الغرض مرض
في عالم موازٍ ليس هو عالمنا الحقيقي، وعلى كوكب يشبه كوكبنا، كان فيه رئيس عظيم لدولة من باب الصدفة اسمها مصر، والرئيس من باب الصدفة برضه اسمه جمال عبد الناصر، والرئيس ده شعبه كان بيحبه، ولما كان بيخطب.. الناس كانت بتحفظ فقرات كاملة من خطبه، زي ما كانت بتحفظ أغاني عبد الحليم حافظ وأم كلثوم بتوع العالم الموازي، والحقيقة هو كان عنده طريقة مبهرة في الإلقاء، تقول إيه بقي، موهبة من عند ربنا، ولما كان بينفعل وهو بيقول الخطبة من دول كانت الدنيا بتقف على رجل واحدة، ولما كان بيتكلم على العدو بتاع مصر بتاعة العالم الموازي اللي هو بالصدفة اسمه الصهيونية والإمبريالية وإسرائيل وأمريكا، كان بيقول هارميهم في البحر، وساعتها الناس كانت بتنبسط جدا.
والحقيقة هو كان رئيس وطني حقيقي، ومخلص، وعايز فعلا يرمي أعداء بلده في البحر، لكن قوى الشر كانت بتتآمر عليه، تعرفوا بتتآمر عليه ليه، لأنه كان مؤمن بحاجة اسمها القومية، والقومية دي ممكن تخلي العرب يتجمعوا ويتحدوا ويوجهوا إمكانياتهم المالية في خدمة تسليح جيوشهم وتنمية قدراتهم، يعني القومية دي كمشروع سياسي ممكن يخلي العرب الضايعين التايهين الغلابة حاجة محترمة جدا بين الأمم.
وبالصدفة البحتة أن جمال عبد الناصر وبلده مصر كانوا بينتموا لقومية اسمها القومية العربية بتاعة العالم الموازي، وهو بقي كان بيقول في خطبه اللي بيقولها للناس الفقراء: قوميتنا واحدة وأمتنا واحدة من المحيط إلى الخليج، تقوم الناس تصقف وتهيّص وتهتف له، المهم إن الرئيس ده لأنه كان مؤمن بالقومية العربية بتاعة العالم الموازي جه في يوم وقال في خطبة من خطبه بصوته الرنان وطريقته الحماسية الانفعالية:" إحنا عندنا جزيرتين اسمهم تيران وصنافير، وأنا قررت لاعتبارات قومية أديهم للمملكة العربية السعودية" ثم استمر منفعلا:" الجزيرتين دول وهما مع مصر هما جزيرتين عربيتين" ثم ارتفع صوته وهو بيقول:" وهما مع السعودية جزيرتين عربيتين، وتحيا الأمة العربية" وفي الحتة دي الجماهير ما مسكتش نفسها من الانفعال، وفضلت تهتف للرئيس والأمة العربية ومصر والسعودية".
انتهت قصة العالم الموازي، لكن عايز اسألكم سؤال: لو حدث في هذا العالم الموازي وجه رئيس في مستقبلهم اسمه مثلا: السيسي، وقال: أنا عايز استرد لمصر الجزيرتين دول، وإن الرئيس عبد الناصر فرَّط فيهم، تفتكروا يا سادة يا أفاضل كان ممكن أنصار وأتباع وأحباء الرئيس عبد الناصر الموازي كانوا قالوا إيه وعملوا إيه فيه؟ إيييه دنيا.. الغرض مرض.
