رئيس التحرير
عصام كامل

أبشع الجرائم في حق الأطفال.. قتل «ملك» لرفضها التسول بالإسكندرية.. إنهاء حياة «فتاة» بالمعادي لتناولها الطعام دون إذن.. وفاة «زينة» بعد اغتصاب تدمي القلوب.. وائتلاف الطفل


وجوه بسيطة تعكس براءتهم، لم تعِ معنى الجريمة بمفهومها الحقيقي، ولكنها عاشت في وطن فشل في استيعابها، فحولها لأداة تمارس كافة أشكال الجرائم وضحية لمجتمع لا يعرف معني الرحمة، أنهم بعض أطفال مصر.


طفلة الإسكندرية
في واقعة فطرت قلوب كل من يستمع إليها، قتلت الطفلة "ملك" أربع سنوات، وتم العثور على جثتها، في منطقة اللبان غرب الإسكندرية، عارية الجسد من أسفل ملفوفة ببطانية، وعليها آثار تعذيب وضرب ومصابة بكدمات وسحجات بمختلف أنحاء الجسد.

عاشت الطفلة ملك في حضانة جدتها، بائعة مقيمة بدائرة قسم ثان المنتزه، وتعرفت جدة الطفلة المجنى عليها على سيدة 19 عاما، منذ نحو ثلاثة أشهر تقريبًا، وسلمتها الطفلة، والتي كانت تعانى من بعض الأمراض النفسية والتبول اللا إرادى، لتتولى رعايتها والإقامة لديها مقابل 50 جنيهًا شهريًا.

تجردت السيدة من كل معانى الإنسانية والرحمة، فاستغلتها في أعمال التسول، ونظرا لتكرار مرضها وتبولها اللاإرادي المستمر، قامت هي واثنان آخران بالتعدى عليها بالضرب أكثر من مرة، إلا أنهم أفرطوا في التعدى عليها وتعذيبها بالضرب بخرطوم بلاستيك حتى فارقت الحياة، وبلغت السيدة أهليتها بهروب ابنتهم من مسكنها ولم يقوموا بالإبلاغ بغيابها.

طفلة المعادي
«جاءوا الدنيا ليروا بشاعة مجرمين لا يعرفون معني الرحمة»، طفلة كل ذنبها طلاق والدتها من والدها، أرادت أن تتناول طعاما من الثلاجة فكانت نهايتها الموت، وانتقامًا من والدتها التي طلقها والدها.

تبلغ "ملك" الطفلة الضحية من العمر 9 سنوات، وعثر على جثتها بنهر النيل بمنطقة المعادي بالقاهرة، في أكتوبر الماضي، وتوصلت التحريات إلى أن الطفلة تناولت طعامًا من الثلاجة فقامت جدتها برطم رأسها بالحائط، ما أدى إلى سقوطها جثة هامدة فاستعانت بنجلها وزوجته واتفقوا على إخفاء الجريمة، فقامت جدتها ونجلها وزوجته بوضعها داخل جوال وألقوها بنهر النيل بالمعادي، وحرر والدها محضرًا بتغيبها.

خلق مجرم
كما خطف "صبي"، الطفل "عبدالرحمن" أثناء لعبه مع أصدقائه في الشارع بمدينة المحلة الكبري في محافظة الغربية، مايو 2014، وحاول اغتصابه فرفض عبدالرحمن، فقام الجانى بتقييده وضربه وقال له "لو خليتنى اغتصبك هسيبك تمشى"، فجدد الطفل رفضه وقاوم الجانى فقام الجانى بضربه بحجر كبير على رأسه فلم يمت فقام بخنقه حتى صعدت روحه إلى السماء ثم قام باغتصابه وبعد ذلك تركه في مكانه ولاذ بالفرار.

وفي لقاء تليفزيوني لأم الضحية، قالت "هتنازل عن القضية علشان اللى قتل ابنى مش لازم يعيش وهخليه يقضى 3 سنين بس في السجن، ويخرج وهقتله وأقطعه بأديا".

الطفلة زينة
ولم يغب عن سماع الكثير، قصة الطفلة "زينة" التي ثار لها المجتمع، وأبكت قلوب الملايين، مطالبين بثورة تشريعية لحماية الأطفال.

واختطف متهمان -نجل راقصة وابن بواب- الطفلة "زينة" من أمام شقة أسرتها ببورسعيد، في نوفمبر 2013، وهرعا بها إلى أعلى سطح العقار محاولين اغتصابها، وعندما قاومتهما وفشلا في اغتصابها، قرر الاثنان التخلص منها حتى لا تفضح أمرهما، فقررا أن يلقيا الطفلة من الطابق الـ16 في "منور العقار".

واللافت للانتباه أن المتهمين شاركا الأسرة رحلة البحث عن الطفلة "زينة" المتغيبة عن المنزل عدة أيام، حتى تم العثور عليها بمسرح الجريمة ودلت تحريات ضباط المباحث إلى أن المتهمين وراء ارتكاب الجريمة، وتم القبض عليهما وإحالتهما للمحاكمة العاجلة، إلا أنه لم يصدر ضدهما حكم سوى بالسجن 15 سنة طبقا للقوانين نظرا لكونهما حدثين وقت ارتكاب الجريمة ولم يتخط سنهما الـ18.

قانون لم يفعل
ومن جانبها، تقول "أمل جودة"، عضو ائتلاف حقوق الطفل، إن ملف الأطفال شائك بشكل كبير، وخاصة أنه يرتبط بإلزامية تنفيذ الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل التي وقعت عليها مصر، مشيرة إلى أن قانون الطفل المشكل رقم 126 لسنة 2008، وصدرت لائحته التنفيذية في 2010، نقلة هائلة في حقوق الطفل، ولكن لم يتم تنفيذه على أرض الواقع.

وعن كيفية حماية الأطفال من الإجرام، تقول "أمل" إن القانون ينص على تخصيص لجان فرعية من ممثلين للوزارات وعاملين من نفس المنطقة بمجال حقوق الطفل ليتوافر الوازع الحكومي والمدني، ويعملون على رصد مشكلات الأطفال في الحي وحلها، وتوفير جهة لتلقي الشكاوى، مشيرة إلى أنه إذا تم تطبيق ذلك القانون سيتم انتشال مصر من كافة أزمات الطفولة.

وعن الطفل المجرم، أوضحت أن الأطفال يكسبون تعاطفا كبيرا، ويتم التعامل معهم على أن الظروف السبب في ذلك وليس الشخصية لأنهم مازالوا غير ناضجين، وبالتالي لا يمكن معاقبتهم كالبالغين، كما أن مصر ملتزمة بـ6 اتفاقيات وقعت عليها تنص على اعتبار طفل 18 سنة غير بالغ، وأي تعديل في ذلك انتهاك لاتفاقيات دولية، وخاصة أن تلك الاتفاقيات لا تعترف بالعقاب، بل إعادة التأهيل باعتبارهم غير ناضجين ولم يكتمل تكوينهم وعقلهم ومشاعرهم.

الدولة السبب
وفي نفس السياق، يقول شادي طلعت، مدير منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية، إن العالم المتقدم يحمي الطفل من الجميع حتى أبويه، فإذا اعتدى أب على طفله بالضرب يوضع الطفل في دار رعاية ويتحمل الأب التكلفة، كما يتعرض للعقاب، أما في مصر فلا يعاقب الأب حتى وإن تسبب في عاهة مستديمة.

وطالب "شادي" بتشريعات تحمي الأطفال منذ النشأة بلوغه.
الجريدة الرسمية