رئيس التحرير
عصام كامل

السياسى الليبى إبراهيم قويدر: إخوان ليبيا ليس لهم قاعدة شعبية.. أحمد قذاف الدم متورط فى قتل "منصور الكيخيا"

فيتو

نفى السياسى الليبيى الدكتور إبراهيم قويدر أن يكون هناك حظ لجماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا، وذلك لعدم وجود قاعدة شعبية بسبب التمازج القبلى لدى الشعب الليبى، علاوة على اتباع الشعب الليبى المذهب المالكى، مؤكدا أن ليبيا تتعافى إلى حد كبير وتسير فى اتجاه الاستقرار.

وكشف السياسى الليبى أن مصر يوجد بها أكثر من ألفى عسكرى ليبى من رتب مختلفة محسوبون على نظام القذافى، واتخذوا من القاهرة مركزا لتدبير الثورة المضادة، وهو الأمر الذى أجهضته سلطات بلاده من خلال المراقبة الجوية للمناطق الحدودية مع مصر بعض أن انتشرت تجارة السلاح والمخدرات عبر الحدود بصورة غير طبيعية خلال الفترة الماضية.
وفيما يتعلق بتسليم رجال القذافى وخاصة أحمد قذاف الدم إلى السطات الليبية، أكد قويدر أن مصر فى حال تنصلها من تسليم قذاف الدم إلى بلاده سوف تضع نفسها فى موضع الدولة غير المتعاونة مع الإنتربول الدولى، وهذا الأمر سوف يؤدى إلى إيقاف أى إجراءات تطلبها القاهرة من الشرطة الدولية فى المستقبل، وكشف عن تأكده من تورط منسق العلاقات المصرية الليبية السابق فى قتل المعارض الليبى منصور الكيخيا، طبقا للمعلومات التى سردها، كل هذا والكثير من التفاصيل فى هذا الحوار..

حوار: مصطفى بركات

فى البداية، صف لنا الأوضاع فى ليبيا الآن؟
- ليبيا رغم كل الصعوبات التى واجهت الثورة، إلا أنها بدأت تتعافى إلى حد كبير قياسا بالعام 2012، والنشاط الاقتصادى الخاص بدأ يعود إلى ما قبل أيام نظام القذافى، وحركة التجارة الخاصة مع أوربا تتزايد وتيرتها يوميا والقوة الشرائية للمواطن والأسرة الليبية زادت بزيادة المرتبات وتقديم المنح والمساعدات والمكافآت، كذلك يجرى العمل بجدية الآن لعودة الشركات المنفذة لمشاريع التنمية، ورصدت ليبيا موازنة بقيمة سبعين مليار دولار لعام 2012.
ما هى رؤيتكم لمظاهر الانفلات الأمنى التى تجتاح المدن الليبية، وكيف يمكن السيطرة عليها؟
- لا يوجد الآن انفلات أمنى كما كان فى السابق، فالأمن الوطنى والشرطة تعملان بفاعلية كبيرة، وتعانى ليبيا الآن من وجود 16000 سجين محكوم عليهم فى جنايات وجرائم مختلفة، قامت قوات كتائب القذافى بإخلاء سبيلهم أثناء الثورة ومنحتهم السلاح والمال ليحاربوا الثوار وتجرى الآن عمليات تمشيط كبيرة للبحث عنهم، ولكنهم يقومون بعمليات انتقام من رجال الأمن وكذلك يصفون حساباتهم بينهم وبين بعضهم خاصة تجار المخدرات، ولكن مواجهتهم تتم بكل قوة وصرامة فى المناطق الحدودية مع مساعدات فنية من قبل دول مجموعة أصدقاء ليبيا حسب اتفاق باريس الأخير بدعم فنى لليبيا لحماية حدودها وفرض الأمن لحماية المدنيين من هؤلاء المجرمين.
