رئيس التحرير
عصام كامل

أبو تريكة إرهابي يا أم نيازي!


ما الذي يمنع أن يكون أبو تريكة إرهابي؟ ما الذي يجعل أبو تريكة محصن ضد أحكام القضاء؟ هل نجومية أبو تريكة، تعصمه من الوقوع تحت طائلة القانون؟ هل تكفي النجومية، للتحفيل على مواقع التواصل دفاعًا عن أبو تريكة ضد حكم قضائي؟


لو كانت الإجابة: لا على ما سبق، فلا معنى إذن للجدل الدائر عن مظلومية أبو تريكة، حتى ولو كان النموذج الأول، لرأس الحربة على مستوى العالم، لا الجدل له معنى، ولا الكلام واللت والعجن على مواقع التواصل منه فائدة أو جدوى، أبو تريكة صادر في حقه حكم قضائي، والأحكام القضائية يرد عليها بإجراءات قضائية، لرفع ضرر، أو لسد ثغرة.. وحتى لرد اعتبار.

الجدل الدائر على مواقع التواصل، ليس صحيحًا، ولا هو رأى ورأى كما يرى البعض في مواجهة أحكام القضاء، ليس هناك مجاًلا للآراء، ولا هناك معنى للتحيزات.

المعنى الوحيد للجدل، أن ازدواجية شنيعة لا تزال سارية في الشارع المصري، رغم مليون حديث عن الديمقراطية، ورغم ألوف من الدعوات لدولة القانون، وسيادة القانون.

هناك شيء من عدم الاتزان، في النظر للأمور من فئات اجتماعية عديدة، هناك انفالت في مفهوم الرأي، لدى الكثيرين خصوصًا الشباب.

يبدو غريبًا، أن كثيرين ممن أيدوا حملات الرقابة الإدارية الفترة الأخيرة، مثمنين جهودها في مكافحة الفساد، مطالبين بمزيد من إحكام قبضة "دولة القانون"، لمزيد من كشف جذور الفساد.. كانوا هم نفسهم، الذين شجبوا حكم القضاء بإعلان أبو تريكة إرهابي، وكانوا هم الذين روجوا لما أسموه "محاولة إلصاق تهمة الإرهاب" باللاعب !

ما معنى اعتبار قرار محكمة محاولة "لإلصاق تهمة" بأحدهم، مهما كان هذا "الاحدهم" ؟

هناك معادلة غير مفهومة في معادلة الرأي العام، وكيفية تكوين الآراء في الشارع، ففي الوقت الذي اعتبر فيه كثيرين حكم الإدارية العليا، في موضوع تيران وصنافير معيارًا على شموخ القضاء المصري وحياده، فإن نفس الشخصيات هى التي خرجت للإعلام، مشككة في الاتهامات الموجهة لأبو تريكة، بنظرة مستريبة في "أحكام القضاء" !

الأمور لا تدار هكذا، ليس هكذا تورد الإبل، فإن تكون مع القانون، إيمانًا بالقانون وإما أن تكون مع القانون، حسب الكيف والهوى.

يعني لو تم اتهام رئيس حي 6 أكتوبر المتميز بالرشوة، اعتبرناه مرتشي، حتى قبل أن يقف وراء القفص في ساحات المحاكم، أما إذا صدر حكم قضائي، بأن لاعب الكورة المشهور الحبوب ساند الإخوان ودعمهم ماليًا، ومعنويًا، هنا يكون العيب في القضاء، والخطأ على النيابة، ويثور الجدل على مواقع التواصل، من بعضهم دعمًا لأبو تريكة فاكهة الملاعب !

منذ متى، والقضايا المنظورة أمام القضاء، تحسم على مواقع التواصل، أو تتداول الحجج المضادة والآراء القانونية فيها على صفحات الإنترنت وفيس بوك ؟

ثم اشمعنا أبو تريكة ؟
قرار المحكمة، شمل أكثر من 1500 شخصية إخوانية، ثبت لدى الأجهزة دعمهم الإخوان، وتمويل اعتصامات رابعة، وضخ أموال كانت أساس في ألوف قنابل بدائية الصنع قتلت أبرياء في الشارع، على محطات الأتوبيس، وعند مواقف الميكروباص، وساهمت في تدبير مزيد من أسلحة، أطلقت على كمائن الشرطة ودوريات الجيش.

هل تكفي جهود أبو تريكة في الملاعب، لريشة على رأسه، وحصانة في سلوكياته، وعصمة في مسالكه؟

ما الفارق بين قرار المحكمة باعتبار أبو تريكة إرهابيًا، الذي أثار الدنيا، وقلب الشباب رافعين فانلة الأهلي في فيديوهات على " يوتيوب"، وبين باكينام الشرقاوي، أومحمد البلتاجي، أوعصام العريان الذين شملهم نفس القرار.. ونفس الحكم ؟

لو أنصفنا، لا أمل في جمهورية جديدة، ولا حياة ديمقراطية، ولا براح حزبي، كما نأمل لو لم تتغير نظرتنا للقانون، ولهيبة الدولة، ولسلطانها الذي يجب أن تفرضه على الجميع.

لو في القانون "خيار وفاقوس"، ستظل دائرة "السيولة الاجتماعية" تتسع، وتتسع، فيصبح من حق كل منا تخوين الآخر متى أراد، ثم تبرئته متى رضى.

ممكن اعتبار حالات السيولة الاجتماعية، تلك، التي عادة ما تضرب المجتمعات، بعد الأحداث السياسية، والتغيرات الشديدة، " "محنة اجتماعية" أو "اختبار سيسيولوجي" على مستوى عالي.

مثل تلك الاختبارات، إما أن نجتازها، بتغيير النظرة للدولة، ومفهومنا عن القانون ومفهومنا عن هيبة وسلطان التشريع، وإما أن تظل نخبتنا على شعارات، عن العدل والحرية وسيادة القانون، سرعان ما يتضح أن النخبة نفسها، لا تطيق تطبيقها، ولا تنفذها إلا وفق انتقائية، وهوى ومحاباة.

دعنا نعود للسؤال المهم مرة أخرى: منذ متى والقضايا المنظورة أمام المحاكم، يرد عليها من على فيس بوك.. وتحسم من على " تويتر"؟
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan
الجريدة الرسمية