سر اكتئاب وزير الزراعة!
قال الدكتور عصام فايد وزير الزراعة: إنه فقد ابتسامته الدائمة منذ قبوله منصب وزير الزراعة، وأضاف أمام أعضاء لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب.. "المعروف عني ابتسامتي الدائمة التي فقدتها من يوم ما مسكت الوزارة"، وترك الوزير لأعضاء اللجنة والمواطنين الذين تابعوا اللقاء عبر وسائل الإعلام، مهمة البحث عن سر اكتئاب الوزير، وإمكانية علاج تلك الحالة التي بدأت مع تعيينه وزيرا للزراعة.
فـإذا كان الاكتئاب أصاب الوزير، عندما اكتشف أن مشكلات الوزارة أعقد بكثير مما كان يتوقعه، وهو بعيد عن المسئولية، وأنه ليس بمقدوره تقديم حلول لتلك المشكلات المعقدة، فإن الحل الوحيد في هذه الحالة أن يتقدم الوزير باستقالته، ويعترف بتقصيره في التعرف على مشكلات الوزارة، قبل أن يقبل تولي المنصب، خاصة أن هناك أكثر من مرشح للمناصب الوزارية.. اعتذروا عن قبولها لعدم قدرتهم على مواجهة المشكلات المزمنة في تلك الوزارات، ولو أن المهندس عصام فايد اعتذر عن الوزارة، لما عابه أحد ولاستطاع أن يحتفظ بابتسامته الدائمة وتجنب الاكتئاب.
ولو أن الوزير قدم حلولا لمشكلات وزارته، ولم يجد استجابة من باقي الوزراء أو معارضة من قيادات الوزارة، لكان من واجبه أن يعلن للرأي العام عن الذين عطلوا مشروعاته، وبذلك يرضي ضميره تجاه مواطنيه.. وتعود إليه ابتسامته من جديد، ولكنه لم يفعل وكأنه أراد أن يتحمل المسئولية وحده.. ويبرئ الجهات الأخري من التدخل في شئون وزارته.
وربما يرجع سبب اكتئاب الوزير إلى أن العديد من القرارات الخاصة بوزارته تصدر عن مجلس الوزراء، ولا دخل له في إقرارها، ومنها على سبيل المثال قرار ربط سعر القمح بالسعر العالمي، الذي صدر عن المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء، وهو القرار الذي أغضب النواب، الذين سبق لهم الاتفاق مع رئيس الوزراء على سعر يشجع الفلاح على زراعة القمح، ويجنب الدولة خسارة جانب كبير من العملة الصعبة لاستيراد القمح من الخارج.. والغريب أن الوزير دافع عن قرار لم يشارك في إصداره، بحجة أنه يهدف إلى «عدم ظلم الفلاح وتلافي المشكلات الناتجة عن جشع التجار».
والحقيقة أنه سيؤدي إلى امتناع الفلاح عن زراعة القمح، لأن الأسعار العالمية ليست مشجعة، وتدفع الفلاحين إلى زراعات أخرى ذات عائد مناسب، وقد سبق أن قاطع الفلاحون زراعة الذرة، والنتيجة ما أعلنه الوزير من أن مصر تستورد ذرة صفراء بـ١.٦ مليار دولار، وقال إن هذا لا يجب أن يستمر ولن نصلح إلا بالاعتراف بوجود أخطاء وتقصير!
ولم يحدد الوزير المسئول عن الأخطاء والتقصير الذي دفع الفلاح إلى الحد من المساحات التي تزرع بالمحاصيل التي ترتبط باحتياجات المواطنين وأمن الدولة، ومن الطبيعي أن يتعرض للانتقاد الشديد من النواب، وأن يصل الأمر إلى الانسحاب من المجلس، ورفض حضور الجلسة العامة، وتصريحه بأنه «يتضايق عندما يدخل البرلمان» ويعاتب النواب بالقول «يؤسفني أنه لم يطلب مني عرض إستراتيجية الوزارة، منذ أن تمت الموافقة على برنامج الحكومة، بالرغم أن هذا هو المطلوب».
ولا أجد أي مبرر لامتناع الوزير عن الإعلان عن إستراتيجية وزارته، ومناقشتها مع النواب إلا أنه «يتضايق عند دخول المجلس» حسب تأكيده.
لن ينقذ الوزير من الاكتئاب إلا أن يعلن عن أصحاب المصالح الذين يحاصرونه، ويتصدون لكل مشروع قرار يصدر لصالح الفلاحين، وبذلك تعود إليه ابتسامته المفقودة!