رئيس التحرير
عصام كامل

«علم ومحبة».. عنوان ثاني أيام «الملتقى الإسلامي الكبير».. عميد «دعوة إسلامية»: التحلى بالخلق شرط للاحتفال.. مستشار الخلوة الناصرية: نشر المحبة غاية العدل.. و«أزهري&#


في أجواء من العلم المُلقى على الأسماع من أعلام الأزهر الشريف الممزوجة بمحبة آل البيت النابعة من قلوب مئات المريدين من أبناء الطرق الصوفية، انتهت مساء أمس الأحد، فعاليات اليوم الثاني من «الملتقى الإسلامي الكبير» الذي يقيمه أبناء «الخلوة الناصرية الشاذلية» بشارع قصر الشوق في حي الجمالية، احتفالًا بذكرى مولد الإمام الحسين رضى الله عنه، والتي تواكب قدوم الرأس الشريف من عسقلان ودفنها بمصر.


حضر فعاليات اليوم الثاني من «الملتقى الإسلامي الكبير»: الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر السابق والمشرف العام على الرواق الأزهري، والدكتور صابر أحمد طه، أستاذ العقيدة والفلسفة وعميد كلية الدعوة الإسلامية السابق بجامعة الأزهر الشريف، والشيخ سيد شلبي، الداعية الإسلامي، وكوكبة من مشايخ الطرق الصوفية وعلماء الأزهر الشريف، وجمع غفير من أبناء «الخلوة الناصرية الشاذلية» بمصر والعالم العربي والإسلامي.


البلد الطيب


بدأت فعاليات اليوم الثاني من الملتقى بإلقاء الشيخ السر المهتدي الشريف، المستشار الدعوي للخلوة الناصرية الشاذلية بمصر والعالم العربي، كلمة افتتاحية طمأن خلالها المتواجدين على مصر وأهلها، مؤكدًا: «أن الله خص هذا البلد الطيب بالذكر في القرآن الكريم 5 مرات، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا بالبركة والأمن وعموم الخير لمصر وأهلها، وكذلك اختار أرض المحروسة موطنًا لآل بيته، وكل هذا إنما يدل على أن مصر وأهلها محفوظون ومحفوفون بالعناية الربانية منذ بدء الخلق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها».

وأشار المستشار الدعوي للخلوة الناصرية الشاذلية إلى أن يد الإرهاب الغاشم تسعى لزعزعة أمن هذا البلد؛ عن طريق أعمال دنيئة تراق خلالها دماء الأبرياء باسم الدين، موضحًا: «الأديان السماوية وحتى المعتقدات الموضعة من البشر بريئة مما يفعله هؤلاء.. السلام والمحبة والحفاظ على الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة هي الغاية التي خُلق الإنسان من أجلها، وأود أن أقول للمصريين: الخير باق في وطننا إلى يوم القيامة فلا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا.. وغاية العدل أن تجعلوا المحبة والسلام أنشودة تنبت في أرضكم لتظلل على العالم كله، كما أود أن أقول لغير المصريين: في أي وقت.. ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».


الشيخ والمريد


الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر السابق والمشرف العام على الرواق الأزهري، من جانبه عرج بالحديث إلى منحى آخر أجاب خلاله عن قضية جدلية شغلت الكثيرين على مدى حقب زمنية متباعدة، حين تحدث عن السر الذي يجعل المتصوفة يشترطون أن يكون للمريد شيخًا يلقنه العلم؛ مشيرًا إلى أن هذا الأمر له أسانيده ورواياته الثابتة من السنة النبوية؛ قائلًا: «النبي صل الله عليه وسلم كان للصحابة معلمًا ومرشدًا ومربيًا ومرقيًا روحيًا في الشهادة وفي الغيب»؛ مستدلًا على صحة كلامه بالحديث الصحيح الذي خاطب خلاله رسول الله صل الله عليه وسلم صاحبيه أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب - رضى الله عنهما؛ قائلًا: «من رأى منكم أويس القرني فليسأله الدعاء».

مستشار شيخ الأزهر السابق، أوضح أن أويس القرني كان رجلًا من أهل اليمن، منعه تفرغه لخدمة أمه من المجئ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك سمى "تابعي"، ولكنه كان صحابيًا لأن النبي محمد رباه ولقنه العلم بما يسمى «تلاقي الأرواح» فكان بمثابة المعلم والشيخ له.


