رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا فشلت الثورة؟


مساحات واسعة أفردتها صحف ومواقع إلكترونية على مدى أربع سنوات لمحاولة الوصول إلى أسباب فشل ثورات الربيع العربي ومنها ثورة الخامس والعشرين من يناير.. ثورات قامت على نظم ظنت أنها خالدة ولا يحق لأحد أن يقول لها كيف ولماذا ومن أين لك هذا.. ديمقراطية شكلية، ودستور وهمي، وإعلام زائف، وعدالة ظالمة لا تعرف وزنًا لشيء، حتى طفح الكيل ولم يعد يجدي الصبر والسلوان، فكان الخروج الجماعي في الشوارع، وتعالت هتافات "الشعب يريد" لتزلزل أركان المنطقة.


ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي الشعوب، لتدخل الثورات في حالة عميقة من فقدان الوعي والتي نطلق عليها "الغيبوبة"، فلا أهداف تحققت ولا وجوه تغيرت ولا أوضاع تيسرت.

لذلك لا تستعجب كثيرًا عزيزي القارئ من العنوان، فإذا كنت ممن آمنوا بثورة يناير لا تحاول أن تكابر وتقول إن الثورة لم تفشل أو تقول إنها نجحت ولكن تم اختطافها، فحقيقة الأمر الواضحة للجميع أن الثورة فشلت بكل المقاييس.

في هذه السطور لا أقوم بمناقشة جدلية فشل الثورة من عدمها؛ لأنه في نظري أمر مقطوع به، ولكن يجب علينا جميعًا أن ننظر في الأسباب الرئيسية لانطفاء شعلة الثورة بعد مرور ست سنوات على انطلاقها.

هناك من يرى أن السبب الرئيسي لفشل ثورة المصريين هو الثورة المضادة، أو عدم جاهزية المجتمع للتغيير، أو كما قال الراحل عمر سليمان إن المجتمع المصري غير جاهز للديمقراطية، وإنه غير قادر على الفهم الحقيقي لمفهوم التغيير في ظل حالة اللاوعي والتخبط الفكري الذي يعيشه المجتمع منذ عقود.

والبعض الآخر يطيب له أن يعلق شماعة فشل الثورة على قيادات نظام مبارك والحديث باستمرار عن أمور دبرت بليل لإجهاض جنين الثورة وإزهاق روحها.

وفريق ثالث يقفز على تلك الأسباب ويرى أن هناك أيادي خفية عربية وإقليمية ودولية دفعت أموالا طائلة لتشويه الثورة ودفنها في أجباب التاريخ حتى لا تنتقل إليهم في دولهم وممالكهم ولا تنتشر عدوى "الشعب يريد" بين شعوبهم.

لن أنكر أن جميع التحولات والمنعطفات المهمة خلال الست سنوات الماضية تؤشر إلى أن غالبية المجتمع غير جاهز للديمقراطية؛ بسبب عوامل عديدة لا يتسع المجال لذكرها، ولا أنكر أيضًا أن رجال نظام مبارك عملوا بكل جهد للقضاء على تلك الثورة وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 2011 لحماية مصالحهم ومراكزهم، كما أنه من المؤكد قيام قوى إقليمية بمساعدة رجال الدولة العميقة في قبض روح الثورة من جسدها.

ولكن..
أرى أن السبب الرئيسي لفشل هذه الثورة يكمن في فشل قيادات التيار السياسي المدني بكل انتماءاته الحزبية، والفكرية في بلورة وصياغة خارطة طريق، وخطة تحرك للحفاظ على قطرة أول غيث مكتسبات الثورة.

فشل تجلى في أغبى صوره، عندما عجز تيار مدني لديه ظهير على الأرض مكون من شباب حالم متحمس، عجز عن التوافق على مرشح لخوض انتخابات 2012 أمام مرشح الإخوان ومرشح النظام الذي قامت عليه الثورة !!

هل أنت متخيل أن أكبر قيادات العمل السياسي المدني لم يستطيعوا في لحظة واحدة فقط تغليب مصلحة الثورة على مصالحهم الشخصية الضيقة.. قيادات مثل عمرو موسى وحمدين صباحي وخالد على وأبو العز الحريري وهشام البسطويسي ومحمود حسام كلهم ترشحوا لرئاسة الجمهورية.. هل تعلم أن مجموع أصوات ناخبيهم مجتمعون تجاوزت 33% وأن محمد مرسي وأحمد شفيق أصوات ناخبيهم كانت 24.7 و23.6 على التوالي.. وهل تعلم أن حمدين صباحي نسبته وحده في الانتخابات بلغت 20.7% !!؟؟ هل أنت قادر على تخيل ماذا كان سيحدث حينها ؟!
الجريدة الرسمية