رئيس التحرير
عصام كامل

التحالف الممنوع بين مصر وإيران لترضية السعودية.. محور (القاهرة – طهران) ضرورة إقليمية.. صفقات الأمراء مع الإيرانيين بلغت 20 مليار دولار.. وأردوغان تنازل عن رحيل الأسد ولم يلتفت للرياض


إشكالية غير مفهومة في طبيعة العلاقات الفاترة بين مصر وإيران، القاهرة تبتعد طواعية عن طهران لترضية العواصم الخليجية، وفي ذات الوقت تطالعنا الأخبار بين الحين والآخر بخبر زيارة أمير أو وفود عربية إلى بلاد فارس لبحث العلاقات وطي الخلافات.


أيضا القاهرة تصر على تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع الجارة الآسيوية، في المقابل نجد تمثيلا على أعلى المستويات الدبوماسية مع المملكة العربية السعودية ودول التعاون الخليجي الأخرى.

ملف العلاقات بين الطرفين -مصر وإيران- معقد وغير مفهوم أشبه بحالة السلام البارد بين العواصم، تخوض الدولة المصرية حربا دبلوماسية نيابة عن عواصم خليجية ضد المؤسسات الإيرانية، وتعتبر تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين من أعمال الشيطان.

حان الوقت
في ظل المتغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والهجمة الغربية على الحضارات والدين والتاريخ، لا بد من وضع نهاية لحالة الشتات التي بين عاصمتين –القاهرة وطهران- يمتلكان مقومات الحلف الإستراتيجي الناجح القادر على حفظ الأمان داخليا والدفاع عن المقدرات أمام الهجمات الخارجية.

العلل التي تفرضها مصر الوطنية البعيدة كل البعد عن الطائفية والمذهبية، المتيزة باعتدالها والمتمسكة بإسلامها الوسطى، لم تعد مقبولة في تفسير أسباب الابتعاد عن إيران الدولة القوية التي تمتلك من المقومات العملية والاقتصادية والسياسية، ما يجعله في قوائم الحلفاء ذوي الأهمية، بعيدا عن الصراعات المذهبية التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل.

علاقات الخليج
النظرة المصرية للعلاقات مع إيران، الهادفة في الأساس لترضية أمراء وملوك الخليج، تصطدم بحجم تبادل تجاري يبلغ نحو 20 مليار دولار سنويا، تستأثر الإمارات العربية وحدها على نحو 80% من هذا الرقم، والباقي موزع على دول الخليج، بالرغم من احتلال طهران لجزر الإمارات الثلاثة "طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى".

التمثيل الدبلوماسي أيضا بين طهران والعواصم الخليجية في أعلى درجاته السياسية وتمتلك كل دول سفارة رسمية هناك، وبعثة دبلوماسية كاملة بالرغم من حرب التصريحات في وسائل الإعلام.

التعاون مع تركيا
اللافت أيضا في الأمر أنه بالرغم من الهجوم التي تتعرض له مصر بمجرد التلويح بالحصول على شحنة نفط من إيران، وتخرج أبواق إعلامية هنا وهناك معتبرة الأمر "خيانة للعرب في برميل" نفط، يغض الخليج بكامله الطرف عن علاقات التعاون الوثيقة التي تجمع طهران وأنقرة، توجت مؤخرا بالتفاهمات التي حدثت على الأرض بينهما بشأن الملف السوري، واتباع رجب طيب أردوغان دبلوماسية معوجة مع السعودية التي تراها منقذ الأمة الإسلامية، لم ينشغل الرئيس التركي بالنظر إلى العرب ووضع مصالح بلاده فوق كل الاعتبارات والصداقات، وهرول إليهم رافعا راية التحالف والتفاهم بتنازله عن مطلب رحيل السوري بشار الأسد عن حكم سوريا عصب الخلاف بين إيران وجميع كارهي بشار.

السياسة والمصالح
الوصول إلى نقطة تصفير الخلافات غير الموجودة بين مصر وإيران، يتطلب إرادة حقيقة لدى الطرفين في إقامة تعاون على أسس وطنية بعيدة عن الخلافات المذهبية مشيدة على قواعد السياسة والمصالح، واحترام كل طرف لتحالفات الآخر التاريخية لتجنب الهروب من محاولة الاختطاف.

ولعل وجود القاهرة في معادلة إيجابية لها نتائج مع طهران أفضل من البقاء على الهامش وتجمد الدماء في شرايين التواصل، بما يغلق الطريق على الوساطة المصرية، لتخفيف حدة الخلافات والتوتر بين إيران والخليج ويسمح بفتح قنوات حوار أقدمت الكويت نفسها على تدشينه لإذابة الأزمات.
الجريدة الرسمية