عصر الأزهر الذهبي
في الإعادة إفادة.. وهذا ما دعانى للعود إلى الجامع الأزهر استعيد فيه عصورة الذهبية عندما كانت الجامعات تستقى تقاليدها منه فبمجرد ملامسة أحد أعمدة الجامع توخزك مساميره لتنبهك بأن المتكئين عليه كانوا أجل من الملوك جلالة وأعز سلطانا وأفخم مظهرا ويكاد المسمار يهتك أضلاعك يسألك أين أنت أيها المتكئ على من الشيخ محمد عبده ورفاعة الطهطاوى والشيخ العطا؟ وقطعًا سيخرس لسانك فالمقارنة بينك وبين السابقين ظالمة.
وقد استهوتنى فخامة العمود فاقتربت منه ليعيد على مسامعى ذكراه الطيبة فسمح لى بالجلوس وعدم الاقتراب خوفا من وخزات المسامير وهمس في أذنى يابنى لقد غيرت وطورت في جنبات العالم؛ فحولى كان يجلس الشيخ الوقور على كرسي من جريد أو خشب، والطلبة يجتمعون على شكل حلقة بترتيب معين.
يجلس المعيدون والممتازون من الزوار على يمين الشيخ ويساره، ويجلس الطلاب في الحلقة، تاركين فراغا لمن يحب أن يسمع الدرس من الطارئين أو الذين لا يحضرون الدرس بانتظام، ويعيد الطالب المتميز ما قاله شيخه ومن هنا اتخذ نظام المعيد الذي تسير عليه الجامعات الآن في كل العالم فطلبت منه الانحناء لأقبل «جبسه وأسمنته» فنهرنى وأمسك بأذنى موخزها بـ «حبيبات رملة وزلطة»؛ قائلًا: «قل للمعيد الذي نشأ وتوكأ على جنباتى أن يجد ويجتهد ليعيد أمجادى».