رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى انتفاضة الخبز.. البنك الدولي وقود ثورة الغلابة ضد الحكومة


التاريخ مجرد صفحات تحمل العديد من الأحداث المتنوعة بين المفرح والمؤلم والإخفاقات والإنجازات، ومع مرور العقود تتكرر نفس الأحداث بطريقة مماثلة، أوجه الاختلال تقتصر فقط على أسماء صناع الأحداث.


وقبل عقود من الآن تعرضت مصر لأزمة اقتصادية شبيهة بتلك التي تمر بها الآن، ما دفع الرئيس الراحل أنور السادات إلى اتخاذ إجراءات قاسية بهدف تقنين الأوضاع وإنقاذ الخزانة الخربة للبلاد، الخطوات التي فجرت الغضب الشعبي بسبب ارتباطها برفع الدعم عن السلع نصح بها صندوق النقد الدولي، وأشرف على تنفيذها ممثل البنك في القاهرة «بول ديكى».

وتعود التفاصيل إلى عام 77 عندما أرسل ممثل البنك الدولي في القاهرة «بول ديكي» مذكرة تفاهم سرية إلى وزير الاقتصاد زكي الشافعي يشير فيها إلى حاجة مصر لاتخاذ قرارات جريئة مثل خفض قيمة الجنيه والحد من الدعم ثم إلغائه.

سعى الشافعي وفريق عمله أن يشرح أنّ مصر كانت مستوّردًا صافيًا وأنّ خفض قيمة الجنيه تزيد أسعار الواردات أضعافًا مضاعفة، علاوةً على ذلك، كانوا يخشون التأثير السياسي لخفض الدعم أو إلغائه، ولكن سرعان ما اتضح أن الاقتراحات المشار إليها في المذكرة كانت فعليًا الشروط للحصول على قرض.

في 17 يناير 1977، أعلن نائب رئيس الوزراء خفض الدعم على السلع والمواد الغذائية الأساسية، فما كان من الصحف في اليوم التالي إلا الإعلان عن زيادة أسعار بعض السلع، بما في ذلك الخبز والأرز والمعكرونة والغاز والزيت والسكر وحتى التبغ.

انتشرت الأخبار سريعًا وانطلقت الاحتجاجات صباح ذلك اليوم، وكان عمال المصانع في حلوان أول من تظاهر ضد الحكومة فيما عرف حينها بـ«انتفاضة الخبز»، وانضم إليهم شرائح المجتمع الأخرى وطلاب الجامعات حتى امتدت التظاهرات إلى محافظات مصر.

وعندما لم يتبق أمام الحكومة إلا القليل من الخيارات، أعلنت ليلة 19 يناير إلغاء خفض الدعم وأمرت الجيش بحفظ النظام وتفريق التظاهرات التي أطلق عليها السادات اسم «انتفاضة الحرامية».

وشاءت الأقدار أن يحمل شهر يناير بعد 4 عقود في توقيت متزامن خرج علينا رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر "«كريس جارفيس»، ليبشرنا بروشتة علاج اقتصادية قاسية شملت المطالبة بتقنين زيادة الرواتب، والإشادة بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار عقب قرار التعويم، وتوضيح أهداف ضريبة القيمة المضافة.

وقدم لنا في مؤتمره الصحفي وعودا بتحسن الأحوال خلال النصف الثاني من العام، واضعا أمام الحكومة والشعب العصا والجزرة، بهدف تطبيق باقى قائمة الشروط.

وانتفاضة الخبز هي انتفاضة ومظاهرات شعبية ضد الغلاء، جرت في أيام 18 و19 يناير 1977 في عدة مدن مصرية رفضا لمشروع ميزانية رفع الأسعار للعديد من المواد الأساسية، حيث كان للدكتور عبد المنعم القيسوني نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية آنذاك خطاب أمام مجلس الشعب في 17 يناير 1977 بخصوص مشروع الميزانية لذلك العام، أعلن فيه إجراءات تقشفية لتخفيض العجز، وربط هذا بضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدبير الموارد المالية الإضافية اللازمة.
الجريدة الرسمية