رغم غياب التيار الإسلامى عن الواجهة السياسية، لكن هناك تأكيدات حول حراك ضخم لجماعة الإخوان فى ليبيا، كيف تفسر ذلك؟
- الواجهة السياسية الليبية لا يوجد بها تيارات أو أحزاب بالمعنى المتعارف عليه دوليا؛ لأن ليبيا بلد متجانس اجتماعيا، قبائله متداخلة ولا توجد مدينة بها قبيلة واحدة، بل كل المدن بها كل القبائل، وأثناء الثورة كان وقودها الشباب من كافة القبائل، كما كان جنود القذافى من كل القبائل، أما الإسلام فهو الدين المتأصل عند الليبيين، وكلهم على المذهب المالكى، ويهتمون بدراسة القرآن؛ ولكنهم لا يؤيدون أى إنسان يزايد عليهم فى دينهم أو يريد أن يستخدم الدين كوسيلة للوصول إلى السلطة، وحتى مجموعة الإخوان الليبيين فهى مجموعات قليلة ارتبطت بالإخوان فى بريطانيا ومصر أثناء تواجدهم خارج البلاد إبان حكم القذافى، وليس لهم قاعدة شعبية مثل بقية التكوينات السياسية الحديثة، ولا أتصور أن يكون هناك تأثير لهذه التكوينات خلال الفترة القادمة لأنها تحتاج على الأقل 10 سنوات لكى تكون قاعدة شعبية قوية لها.
هل ترى بخبرتك السياسية أن صعود تيار الإسلام السياسى بدول الربيع العربى جاء نتاج خطة أمريكية؟
لا يمكن أن يكون لأمريكا يد فى صعود التيار الإسلامى للحكم؛ لأن هذا حتما سيكون ضد مصالحها وضد حليفتها إسرائيل؛ لأنهم يعلمون أن قادة هذا التيار غير ثابتين وأن تغييرهم يحدث بسهولة، وفقا لتاريخ هذه الجماعات، ومن ناحية أخرى فإنهم يعلمون جيدا أن تحقيق التيار الإسلامى لدولة الخلافة كهدف لا تقره أمريكا، وبالتالى فقد يكون من الأفضل أن نقول إن ما يجرى الآن هو عملية ممنهجة جادة لفقد هذا التيار للتأييد الشعبى، وشعور الناس بالإحباط نحوهم، وأعتقد أن هذا هو ما تعمل أمريكا على تنفيذه وليس العكس.
قانون العزل السياسى فى ليبيا أصبح مثار جدل بين مؤيد ومعارض، فإلى أى جهة تصطف؟
- منذ تكوين المكتب التنفيذى أثناء اندلاع الثورة الليبية وقبل إتمام تحرير البلاد من كتائب القذافى طالبت بأن يبتعد أو يتنحى كل من عمل فى موقع قيادى بالنظام السابق، لأنى أعلم أن الناس عندما ثارت ضد النظام، فهى لا ترغب فى استمرار رموزه، حتى وإن انحازوا للثورة، وإبعاد هؤلاء خلال الفترة الانتقالية مهم جدا، أما عن القانون فأنا معه، ولكننى اختلف فى أن يتم العزل وفقا للمسميات الوظيفية، بل يجب أن يتم العزل وفقا للفعل الذى أجرمه كل فرد باعتبارها حالة منفصلة.
المتابع للمشهد الليبى يستشعر غياب دولة القانون خاصة بعد ثبوت عدد من وقائع التعذيب داخل السجون؟
- أحب أن أوضح الأمور بشكل أكبر، وأؤكد أنه لا يوجد تعذيب داخل السجون الليبية، وما يتحدث عليه الحقوقيون الآن حدث خلال الفترة السابقة، وتحديدا حتى خلال شهر أكتوبر من العام الماضى، لأنه فى تلك الفترة كانت السجون والموقوفون فيها ليسوا تابعين للحكومة، بل تابعين لكتائب ثورية، أما الآن فقد تم تسليمها إلى وزارة العدل وتم ضم الكتائب إلى الجيش، وبالطبع هذا لا يعنى عدم محاسبة مقترفى تلك الجرائم، وبالفعل هناك لجان الآن تحقق فى هذه التجاوزات وهناك اهتمام دولى وموقف حكومى واضح منها، والمؤتمر الوطنى العام جاد فى تسهيل مهمة المحققين والقبض على الجناة وتقديمهم للمحاسبة.
كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية الليبية فى ظل الحذر القائم بين النظامين؟
الحقيقة أن بعض الإعلاميين فى مصر شوهوا الثورة الليبية، ولم ينقلوا الحقائق، وانحازوا لنظام القذافى وأعوانه الموجودين فى القاهرة، وبالتالى تكوَّن رأى عام مصرى مضلل ضد الثورة الليبية، وسبق لى أن تناولت ذلك فى مقال بعنوان "جناية الإعلام المصرى على الثورة الليبية"، فنَّدت فيه خطايا الإعلام فى مصر ضد ليبيا وثورتها وشعبها، ومن ناحية أخرى فإن مصر يوجد بها قيادات كثيرة من نظام القذافى مثل رؤساء أمن الدولة السابقين ووزراء الداخلية وبعض الوزراء الآخرين، بالإضافة إلى قيادات اللجان الثورية وما يقرب من ألفى عسكرى من ضباط وضباط صف من كتائب القذافى، والليبيون متأثرون من ذلك كثيرا، ليس من وجودهم فى مصر بل لقيامهم بأعمال ضد الشعب الليبى وثورته، وتقودها تلك الجماعات وتخطط لها داخل الأراضى المصرية، وهم السبب فى كل الخروقات الأمنية التى كانت تحدث داخل ليبيا خلال الفترة الماضية، بدليل أنه بمجرد إغلاق الحدود البرية تغيرت الوضعية الأمنية، ومنذ بداية النظام الإلكترونى الجوى فى مراقبة الحدود الشهر الماضى فقد تم خنق عمليات تهريب المخدرات إلى ليبيا وتهريب السلاح لمصر، وأنا متأكد من أنه فور انتهاء البلدين من الفترة الانتقالية فستكون هناك علاقات ليبية مصرية مميزة لأن التاريخ والجغرافيا يقولان ذلك.
وما تعليقك على قرار تسليم رجال القذافى للسلطات الليبية، واعتقال أحمد قذاف الدم؟
- الحقيقة أنه لو قامت مصر بتسليمهم وفقا للاتفاق بين ليبيا ومصر ممكن أن يعترض البعض ويوافق الآخر كما حدث أثناء تسليم بعضهم فى تونس، أن ما حدث فى مصر ليس تسليم بل هو تنفيذ لمذكرات قبض صادرة من الإنتربول الدولى، ومصر موقعة على اتفاقية الإنتربول الدولى وعدم تسليم هؤلاء المطلوبين سيجعل مصر فى موقف لا تستطيع من خلاله طلب أى إجراءات من الإنتربول الدولى فى المستقبل، وتسجل من ضمن الدول "غير المتعاونة" وينطبق ذلك على أحمد قذاف الدم؛ لأنه هو أيضا صادرة بشأنه مذكرة اعتقال من الإنتربول.
وما حقيقة ما يروج بشأن وجود صفقة مالية مقابل عملية الاعتقال والتسليم لرجال القذافى فى القاهرة؟
- لا توجد صفقة على الإطلاق، وموضوع التعاون الاقتصادى سواء بتكرير بعض النفط الليبى بمصر تعود فائدته على الطرفين، أما ما يقال حول وضع ودائع ليبية فى البنك المركزى المصرى بقيمة 4 مليارات دولار، فيعتبر عملا اقتصاديا استثماريا يستهدف دعم العملة الصعبة بالبنك المركزى، ولكنه فى الوقت نفسه استثمار لليبيا لأنها ستحصل على فوائد مثل بقية المليارات الموزعة كودائع فى مختلف بنوك العالم والتى تبلغ أكثر من 180 مليار.
