للرقابة الإدارية.. تعظيم سلام
يمكن أن نطلق على 2017 عام الرقابة الإدارية وضرب الفساد، فتقريبًا لا يمر يوم إلا وتضرب الرقابة الإدارية بؤرة من بؤر الفساد الذي تمكن من كل مفاصل الدولة خصوصًا جهازها الإداري، ولا يختلف مكان عن آخر، فمعظمهم في الفساد صورة واحدة.. فمنهم من كان مسئولا كبيرًا على رأس إدارة مهمة أو هيئة مهمة كان موثوقًا فيه حتى قبل أن يسقط بثوانٍ قليلة ولم يكن يتسرب إليه الشك في نزاهته وانتمائه لوطنه، فهو غالبًا موضع ثقة من وثق فيه، أو من كان مستشارا لوزير مسئول أو كان صاحب خبرة أوصلته إلى أن يتولى مهام وظيفة حساسة لكنه استخدم خبرته في عمليات فساد وإفساد فسقط غير مأسوف عليه، ومنهم مجموعة استغلت ضعف الرقابة والمتابعة من الرؤساء واستغلت المال السايب فقررت توظيف مهاراتها في الفساد ولعبت بالقوانين واللوائح وأهدرت أموال الدولة مقابل ما يدخل جيوبهم..
في أغسطس 2014 كتبت مقالا بعنوان (مواجهة الفساد.. المشروع القومي الأهم) جاء في بعض منه أنه ( للأسف الشديد أننا ندرك جميعًا الحجم الذي وصل إليه الفساد في هذا الوطن، ونعرف أننا جميعًا شركاء فيه بالفعل أو بالقول أو بالتبرير أو بالصمت العاجز وهو أضعف الإيمان، نمارسه كل يوم وعلى مدى الساعة ونحن نعلم أو ربما لا نعلم، وفي الحالتين هي مصيبة.. لأننا نمارس الفعل وننكره، ونفعل كل شيء وعكسه دون أن نخجل من أنفسنا، وفي النهاية عندما يؤنبنا الضمير إذا استيقظ لحظة أو لحظات نرفع الصوت مطالبين بمواجهة الفساد والقضاء عليه واتهام الغير –أي غير– بالفساد وننسى أننا شركاء فيه أو سهلنا حدوثه أو حرضنا عليه أو كان طريقا لتسهيل مصالحنا.. والفساد ليس فقط رشوة مالية أو جنسية، وليس فقط تسهيل حق لغير صاحبه، ولا الاستيلاء على شيء ليس من حقك! الفساد متعدد الأشكال والأساليب، وهو أداة لإفساد العقول والنفوس والقلوب، ولكي تواجهه وتقضي عليه فلابد من ضربه في كل موقع مهما كان هذا الموقع ومهما كان من يعملون فيه.)
مواجهة الفساد لا تقف عند القبض على مسئول حصل على رشوة أو سهل لحصول البعض على حقوق ليست لهم، هناك صور من الفساد لا تقل خطورة على الوطن من ذلك، وهي مقدمات منظومة الفساد التي انتشرت في كل موقع عمل، فتقصير العامل (من الوزير إلى الخفير مرورا بكل الدرجات) في عمله فساد، وتزويغ العامل من مكان عمله فساد، وإسناد عمل لغير المتخصص فساد، واعتبار راتب الوظيفة نفقة شرعية فساد، ودعوة من يعمل للتوقف عن العمل فساد، وترقية من لا يستحق فساد، ورؤية الخطأ والسكوت عنه فساد، والبحث عن واسطة لإنجاز أي مصلحة فساد، وإهدار الوقت فيما لا يفيد فساد، والتحايل على القانون لتحقيق منافع فساد، و( الصهينة) على الفساد فساد أكبر، والإسراف في استخدام الكهرباء والمياه دون حاجة فساد، وإلقاء الزبالة في الشوارع فساد، وهلم جرا، ومع ذلك لا نمل الحديث عن الفساد والفاسدين ونحن جزء منه ومنهم.. لكننا لا نعترف بذلك ولا نقبله على أنفسنا!
من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.. نحن من نشجع على الرشوة ونحن من يدفعها، ونحن من يسعى للواسطة ويفتش عنها، ونحن من نطلق الشائعات للتبرير والتخويف ونحن من قدسنا رموزا نعرف فسادها وظلمها وتضييعها للأمانة والمسئولية ثم ننقلب على كل ذلك ونمارس دور المصلح الاجتماعي الذي ما إن ينتهي من موعظته يبحث عن تحقيق مصالحه بطرق الفساد الكثيرة !
إذا كان عام 2017 هو عام للرقابة الإدارية وضرب الفساد فلنرفع لها ولكل محب لهذا الوطن القبعة، ولنعمل جميعا على ضربه والإبلاغ عن كل فاسد في كل موقع، والامتناع عن التطوع بتقديم الرشاوى والتمسك بحقوقنا في إنجاز كل معاملاتنا بلا فساد.. وتحيا مصر.