الانفصام والتعتيم فى إعلام "الشاطر"
نشرت بوابة الحرية والعدالة تصريحًا مهمًا للمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين عن الإعلام الذى تحتاجه مصر، والذى يبنى نهضة مصر ويحقق مستقبل أفضل لها. فالمهندس خيرت الشاطر قال" بأن مصر فى أمس الحاجة لإعلام صادق وصحافة جادة"، وأضاف أنه يربأ "بالإعلام المصرى وبصحافتنا الحرة أن ينزلقوا للخوض فى أكاذيب وشائعات تصرف الناس عن قضايا الوطن" .
ما أن قرأت تصريح المهندس خيرت الذى قرر أن "يهندس" فى الإعلام حتى انهمكت واعتكفت على دراسة جريدة الحرية والعدالة التى صدرت أمس الإثنين 8 من إبريل، فلن يشكك أعضاء الإخوان أو محبيهم ومريديهم فى حقيقة أن "جريدة الحرية والعدالة" هى انعكاس لموضوعية وجدية الصحافة فى نظر المهندس.
والحقيقة أن الجريدة عكست بكل صدق حالة انفصام الشخصية السياسية التى يعيشها الإخوان, وهى تعترف بضعف الإخوان كجماعة حاكمة، ثم تمارس التعتيم الإعلامى كما تعودت عليه.
ففيما يصرخ الإخوان فى وجوهنا بأن الرئيس والرئاسة ليس لهما علاقة بالمرشد، نجد أن العنوان الرئيسى لجريدة الحرية والعدالة والمتعلق "بفتنة الخصوص" يقول: "الرئاسة: نتصدى بكل حزم لإشعال الفتن...والمرشد العام يعزى أهالى الضحايا". والسؤال هنا، إذا كان المرشد لا علاقة له بالرئيس ولا بالرئاسة فلماذا تجمعهما الجريدة فى عنوان واحد يتصدر الصفحة الأولى؟ الصفحة الأولى للجريدة نشرت أيضًا خبرًا يرتبط بالأصابع التى تلعب فى مصر، يقول عنوانه: "الإخوان تحذر من جهات تثير الفتن وتدفع بالمجتمع إلى الصراع" وهى فى ذلك – أى الجهات أو الأصابع – تلعب فى الجيش والجماعة والقضاء والأزهر حسبما قالت الجريدة. والقراءة البسيطة للخطاب الصحفى والسياسى عن الأصابع أو الجهات غير المعروفة والمتهمة بإثارة الفتن, يكشف أن الجريدة عبرت عن ضعف الرئيس والإخوان كجماعة حاكمة، أو بكلمات أخرى قدمت الرئيس والإخوان على أنهم لايحكمون بل يتفرجون على من يلعب فى مصر، وكلما طالت فرجة الرئيس على أصابع الجهات وهى تلعب، كلما كثرة الشائعات والتوترات، فالمصريون حتى كتابة هذه السطور لم يعرفوا بعد أطراف المؤامرة التى تحدث عنها الرئيس من أمام قصر الاتحادية والتى ظهر لها أصابع تتجول وتلعب.
ولأن صحافة المهندس الشاطر تتناول الأخبار من زاوية واحدة ووفقًا لأجندة الجماعة فقد حذفت جزءًا مهمًا –من خبر يتربط باجتماع المجلس الأعلى للقضاء– فالجريدة لم تنشر كلمة واحدة عن أن المجلس الأعلى للقضاء طلب من النائب العام إبداء الرغبة فى ترك منصبه حلاً للأزمة، وركزت الجريدة بدلًا من ذلك على معلومة قديمة وغير ذات قيمة إخبارية بأن حكم النائب العام غير نافذ. فالجميع يعرف أن الحكم غير نافذ منذ أن صدر وإلا لكان النائب العام قد ترك منصبه.
والتعتيم ليس بغريب على صحافة الإخوان، فجريدة الحرية والعدالة لم تنشر حرفًا عن المكالمة التليفونية لوزير العدل المستشار أحمد مكى والتى قال فيها إن الرئيس أخطأ فى الطريقة التى عزل بها النائب العام وفى طريقة تعيينه للنائب العام الجديد، وأن الرئيس لم يهتم بتحذير المستشار أحمد مكى وزير عدله.
كما أن بوابة الحرية والعدالة لها صيت كبير فى تحريف الأخبار المترجمة، فمعظم الإعلاميين يعرفون تحفظ الصحافة البريطانية، ويعرفون أن صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية قد تقرر غلق أبوابها قبل أن تنشر عنوانًا تقول فيه: "إن مرسى أذهل العالم". ومنذ شهور قليلة حرفت بوابة الحرية والعدالة تصريحًا لوزير بريطانى قال فيه :إن العنف الذى يواجه مصر غير مسبوق، فاستبدلت صحافة "المهندس خيرت الشاطر" اسم "مصر" بـ "مرسي" ليصبح تصريح الوزير البريطاني: العنف الذى يواجه مرسى غير مسبوق.
صحافة المهندس خيرت الشاطر تستمرئ التعتيم والتحريف، ولا يجد الإخوان غضاضة فى ذلك تطبيقاً لمبدأ "زيتهم فى دقيقهم"، لأنه لا أحد يصدق إعلام الإخوان غير جمهور الإخوان.
إعلام مصر الذى هز مبارك ودافع عن الإخوان فى أزماتهم لايحتاج لنصائحهم لأن الإخوان لايرغبون إلا فى إعلام شمولى تحت راية المرشد وعلى "ترابيزة" الشاطر.