السيسي سيحارب الإرهاب والفساد معا!
منذ خروج الشعب على جماعة مبارك الفاسدة في 25 يناير ونحن نكتب ونحذر، ونخرج على كل المنابر الإعلامية المتاح لنا الخروج عليها وننادي بأعلى الصوت حتى ( بح ) صوتنا، أن معركة مصر سوف تكون معركة مزدوجة، الأولى مع جماعة الإخوان الإرهابية، التي تسللت إلى المشهد السياسي في أعقاب ثورة 25 يناير، ثم تسلقت جدران المؤسسات التنفيذية والتشريعية في محاولة لسرقة مصر، وقد كان ما تنبئنا به منذ اللحظة الأولى وتمكنت الجماعة الإرهابية من التسلل والصعود إلى سدة الحكم، لكن سرعان ما انتبه الشعب واستجاب لصرخاتنا المحذرة من خطورة هذه الجماعة الإرهابية، فكانت 30 يونيو ضربة قاصمة لهذه الجماعة.
أما المعركة الثانية التي لا تقل خطورة عن المعركة الأولى فهى معركتنا ضد جماعة مبارك الفاسدة التي سرقت ونهبت قوت الشعب، وجرفت الأرض المصرية على مدار ثلاثة عقود كاملة، وكتبنا وحذرنا منذ 25 يناير بأنهم يشكلون ما يطلق عليه الدولة (العميقة) حيث يتواجدون بكثافة في كل مؤسسات الدولة ويسيطرون على مفاصلها الأساسية التنفيذية والتشريعية والاقتصادية والإعلامية، وبذلك يفرضون سياساتهم على السلطة السياسية ويتحكمون في مقدرات البلاد والعباد، وبالفعل تراجع رموز الفساد الكبار في عهد مبارك خطوة للخلف بعيدًا عن المشهد حتى تمر العاصفة، لكنهم دفعوا بصبيانهم من الصفوف الخلفية وغير المعروفين للرأي العام وأداروا معركة الثورة المضادة..
انتظروا حتى قام الشعب بالإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية في 30 يونيو، وانقضوا مرة أخرى على السلطة خاصة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء والتشريعية ممثلة في مجلس النواب، وبالطبع لم يكن قد فرطوا ولو للحظة واحدة في سيطرتهم وهيمنتهم على الاقتصاد الوطني ولا وسائل الإعلام الأداة الأكثر خطورة في توجيه الرأي العام وتزييف وعي الجماهير.
وجاء الرئيس السيسي من قلب الجيش وتفاؤل الجميع، فالجيش شريكا للشعب ومنصفًا لحركته الثورية سواء في 25 يناير ضد مبارك وجماعته الفاسدة أو في 30 يونيو ضد جماعة الإخوان الإرهابية، ولم نتوقف عن الكتابة والخروج على كل المنابر الإعلامية، لنحذر الرئيس منذ توليه المسئولية من الجماعتين معًا جماعة الإرهاب وجماعة الفساد، وأكدنا أن معركة مصر لا بد أن تكون على مسارين الأول هو مكافحة الإرهاب والثاني هو مكافحة الفساد..
وبالفعل استجاب الرئيس وحتى قبل أن يتولى السلطة وبسرعة فائقة إلى دخول معركة مكافحة الإرهاب فقام بهجمة مباغتة لرموز وقيادات الجماعة الإرهابية كانت ضرورية لتقويض دعائم الإرهاب، ورغم أن أنصار الجماعة بالداخل والخارج لم يتوقفوا عن ممارسة أعمالهم الإرهابية، إلا أن الجيش قد نجح إلى حد كبير في هزيمتهم رغم الخسائر الكبيرة في أرواح جنودنا وضباطنا البواسل خاصة في سيناء.
ولكن على المسار الآخر مسار مكافحة الفساد تأخر الرئيس كثيرًا وقد يكون معه بعض الحق فالجماعة الفاسدة أخطر وأشرس وتمتلك أدوات أكبر للتدمير وبالتالي دخول المعركة معها يتطلب حسابات دقيقة للغاية، لكننا كنا نحذر طوال الوقت بأن تأخير المواجهة مع رموز الفساد سوف يؤدي أولًا إلى تآكل شعبية الرئيس، وثانيًا سيمكنهم أكثر وأكثر من السيطرة والهيمنة على مفاصل الدولة، وهو ما حدث بالفعل فحتى اللحظة الراهنة يسيطرون سيطرة كاملة على مقاليد الثروة والسلطة، وما زالت سياساتهم الاقتصادية الرأسمالية الفاشية المنحطة تلقي بظلالها على المجتمع المصري فتمص دماء الفقراء والكادحين والمهمشين وتزيد من معاناتهم وأوجاعهم.
وجاء لقاء الرئيس هذا الأسبوع في المؤتمر الوطني للشباب في أسوان، وخلال جلسته الختامية، سمعت ولأول مرة منه شخصيًا أنه سيخوض معركتي الإرهاب والفساد معًا، وسعدت للوهلة الأولى بكلمات الرئيس لأنها تطابقت مع ما أنادي به منذ 25 يناير حتى الآن، لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هل سيتمكن الرئيس من المواجهة المباشرة مع رموز الفساد الذين عادوا من جديد ليسيطروا ويفرضوا هيمنتهم على السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى جانب السيطرة الكاملة على الاقتصاد والإعلام؟!
نتمنى أن تبدأ المواجهة التي تبدو متأخرة كثيرًا، ولكنها ممكنة فكما قمنا بمباغتة رموز وقيادات الجماعة الإرهابية، يمكننا مباغتة رموز وقيادات الفساد، لنعيد للشعب ثرواته المنهوبة وتعود للرئيس شعبيته المتآكلة بفعل تأخر دخوله معركة مكافحة الفساد، اللهم بلغت اللهم فاشهد.