رئيس التحرير
عصام كامل

الأزهر والأقلام الواهية


لن أتبع أسلوب بعض الكتاب الذين يشنون هجومًا قاسيًا على الأزهر الشريف، وإنما سأحاول عرض ما عندي بأسلوب علمي وموضوعي وبناء، فهذا ما تعلمته في الأزهر الذي انهال عليه كتابنا باتهامات أقل ما يقال عنها إنها باطلة وغير صحيحة بالمرة؛ وكم تمنيت أن يرى هؤلاء الأزهر بعين الحياد والموضوعية وأن يتسموا بالعدالة وألا يتبعوا أسلوب هؤلاء الذين لم يروا في مشروع افتتاح الرئيس مشروع الأسمرات السكني العملاق سوى السجادة الحمراء!


رفض شيخ الأزهر تكفير "داعش" حتى لا يكون مثل الخوارج الذين راحوا يكفرون كل من يخالفهم في الفكر أو الرأي، وأصر فضيلته على أن الدين لله ولا يملك أحدًا تكفير مسلم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

نعم! قال أستاذي الطيب إن البوذية دين إنسانية لأنه أراد مخاطبة الطرف الأساسي للنزاع في بورما، أي البوذيين، بمنطقهم وبمبادئهم هم حتى نقف على أرض مشتركة ننطلق من خلالها إلى حوار حقيقي للوصول إلى نتيجة تقوم على احترام المخالف وإنصافه لحل النزاع القائم بين المسلمين والبوذيين في بورما.

هل ممكن أن يذكر الكتاب المهاجمون للأزهر قائمة بأسماء المثقفين والمبدعين الذين طاردهم الأزهر؟! فهل يُعتبر "إسلام بحيري" نموذحًا للمثقفين والمبدعين المصريين؟! والأهم من ذلك أن عقوبة "إسلام بحيري" كانت بناءً على حكم قضائي.. القضاء المصري النزيه الذي يحترمه القاصي والداني؛ وذلك بسبب تعرضه وتطاوله على العلماء الذين قال عنهم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، إنهم ورثة الأنبياء، وهنا أذكر هؤلاء الكتاب المثقفين أن يعودوا بذاكرتهم إلى الوثائق التي أصدرها الأزهر في سنوات الثورة الأولى بعد 25 يناير و30 يونيو وهي وثائق وطنية توضح موقف الأزهر من حركة المجتمع ونظامه الجديد والتي شارك فيها كبار رجال الفكر والأدب والصحافة مثل الأستاذ جمال الغيطاني والدكتور صلاح منتصر والأستاذ السيد ياسين، وغيرهم.

السخرية التي يتحدث بها هؤلاء الكتاب المهاجمون للأزهر عن "تقديس الرمز" تذكرني بموقف السلفيين عندما رفض البعض منهم الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني واستيائهم لتحية العلم!!

اعترض بعض هؤلاء الكتاب على النص في الدستور يمنح استقلالية للأزهر حتى لا يكون تابعًا لدولة أو لأي مؤسسة أخرى.. والعجيب أن نفس هؤلاء المنتقدين هم من دافعوا عن استقلالية الأزهر أيام حكم الإخوان!! أليس من الأولى والأنفع أن يستقل الأزهر وشيخه الأكبر!!

إن الأزهر الشريف.. هيئة وطنية مصرية ينظمها الدستور المصري ويضعها ضمن مقومات الدولة دون أفضلية لأحد سوى أن "منصب" شيخ الأزهر حصنه الدستور لضرورة استقلاليته في هذه الفترة بالذات منعًا لتسرب المتشددين أو المنتمين لأي توجه -خارج منهج الأزهر- لهذا المنصب.

ولفضيلة شيخ الأزهر الشريف الذي تحدث عنه المنتقدون بأسلوب غير لائق مواقف وطنية مخلصة وشجاعة -معلومة للجميع- في الوقت الذي توارى فيه الكثيرون؛ وموقفه من ثورة 30 يونيو من أبرز هذه المواقف التي لن ينساها المصريون.

أما عن خطبة الجمعة والمعركة التي يتوهم البعض وجودها بين الأزهر ووزارة الأوقاف فهذا كلام غير صحيح لأن مجال الدعوة الإسلامية مجال مشترك بين الأزهر والأوقاف والإفتاء، وأي خلل في أن يكون علماء الأزهر هم خطباء المساجد!! فهذه هي مهمتهم الأصلية ونأسف لأن البعض أثار موضوع الإخوان في هذه المعركة المفتعلة، فهذا تجنٍ واضح وقراءة مخادعة للقضية ومحاولة لتشويه الأزهر.

هل "الجهاد" يدعو للإرهاب؟ أليس الجهاد هو دفاع عن الأرض والعرض والدين والوطن ضد أعدائه من كل صنف ولون؟! ولقد تم تخصيص لجان للنظر في المناهج بصفة دورية كل عام حرصًا على التجديد ومواكبة المقترحات الجديدة في ظل الثوابت الشرعية التي لا يعرفها إلا المتخصصون.

أما عن الادعاء بوجود مخالفات مالية فهذا شأن تكشفه أجهزة الدولة المعنية، وهي بالفعل موجودة في كل المؤسسات وفي مقدمتها الأزهر، وكل من تثبت عليه المخالفة أيًا كانت سيحاسب وفق قانون الدولة وليس قانون "الأزهر" يا سادة.

والأزهر مؤسسة رسمية مثل أي مؤسسة تخضع لمراقبة الدولة، فلا داعي لهذه المزايدة المكشوفة الواهية، ولو كان لدى هؤلاء دليل لقدموه وأعلنوه للجميع.

أما الكلام عن التمويل السعودي وعلاقته بتجميد الخطاب الديني فإنه غمز غير مقبول وتشكيك مرفوض؛ لأن هذا كلام خطير وتشويه متعمد للدولتين وليس للأزهر أو شيخه فقط، وزهد الإمام الطيب وعزته يعرفها الكبير قبل الصغير، وإثارة هذا الكلام الباطل قد يعرض العلاقة بين الدولتين لمشكلات نحن في غنى عنها بسبب هذه الافتراضات المزعومة غير المسئولة.

الأزهر قلعة حصينة للفكر الإسلامي الوسطي منذ ألف عام، شاء من شاء وأبى من أبى... والعالم كله يشهد بذلك، فالأزهر الشريف منارة في قلب مصر المحروسة التي ستظل آمنة بإذن الله رغم وجود الأقلام والآراء التي تحاول نسف رسالته، ولكنه سيظل حارسًا لكتاب الله ورسالة الإسلام المضيئة ولو كره الحاقدون !!
الجريدة الرسمية