رئيس التحرير
عصام كامل

"ليلة سقوط بغداد" فى ذكراها العاشرة.. العاصمة العراقية سقطت 4 مرات فى التاريخ الإسلامي.. الدبابات الأمريكية تمر أسفل قوس النصر فى 9 إبريل 2003.. صفقات مع قادة الجيش وراء انسحاب القوات من الشوارع

ليلة سقوط بغداد-صورة
ليلة سقوط بغداد-صورة أرشفية

تمر اليوم الأربعاء، الذكرى العاشرة لسقوط بغداد فى قبضة القوات الأمريكية، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم يتحقق لها الاستقرار، فقد ذهب نظام وجاء آخر، لكن التفجيرات ظلت باقية حتى الآن، وتحديدًا منذ إعلان سقوط عاصمة "الخلافة العباسية" بغداد فى 9 إبريل 2003.


وقد تعرضت بغداد لكثير من الغزوات الخارجية والتقلبات الداخلية طيلة القرون الماضية، باعتبارها مطمع كبير لمختلف القوى الحاكمة ولتمتعها بالعديد من مزايا القوى التى تمنح من يمكنه السيطرة عليها تحكمًا كبيرًا فى شئون وسياسة المناطقة المجاورة.

فقد مرت مدينة بغداد، بعدة مراحل من تغيير الدول الحاكمة والغزو، وقد ذكر التاريخ أن سقوط بغداد 2003 لم يكن أول سقوط لها، ففى عام 1258 سقطت بغداد عاصمة العباسيين فى يوم الأحد 4 صفر 656 هجرية الموافق 10 فبراير 1258 ميلادية على يد هولاكو بن تولوى بن جنكيز خان، وقُتل الخليفة المستعصم.

وفى 1508 سقطت بغداد بأيدى الصفويين فى عهد إسماعيل الصفوى، وفى عام 1831 سقطت العاصمة العراقية فى أيدى الجيش العثمانى، بعد ما يقارب 82 عاماً من سيطرة المماليك عليها.

أما عام 1917، أى يوم الأحد 11 مارس 1917, فقد سقطت بغداد عاصمة ولاية بغداد العثمانية بعد سلسلة من الانتصارات فى يد الجيش البريطانى خلال القتال مع الاتراك العثمانيين فى الحرب العالمية الأولى, وفى يوم الأربعاء 9 أبريل 2003 سقطت عاصمة جمهورية العراق بأيدى قوات التحالف الدولية، بعد أن تمكنت القوات الأمريكية من التقدم لوسط بغداد.

وكان المشهد الواضح عندما مرت الدبابات الأمريكية تحت قوس النصر فى بغداد لدى دخولها بغداد عام 2003, أى بعد ثلاثة اسابيع من بداية الحملة العسكرية الأمريكية نحو بغداد.

كان التوقع الأول، أن تقوم القوات المدرعة الأمريكية بحصار بغداد وتقوم بحرب شوارع فى بغداد بإسناد من القوة الجوية الأمريكية، وفى 5 أبريل 2003 قامت مجموعة من المدرعات الأمريكية وعددها 29 دبابة و14 مدرعة نوع برادلي, بشن هجوم على مطار بغداد الدولى وقوبلت هذه القوة بمقاومة شديدة من قبل وحدات الجيش العراقي, التى كانت تدافع عن المطار, وقوبلت القوة الأمريكية بعدد من العمليات الإنتحارية ومنها عمليتين قامت بهما سيدتان عراقيتان كانتا قد أعلنتا عن عزمهما بالقيام بإحدى العمليات الاستشهادية من على شاشة التليفزيون العراقي.

وشهد 7 أبريل 2003، قيام قوة مدرعة أخرى بشن هجوم على القصر الجمهورى واستطاعت أن تثبت موطأ قدم لها فى القصر, وبعد ساعات حدث انهيار كامل لمقاومة الجيش العراقي, ولا تزال تفاصيل معركة المطار وانهيار مقاومة الجيش غير معروفة.

