهم، حيث تخلق في نفسها رغبة ماسوشية في أن تكون هي إلها، وأن يكون هو عبدا، مؤكدة أن عيادتها النفسية استقبلت مجموعة كبيرة من الرجال أيضا لا يشعرون برغبة جنسية إلا بعد ضربهم.

وأكدت نوال السعداوي أنه لابد أن تتحد الحركة النسائية مع الرجال المستنيرين لتغيير قانون الأسرة في مصر، لأنه من أسوأ قوانين الأسر في العالم.

القانون والمرأة
وأشارت إلى أن قانون الأحوال الشخصية يعتبر أن الزوجة هي الأدنى درجة في الأسرة، مؤكدة أن الرجل المصري يحاول ممارسة سلطته بشكل أكبر على المرأة المثقفة، ضاربة المثل بوزيرة مصرية سافرت بدون زوجها، فطلقها بشكل غيابي، وقالت: "الرجل المصري يهدد المرأة المستنيرة والمثقفة، أكثر من المستكينة".

تفضيل الكتابة

وأكدت نوال أن شبح الطلاق يرعب المرأة المصرية، قائلة: "زوجي الثاني كان رجل قانون، وكان يكره كتاباتي لأن مجلس الدولة كان يناقشه في كل قصة اكتبها، فخيرني بينه وبين الاستمرار في الكتابة، فاخترت بدون تردد أن استمر في الكتابة، لأنه لا يمكن لي أن أتنازل عن حقي في التفكير، لذلك أحاول دائما تحسين صورة الطلاق، فهي كلمة تأتي من مصطلح انطلاق أي حرية، وهو ما لا يحق للمرأة أن تخشاه"، مؤكدة أن الفكر الديني مبني على قهر المرأة، وقالت:"الحيوانات لها قيمة في مصر أكثر من النساء".

رأيها في معرض الكتاب
وقالت الدكتورة "نوال السعداوي" إنها زارت معرض الكتاب منذ فترة طويلة جدًا، وكانت القاعة آنذاك كبيرة تستوعب أكثر من ١٥٠٠ شخص، مضيفه:"قاعات معرض الكتاب الحالي صغيرة جدًا.. أظنهم صغروا قاعات معرض الكتاب علشان مش عايزين جمهور ".

وأشارت نوال السعداوي، إلى أن الندوات الفكرية والنقاشية في غاية الأهمية، لأنه فيما سبق كان الطفل المصري أذكى من أستاذه، إلا أن الأيام تغيرت وأصبح الأطفال لا يقرأون، وأكدت أنها تعول على الندوات في استرجاع مبادئ الفكر وإثارة العقول للتفكير، قائلة: "أرجو أن تقرأوا، فكتبي كانت ممنوعة لأكثر من نصف قرن، وممنوعة من الظهور في الإعلام الرسمي لأنهم يخشون صراحتي".
الجريدة الرسمية