رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أنيس منصور يكتب: وجع القلب


في جريدة الأهرام 2010 كتب أنيس منصور مقالا قال فيه:

يا أخى كل يوم افتح الصحيفة فلا أجد إلا وجع القلب.. الله يلعن الأقارب أينما كانوا.. وسكت الرجل وكان لا بد أن أسأله طبعا.. فليست عبارته هذه إلا الدقات التقليدية على المسرح وبعدها تتفتح ستائر الكلام.


ولكنى فهمت ما الذي يريد أن يقوله فسكت للحظات لعل ذلك يضاعف عذابه مرة أخرى.. فعاد يكرر المعنى بعبارة أفضل.. يبدو أن الذي يبحث عن النكد والحزن يجده وبأسرع مما يتصور وما من يوم إلا وأجدنى أمشى في جنازة أو أتلقى العزاء.

لذلك فهو حزين معظم الوقت.. فهو كثير الأقارب والأصدقاء، وشديد المجاملة للناس أيا كانت صلتهم به، ويحاول أن يبرر ذلك بأنه من الحكمة أن يمشى الإنسان في جنازة غيره ليتعظ وليعرف أن كل شيء إلى نهاية وأن هذه الحياة الدنيا فانية، وأنه لا داعي لأن يتمسك بها ويكفيه أن يعيش بلا متاعب فإذا مات كانت نهايته بلا عذاب.

وهو كلام يقال في مثل هذه المناسبات وينساه الناس عادة عند أول لقمة حلوة أو وجه جميل أو تهديد في لقمة عيش أو لمقعد يجلس عليه.

وسألنى: وما رأيك أنت؟

ولم يكن يريد رأيى أن أوافقه على رأيه ولكنى وجدت حلا فذكرت له حادثة معروفة قلت له إن المشروع الإغريقى سولون زار صديقا له وتحدثا في أشياء كثيرة.. ثم أتجه إلى سولون ليقول له: ألم يجدر بك أن تتزوج ويكون لك أولاد. .ثلاثة.. ستة.. عشرة.. أنا أحب أن يكون لى عشرين من الأولاد؟

سكت الصديق ثم قال: إن لى صديقا جاء من أثينا وسيتناول معنا الغداء.

قال سولون أريد أن أراه لأسأله عن أحوال الناس هناك فأنا تركت أثينا منذ شهور.

وجاء الضيف وسأله سولون عن أحوال الدنيا.. فقال الرجل إنه سمع عن وفاة شاب وهو ابن رجل مشهور.. وسأله سولون ما سمه؟ وفى أي مكان يسكن ؟ قال: لا أعرف.. لكنى أظن أنك تعرف أباه.

قال سولون هل اسمه باولوس؟ قال الرجل أظن، هل تعرف أباه؟، قال الرجل لا أعرف سوى أنه مشهور وحكيم جدا.

انهار سولون وقال للضيف: لا تحزن إنها مداعبة.. إنما أردت أن أقول لك إنه من هذا لم أتزوج وليس عندى أولاد، فالذي عنده الكثير يخاف أكثر ويحزن أعمق.. ثم إن الناس والدنيا لا تساوى شيئا.
Advertisements
الجريدة الرسمية