بل إن هناك مزاعم عن أن قيادات الجيش الأمريكى تمكنت من إبرام صفقات مع بعض قيادات الجيش العراقى الذى تقلص فجأة بعد أن كان الجميع يتوقعون معارك عنيفة فى شوارع بغداد.

وفى 9 أبريل عام 2003، أعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على معظم المناطق, ونقلت وكالات الأنباء مشاهد لحشد صغير يحاولون الإطاحة بتمثال للرئيس العراقى صدام حسين فى وسط ساحة أمام فندق الشيراتون، والتى قاموا بها بمساعدة من ناقلة دبابات أمريكية, وقام المارينز بوضع العلم الأمريكى على وجه التمثال ليستبدلوه بعلم عراقى فيما بعد.

وهنا يمكن الإشارة إلى أن إحدى المحطات الفضائية العربية كانت قد بثت لقطات للرئيس السابق صدام حسين وهو يتجول فى أحد مناطق بغداد فى نفس يوم سقوط التمثال، والذى أصبح أحد المشاهد العالقة فى ذاكرة الكثيرين.

وتولى القائد العسكرى الأمريكى تومى فرانكس قيادة العراق فى تلك الفترة باعتباره القائد العام للقوات الأمريكية, وفى مايو 2003 استقال فرانكس وصرح فى أحد المقابلات مع صحيفة الدفاع الأسبوعي" Defense Week" أنه تم بالفعل دفع مبالغ لقيادات الجيش العراقى أثناء الحملة الأمريكية وحصار بغداد للتخلى عن مراكزهم القيادية فى الجيش.

وبعد سقوط بغداد فى 9 أبريل 2003، دخلت القوات الأمريكية مدينة كركوك فى 10 أبريل وتكريت فى 15 أبريل 2003، وبعد هذا السقوط أيضًا بدأت عمليات سلب ونهب واسعة النطاق فى بغداد وبعض المدن الأخرى, وقد نقلت هذه العمليات للعالم كله عبر شاشات التليفزيون, وقام الجيش الأمريكى بحماية مبانى وزارتى النفط والداخلية فقط ومن ضمنها المخابرات العراقية, وبقيت المؤسسات الأخرى كالبنوك ومخازن الأسلحة والمنشآت النووية والمستشفيات بدون أى حماية, وأرجع قيادات الجيش الأمريكى ذلك إلى عدم توفر العدد الكافى لجنودها لحماية المواقع الأخرى.

ومن الأماكن التى تعرضت إلى النهب والسلب وتركت جروحًا عميقة فى ذاكرة العراقيين وجميع العالم سرقة المتحف الوطنى العراقي, حيث سرق من المتحف 170 ألف قطعة أثرية وكانت بعض هذه القطع من الضخامة فى الحجم ما يستحيل سرقته من قبل أفراد عاديين, وبرزت شكوك على أن تكون هذه السرقة بالذات منظمة.

واستدعت القوات الأمريكية مكتب التحقيقات الفيدرالى ليساعد فى إعادة التاريخ العراقى المسروق, ومن السرقات التى حصلت وكان لها دور بارز فى الأوضاع السياسية فى العراق بعد 9 أبريل 2003 كانت سرقة آلاف الأطنان من الذخيرة الحربية من معسكرات الجيش العراقى وسرقة مركز للأبحاث النووية فى التويثة والتى كانت تحتوى على 100 طن من اليورانيوم حيث قامت شاحنات بنقل محتويات هذا المركز إلى جهات مجهولة.

وذكرت زينب بحرانى أستاذة الآثار الشرقية القديمة فى جامعة كولومبيا الأمريكية آنذاك أن المروحيات التى هبطت على مدينة بابل الأثرية قامت بإزالة طبقات من التربة الأثرية فى الموقع وقد تهدم سقف معبد نابو ونيما اللذان يرجعان إلى 6000 سنة قبل الميلاد نتيجة لحركة الطائرات المروحية.

الجريدة الرسمية