الحرب على المكشوف في قضية ريجيني.. تسريب يلمح لتورط المخابرات البريطانية.. حقوقيون: عودة لنقطة الصفر ومرفوضة.. وجامعة كامبريدج في قلب العاصفة.. ورياح الأزمة تستهدف خالد علي
أزمة تسريب جديد شهدته مصر اليوم، بنشر مقطع فيديو يجمع بين الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، وممثل النقابة العامة للباعة الجائلين، يطلب فيه الحصول على معلومات مقابل أموال، كما يكشف كيفية الحصول على تلك المعلومات وطريقة حصول ممثل النقابة على الأموال، فيما ذكر ريجيني خلال الفيديو أن تلك المعلومات لصالح مؤسسة أجنبية.
فيديو الأزمة
وأكد ممثل الباعة الجائلين للشاب الإيطالي على حاجته للأموال حتى يستطيع علاج زوجته التي تعاني من مرض "السرطان" وتحتاج لعملية جراحية.
ورد القتيل الإيطالى –ريجينى- بأنه لا يستطيع التصرف في الأموال كونها تخص دراسته الأكاديمية، وأنه لا يمتلك سلطة لتحويل أموال من بريطانيا، ولكن يستطيع التحدث من خلال أفكار ومعلومات يتلقى من خلالها أموال من البريطانيين، ويتم تحويلها عبر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
محتوى التوريط
المحتوى السابق لتفريغ مقطع الفيديو المنشور، يحمل عدة نقاط هامة خصوصا إنه تم إذاعته على التليفزيون الرسمي للدولة، بما لا يدع مجالا لإنكاره ويسمح بنقله كرواية رسمية عن القاهرة.
صحيح أن الفيديو لم يحمل جديدا بخصوص دراسة الطالب الإيطالي المتعلقة بالعمل النقابي، لكنه كشف عن استخدامه الأموال في مقابل الحصول على المعلومات من بعض الأطراف المعنية، وأعاد التذكير بتورط جامعة كامبريدج البريطانية في الأمر، خصوصا أن رئيس الوزراء الإيطالي السابق، ماتيو رينزي، اتهم في أغسطس الماضى الجامعة البريطانية، بعدم التعاون الكافي مع السلطات الإيطالية، في التحقيقات الجارية بشأن مقتل ريجيني.
مركز خالد علي
المستهدف الثانى في التسريب على ما يبدو أنه "المركز المصري للحقوق الاقتصادية"، ويترأسه المحامي خالد علي المرشح الرئاسي السابق، بعدما جاء ذكر اسم المركز على لسان ريجيني كاشفا عن استخدامه كوسيط بين المؤسسة التي يعمل لصالحها في بريطانيا والقاهرة لنقل الأموال المستهدف توصيلها لبعض الشخصيات التي تمد الطالب بالمعلومات.
المخابرات البريطانية
أيضا نشر التسريب على التليفزيون الرسمي للدولة، ربما حمل هدفا خفيا من المؤسسات في القاهرة، تعمدت خلالها إبلاغ جهة سيادية في بريطانيا –المخابرات- بمعرفتها دورا غامضا لها في استخدام الطالب الإيطالي أو الجامعة البريطانية كامبريدج؛ للحصول على معلومات تخص الداخل المصري مقابل الأموال، هربا من تحمل عبء إرسال عناصرها المحترفين إلى القاهرة خشية افتضاح أمرهم وسقوطهم في يد الأمن المصرى.
رد المركز
في مقابل التكهنات والتحليلات، كشفت هدى كامل، عضو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن "الباحث جوليو ريجيني، كان يريد توسيع أبحاثه حول الباعة الجائلين من خلال منحة من مؤسسة أو جامعة بريطانية".
وأضافت في تصريحات لوكالة "أكي" الإيطالية، "لا أذكر هل قال لى إنها كانت مؤسسة أم جامعة، ولكننا لم نتكلم في التفاصيل وقلت له نتحدث عندما تعود من إجازة الكريسماس".
ولفتت إلى أن ريجيني "كان مدخله في اختيار الباعة الجائلين، إنساني أكثر، فهم أناس فقراء ليس لديهم رءوس أموال، وموجودون في كل مكان وبعضهم حاصل على شهادات جامعية، ومع ذلك يعملون في الشوارع كان يريد أن يلقي الضوء على حياتهم".
انتقاد للتسريب
وعلى صعيد متصل، قال ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن إذاعة فيديو يظهر فيه الطالب الإيطالي، جوليو ريجيني قبيل مقتله، يعود بنا إلى المربع صفر التي حاولت فيه الحكومة طمس الأدلة، ثم أنكرها النائب العام المصري في وقت متأخر، فحاز على ثقة نظيره الإيطالي بدرجة كبيرة.
وأضاف عضو المجلس في تصريحات خاصة لـ« فيتو»: «أعتقد أن نشر مثل هذه الفيديوهات من شأنه زعزعة الثقة مرة أخرى في مجريات التحقيق وجديتها من قبل الجانب المصري، وقواعد التعاون القضائي بين الجانبين».
وتابع: «لا يجب على الإطلاق أن تتورط الحكومة المصرية عبر قنوات تسيطر عليها بشكل مباشر أو غير مباشر، بمثل هذه الممارسات التي قد تؤدي بوصف نظام القضاء المصري بأنه غير راغب في إظهار الحقيقة، وهي مرحلة تم تجاوزها عقب تعاطي مكتب النائب العام مع الملف بطريقة مختلفة تتسم بالجدية».
إدانة مصر
ورأى جمال ذكري، مساعد وزير الداخلية السابق، أن مقطع الفيديو لم يكشف جديدا، فالتحقيقات طالما أكدت أن القتيل جاسوس على مصر، وهذا بالفعل مخالف للقانون، وبالتالي نشر هذا الفيديو ليس إضافة للقضية، إلا أنه قد يضع مصر في دائرة الإدانة.
ومن جانبه، تساءل عبد اللطيف البديني الخبير الأمني، عن الهدف من عرض الفيديو في الوقت الحالي، فهل الغرض توصيل رسالة بأن الطالب غير سوي، وكان يقدم أعمالا منافية للقانون، موضحًا كان من المفترض عدم نشر هذا الفيديو؛ لأنه سيكون إدانة لمصر، وسيتسبب في تصعيد القضية.
جريمة غامضة
وجوليو ريجيني كان طالب دكتوراه إيطالي في جامعة كامبردج قتل في مصر بعد اختطافه في 25 يناير 2016، وكان ريجيني متقدما كطالب لدرجة الفلسفة في كلية جيرتون في كامبردج ويبحث في اتحادات العمال المستقلة.
في 3 فبراير 2016، عُثر على جثة ريجيني في صحراء أكتوبر بمنطقة حازم حسن، وكانت جثته مشوهة وقد ظهرت على جسده آثار تعذيب شديد، وتُجرى تحقيقات مشتركة بين القاهرة وروما منذ حينها، ولم يتوصل حتى اللحظة إلى الجناة، وسمحت مصر مؤخرا للخبراء من إيطاليا وخبراء من شركة الألمانية لمراجعة محتوى كاميرات مراقبة مترو محطة الدقى المحذوفة في واقعة الاختفاء.