حال تسليم قذاف الدم إلى ليبيا ما التهمة الرسمية التى من المحتمل توجيهها له خاصة أنه غير متورط فى قتل الثوار؟
أحمد قذاف الدم، مثله مثل كل القيادات العليا فى إدارة القذافى لديه ملف وعليه أن يجيب على التساؤلات المثارة ضده بالملف، ولعلى أقول إن أهمها هو دوره فى خطف الشهيد منصور الكيخيا من مصر؛ فهناك مؤشرات وشهادات تؤكد أن من حضر للفندق لنقل الكيخيا كان مرتبا له مقابلة مع أحمد قذاف الدم، وأنا شخصيا على علاقة وطيدة بمنصور الكيخيا نظرا لقرابته بزوجتى، فهو ابن عمتها، والتقيته فى جنيف قبل اختطافه بشهرين، وأخبرنى رحمه الله، بأن هناك اتصالات بغرض ترتيب اجتماع له مع أحمد قذاف الدم، ونصحته بألا يفعل ذلك، وبعدها كانت الحادثة.
وهناك تساؤلات حول مصادر الأموال والثروة التى يمتلكها والتى تقدر بالمليارات، أما القول الزعم بأنه غير متورط فى جريمة قتل الثوار، فهذا أمر لا يجب الحديث عنه، ويجب أن يترك للتحقيقات، كون القذافى نفسه لم يقتل الثوار؛ ولكنه أصدر الأوامر، وبالتالى فإن التحقيق سيبين هل له علاقة بذلك أم لا؟!
هناك مخاوف من وجود مخطط لتقسيم ليبيا فما هى قراءتك لهذا المخطط؟
- إن البناء الاجتماعى للمجتمع الليبى تتمازج فيه قبائله بشكل فريد، فقبائل الغرب لها تواجد كبير فى الشرق والجنوب، والعكس صحيح، وبالتالى فإن فزاعة التقسيم كانت إحدى مقترحات جماعة القذافى وعندما تحرر الشرق الليبى منه، فأبدوا الاستعداد للتفاوض لمنح هذا الإقليم حكما ذاتيا أو حتى الانفصال؛ ولكن الشعب الليبى المتماسك ثار فى الغرب بطرابلس والزاوية وزوارة ومصراتة وغيرها من المدن الباسلة فى تلك المناطق، وانتهت الفزاعة، ولكن هناك اتجاه بإذن الله تعالى إلى نظام حكم محلى قوى يقوم على الانتخاب وتوزيع عادل للتنمية والموارد الليبية، بحيث ستوزع الإيرادات لتكون بالتساوى بين جميع الأقاليم، حيث ستوزع 30% من الموازنة بين الأقاليم و30% حسب نسبة السكان فى تلك الأقاليم و30% للمشاريع المركزية التى تهم كل الليبيين فى عموم ليبيا، والباقى وهو 10% فسيكون احتياطيا للأجيال القادمة.
فى النهاية، هل تتوقع أن ينجح النظام الحاكم فى ليبيا فى الخروج بدستور مدنى توافقى أم أن التيار الإسلامى سيكون له الغلبة وتطبق الشريعة الإسلامية بصورة متشددة؟
- هيئة إعداد الدستور ستكون من جميع الأطياف الاجتماعية الليبية، أى من كل فئات المجتمع من علماء فى الاقتصاد والاجتماع والسياسة والدين والعمال والفلاحين والموظفين والإعلاميين والكتاب والقانونيين، وسيكون عددها 60 عضوا، مقسمين إلى عشرين عضوا من الشرق ومعايير اختيارهم وفقا للفئات السالف الإشارة إلى بعضها، وعشرين من الغرب ومثلهم من الجنوب، وكل ذلك سيتم بالتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة وفقا للقرار الصادر من مجلس الأمن.
أما بخصوص تطبيق الشريعة، فأرى أن شرع الله فوق أى دستور بشرى، ولا يصح أن يستفتى الناس على شرع الله لأنه واجب النفاذ رضوا أم رفضوا، ويفترض أن يكتفى بذكر دين الدولة الإسلام.
الجريدة الرسمية