حمدين صباحي.. أمير منتصف الطريق (بروفايل)
يختفي ثم يعود للظهور من جديد، أكثر قوة، ثم سرعان ما تخور قواه في خضم صيحات المؤيدين والمعارضين له، هكذا هو دائما «حمدين صباحي» أمير منتصف الطريق الذي لا يكمله أبدا للنهاية.
«حمدين» المولود في 5 يوليو 1954، خريج إعلام القاهرة، ابن بار لـ«الناصرية»، فقد كان أحد أهم المساهمين في إنشاء نادي الفكر الناصري بالجامعة في سبعينيات القرن الماضي، ردا على سياسات «السادات» المعارضة لتوجهات ناصر الاجتماعية والسياسية، مرورا بمساهمته في إنشاء عدة أحزاب تحمل نفس التوجه، حيث كان وكيل مؤسسي حزب الكرامة الناصري والحزب الاشتراكي العربي والحزب العربي الديمقراطي الناصري، كما أنه مؤسس التيار الشعبي.
رفض سياسات مبارك، وشارك في عدد من المظاهرات ضده، بل تحداه في 2009 عندما قرر «صباحي» خوض الانتخابات الرئاسية وبدأ بالفعل في جمع التوكيلات دون أن يبلغ هدفه كالعادة.
ارتبط اسم «صباحي» صاحب الخمسة ملايين صوت، في أول انتخابات رئاسية بعد ثورة يناير، والذي حل ثالثا في آخر انتخابات رئاسية، بإجمالى 757 ألفًا و511 صوتًا، بعد «الأصوات الباطلة» التي احتلت المركز الثاني، والرئيس السيسي الذي فاز برئاسة مصر، وكان له دور كبير في حشد الشارع وقيادة بعض المظاهرات من الميدان وقتها.
وانتشرت صوره وهو يساهم في كسر الحصار الأمني عن إحدى التجمعات الثورية خلال الساعات الأولى لثورة 25 يناير، لا سيما أنه كان دائما ما يطلق إشارات ذات دلالة، بعدما ساءت الحريات العامة، والأحوال الاقتصادية.
ورغم الاحتجاب عن الظهور طوال الفترات التي علا فيها نجم «السيسي» منذ بداية ظهوره بقوة في المجال العام، بسبب دوره الكبير في إزاحة جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر، إلا أن «صباحي» عاد للأضواء تدريجيا، مستغلا الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تسببت فيها السياسات الخاطئة للحكومة الحالية، بالإضافة إلى انحيازه الواضح إلى قضية «تيران وصنافير» التي وحدت مطاريد السياسة من جديد.
يرى المرشح الرئاسي السابق، أن الحكومة تدير مصر بسياسة تكميم الأفواه، ولا يتنازل عن ضرورة فتح المجال العام وإطلاق الحريات، ورغم ابتعاده نسبيًا إلا أنه يختار توقيت ظهوره بذكاء شديد.
وفي كل مرة يظهر فيها حمدين صباحي بقوة، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي «حرب شوارع» بين المؤيدين والمعارضين له، خاصة أن هناك تيار شبابي عريض انفض عنه، إما لاعتباره لا يمثل الطموحات الثورية، أو لحضوره عدة فعاليات للنظام الحالي في حضور السيسي، ما عزز الشك لديهم، أن الرجل الذي لم يحقق هدفا سياسيا واحدا على مدى تاريخه، يمثل دورا مرسوما له بعناية، ولا يستطيع أن يحيد عنه.
«حمدين» أكد بوضوح في أحد البرامج التليفزيونية، أنه لن يترشح مرة أخرى لانتخابات رئاسة الجمهورية، ولكن دلالات ظهوره في المجال العام بقوة من جديد لا يمكن أن تتفق مع هذه الرواية، وإن كانت حظوظه السياسية السابقة، لن تمكنه إلا من تجاوز مشواره حتى «منتصف الهدف» ليدع غيره يكمل ما بدأه، كما عودنا دائما.