اجتماع الأستانا بين الرغبة الروسية والواقع
يأتي اجتماع الأستانا المقرر له اليوم الاثنين 23 يناير ليؤكد الرغبة الروسية الحقيقية في إنهاء الصراع الدائر في سوريا، وذلك لعدم قدرة روسيا الاقتصادية في الاستمرار في هذه الحرب.. فأهداف القيادة الروسية قد تحققت بتحرير حلب، وبحماية قاعدتها البحرية في طرطوس، وإقامة قاعدة جوية في حميميم، والتخلص من تمدد الخطر الإرهابي الذي كان سيطول أراضي روسيا الاتحادية إن لم تتدخل روسيا عسكريًا في سوريا في سبتمبر 2015.
ولذلك تريد روسيا الاتحادية تتويج انتصاراتها العسكرية في سورية بانتصار سياسي في الأستانا، وأيضًا تريد روسيا تأكيد قوة موقفها، وتحكمها في مجريات الأزمة السورية بنقل المحادثات المتعلقة بسوريا من جنيف وفيينا كشكل من أشكال الرعاية الأمريكية إلى الأستانا التي تمثل إحدى عواصم التأثير الروسية، إلا أن الرغبة الروسية بتحقيق هذا الانتصار السياسي محل شك كبير.
فهذه الرغبة تقابلها تحجرات في مواقف الأطراف الفاعلة في هذه الحرب، نرى الموقف الإيراني المتعنت في عدم حضور المملكة السعودية لهذا الاجتماع وهذا ما حدث بالفعل، نرى الموقف الإيراني الرافض حضور الولايات المتحدة لهذا الاجتماع، مما أدى إلى تصادم بين روسيا وإيران انتهى بانتصار وجهة النظر الروسية بحضور سفير الولايات المتحدة في كازاخستان لهذا الاجتماع، نرى الموقف التركي الرافض تماما لحضور ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردى ونرى موقف وفد المعارضة السورية الرافض تماما مجرد النقاش في الأمر السياسي، فالوفد الحاضر من جانب المعارضة سيناقش فقط وقف إطلاق النار في عموم سوريا، وهذا يجعل من اجتماع الأستانا مجرد مباحثات لن تقدم ولن تؤخر بسبب تضارب المصالح الكبير بين تركيا وسوريا وبين إيران وروسيا وبين الحكومة الشرعية في سوريا والمعارضة.
المهم في هذا الاجتماع هو جلوس وفد الحكومة الشرعية السورية ووفد من المعارضة على مائدة مباحثات واحدة وبشكل مباشر، وهذا أمر مرفوض تمامًا، فوفد المعارضة السورية هو في الأساس مكون من جماعات إرهابية، هي نعم ستقف مع اتفاق وقف إطلاق النار ولكن هي لا تريد الحل السياسي، وموقفها ثابت في حتمية خروج الرئيس الأسد وفرص الاتفاق مع هذا الوفد تكاد تكون معدومة بسبب الموقف الإيراني.
إلا أنه لو تم بالفعل اتفاق على وقف إطلاق النار في سورية بين الأطراف الحاضرة لهذا الاجتماع ستكون هناك مشكلة كبيرة على الأرض تتمثل في عملية فصل قوات فصائل المعارضة التي ستتفق (إن اتفقت) عن قوات الجماعات الإرهابية وأهمهم (داعش) و( فتح الشام جبهة النصرة في السابق)، مما سيؤدى إلى خروقات مستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار كما حدث في مرات عديدة في جميع الهدن السابقة، الأمر الذي سيجعل هذا الاجتماع كسابقيه في جنيف وفيينا والرياض.
اجتماع الأستانا بسبب ما تم ذكره من خلافات بين الأطراف الفاعلة وعدم حضور أطراف أخرى سواء أوروبية أو إقليمية سيكون مجرد خطوة من خطوات الحل السياسي في سورية الذي أراه بعيدا جدا بسبب عدم التخلص التام من الجماعات الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية، وهذه الجماعات دائما وأبدا ستكون العائق لأي حل سياسي، الأمر الذي سيجعل القضية السورية مستمرة للأسف لأنها واقعة في أيادي عواصم عربية وإقليمية وأوروبية.