الاحتفال مرتان


الشيخ سيد شلبي، الداعية الإسلامي، أكد أن المصريين يحتفلون بمولد الإمام الحسين مرتين خلال العام؛ الاحتفال الأول يواكب ذكرى قدوم الرأس الشريف إلى مصر عام 576 هجرية في عهد الخليفة الفائز الفاطمي؛ مشيرًا إلى أن السبب في نقل رأس الحسين من عسقلان إلى مصر هو كثرة الحروب الصليبية على بلاد الإسلام، وهو ما خشى معه ولاة الأمر العبث بمرقد حفيد النبي صل الله عليه وسلم في عسقلان فنقلوها إلى مصر؛ موضحًا أن هذا الاحتفال يسمى بالمولد الكبير، وأن تفصيل هذا الأمر ذكره الشيخ محمد زكي إبراهيم في كتابه «مراقد أهل البيت».

وأضاف «شلبي»: «أن الاحتفال الثاني بمولد الإمام الحسين يأتي في 4 شعبان من كل عام وهو ذكرى ميلاده الحقيقي»، مؤكدًا: «كنا بنقرأ في الكتب أن مصر آوت أهل البيت؛ إلا أن الدكتور محمد مهنا صحح لنا هذا المفهوم حين قال: بل آل البيت هم من آوا مصر، ولهذا أهلها لن يضاموا أبدًا».


معلم البشرية


الدكتور صابر أحمد طه، عميد الدعوة الإسلامية السابق وأستاذ العقيدة الإسلامية؛ أشار إلى أن رسول الله صل الله عليه وسلم، علم البشرية كلها كيف تتعامل مع ابن بنته الإمام الحسين ومع آل بيته الكرام، موضحًا: «كان النبي صل الله عليه وسلم ساجدًا فجاء الإمام الحسين وامتطى ظهره فأطال النبي في سجوده وحين انتهى من صلاته سأله الصحابة: أطلت في السجود يا رسول الله فهل حدث أمر؟؛ فقال لهم: لا، ولكن ابني هذا امتطاني فخشيت أن أزعجه».

عميد الدعوة الإسلامية السابق؛ أوضح أن ما فعله رسول الله صل الله عليه وسلم؛ يشير إلى شيئين؛ أولهما: الخلق الرفيع الذي كان يتمتع به نبي الإسلام؛ وثانيهما: «أنني كلما تذكرت هذا الموقف ورأيت الآن كيف أن المتصوفة يحاربون ويتهمون بأنهم أهل بدع وخرافات أحزن، ولهؤلاء أقول: أقرأوا إلى تراثنا الإسلامي.. فإذا كان هذا هو حال النبي محمد مع آل بيته فكيف بنا نحن؟».




التصوف خلق


«طه»، أوضح أن ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع آل بيته يؤكد لنا أن التصوف خلق، ولهذا قال السلف الصالح: «التصوف خلق؛ فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف»؛ مشيرًا إلى أن هناك مرحلة أرقى في علم السلوك المعروف لدى العامة بـ«التصوف» وهى مرحلة الفناء والتي تعني تخلصك من جميع صفاتك الذميمة حتى تصل إلى مرحلى صفاء القلب وهى غاية المتصوفة؛ داعيًا الحاضرين إلى التمسك بصحيح الدين والتحلي بخلق النبي صل الله عليه وسلم؛ قائلًا: «يجب علينا أن نتحلى بخلق رسول الله صل الله عليه وسلم ونحن نحتفل بمولد حفيده». 

واختتمت فاعليات اليوم الثاني من «الملتقى الإسلامي الكبير» الذي يقيمه أبناء «الخلوة الناصرية الشاذلية» بشارع قصر الشوق في حي الجمالية - وهي إحدى الطرق الصوفية بمصر ودول أفريقيا وآسيا ومقرها الرئيسي مركز أدفو التابع لمحافظة أسوان - احتفالًا بذكرى مولد الإمام الحسين رضى الله عنه، والتي تواكب قدوم الرأس الشريف من عسقلان ودفنها بمصر؛ بإلقاء المنشد الشاب صالح القراشي؛ مجموعة من المدائح والقصائد الصوفية، أفتتحها بقصيدة: «نحن في ساحة الحسين نزلنا».

ومن المنتظر أن تبدأ اليوم الإثنين عقب صلاة المغرب؛ فاعليات اليوم الثالث من: «الملتقى الإسلامي الكبير»؛ بحضور الدكتور محمد يحيى الكتاني، الباحث في الفقه الإسلامي وأستاذ الحديث والتصوف بالجامع الأزهر، والداعية الإسلامي الشيخ أشرف سعد الأزهري، والداعية اليمني الشهير الحبيب على الجفري - في حال وصوله صباح اليوم إلى مصر، والمبتهلون: الشيخ أحمد يحيى الأزهري، والشيخ إيهاب يونس، والمبتهل الشاب محمود هلال - الفائز بالمركز الأول في جائزة الشارقة.

الجريدة الرسمية