رئيس التحرير
عصام كامل

حينما تلتهم الثورة أبناءها (1)


"الثورة تلتهم أبناءها"، كانت هذه هى العبارة الأخيرة لجورج دانتون -أحد زعماء الثورة الفرنسية- قبل إعدامه، فعلى الرغم من أن دانتون كان واحدًا من الزعماء الذين صنعوا الثورة الفرنسية وشاركوا فى إشعالها، إلا أن نهايته -بغض النظر عن الأسباب والظروف- كانت على مقصلة الإعدام التى نصبتها الثورة ذاتها.


ظلت عبارة دانتون هذه تتردد وتتحقق فى كثير من الثورات التى شهدها التاريخ، حيث أُثبتت رؤية دانتون بأن الثورات دائما ما يكون أول ضحاياها هم من قاموا بها، وذلك بغض النظر عن الأسباب والظروف التى تؤدى إلى ذلك.

وعند تأمل الحالة المصرية -فى ضوء عبارة دانتون- نجد أن الثورة بالفعل قد بدأت تلتهم أبناءها، ولكن ليس من خلال مقصلة الإعدام كما كان الحال فى الثورة الفرنسية، وإنما من خلال الإقصاء وتلفيق القضايا والسجن والرصاص.

ألم يكن شباب الثورة هم أول من أُقصوا من المشهد السياسى والانتخابى؟ وألم يكن أول قرار ضبط وإحضار -لنائب عام قيل إنه عين لتحقيق أهداف الثورة- موجها ضد علاء عبد الفتاح ونوارة نجم وأحمد عيد وغيرهم ممن أشعلوا فتيل الثورة؟ وألم يكن مصير حسن مصطفى -الشاب السكندرى صاحب تفجير قضية خالد سعيد- اليوم هو السجن؟ وألم يكن جيكا وكريستى والجندى وأبو ضيف وغيرهم من الثوار هم أول من أصابتهم رصاصات الغدر من نظام ما بعد الثورة؟

وكما سبق أن أشرنا، إلى أن الثورات حينما تلتهم أبناءها، يكون ذلك نتيجة لأسباب وظروف معينة، ولذلك فعند تأمل الثورة المصرية نجد أنها قد أُحيطت بظروف -دفعتها إلى التضحية بأبنائها- أهمها تتعلق بمن هم اليوم فى السلطة وعلاقتهم بالثورة.
فهناك إشكالية كبرى تتعلق بنظرة جماعة الإخوان المسلمين للثورة -كمفهوم- بصورة عامة، وثورة 25 يناير بصورة خاصة، وأعتقد أن تلك الإشكالية بمثابة سبب رئيسى لما وصل إليه حال الثورة المصرية وأبنائها اليوم.

فإشكالية الإخوان مع الثورة جعلتهم غير متفهمين لأهدافها التى ينادى بها أبناؤها حتى اليوم، فعلى الرغم من أن الإخوان قد انضموا للثورة وشاركوا بها، إلا أن مشاركتهم كانت منقوصة.
يتبع...
nour_rashwan@hotmail.com

الجريدة الرسمية