رئيس التحرير
عصام كامل

ابن الأكابر وزير !


قبل أيام كان الدكتور عصام فايد عين أعيان عائلة فايد بالشرقية الشهير- بوزير الزراعة- هكذا يحب أن يعرف نفسه ضيفًا على اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، جاء على لسان الوزير أمام أعضاء البرلمان كلامًا لا يقال على لسان وزير في حكومة تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، أو في أي وزارة أخرى بمجرد دخوله من باب القاعة وجه حديثه للحضور أنه يشعر بالكآبة والمرارة والضيق ليس لمجرد دخوله البرلمان، ولكن بمجرد اقترابه من المجلس الموقر، عند مروره بأحد الشوارع الجانبية ولم يتوقف ابن الأكابر عند هذا الحد، فأعلن اعترافه على الجميع أنه يعاني من أزمة نفسية كلما جاء ذكر البرلمان أمامه.


كلام السيد الوزير لم يكن يحمل أي مبالغة أو تأويل ولا بد من التوقف أمامه بجدية، مما دفعني لسئوال أحد أعضاء لجنة الزراعة البارزين عن سر كراهية الوزير لمجلس النواب، ربما يكون أحد الأعضاء حديثي العهد بالحياة النيابية تناول اسم عائلة الوزير دون ألقاب، أو ربما تهور ولم يوقرها التوقير اللازم عندما جاء ذكرها، وعرف الوزير بالواقعة فأثرها في نفسه، وجاءت إجابة النائب البارز أن السيد الوزير ابن الناس الكُمل يشعر بالضيق والمرارة تنتابه رعشة قوية كلما وجه إليه سؤالًا أو طلب إحاطة أو بيان نحن لم نقول لا سمح الله "استجواب"..

فالسيد الوزير يرى أن النواب متربصين به ولا يعطونه حقه من التكريم والتقدير اللائق، وأن وزيرًا في حجمه وعلمه وتقواه من العيب أن يسأله أحد– أي كان هو– عن أزمات الزراعة المستمرة وخطة المليون ونصف مليون فدان، وأزمة الدواجن واللحوم والأسمدة وفساد هيئة التعمير وذبح الحمير بدلًا من البتلو..

الوزير يعتبر نفسه فلتة زمانه ونجيب عصره، وأنه ليس من حق أحد مقابلته والاستفسار منه عن شيء يخص الزراعة من قريب أو بعيد، ألا يكفيهم فخرًا أنه وزيرا للزراعة، وعندما أبدى النواب اندهاشهم من هذه الطريقة وتهور عدد من النواب وتم شكوته بمجلس الوزراء، ومنذ هذه اللحظة والوزير أقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يدخل إليه نائب في مكتبه، ولن يذهب إلى البرلمان طالما بقى وزير في الحكومة التي لم يجرؤ رئيسها على وضع وزير الزراعة في حجمه الحقيقي.

وزير الزراعة عند زيارته البرلمان مؤخرًا تحدث فيما هو أهم من المرارة التي يشعر بها عندما سأله أحد الحضور عن خطة الوزارة في هذه اللحظة؟ لمعت عينا الوزير واغرورقت بالدموع واخترق الصفوف حتى وصل إلى النائب وأخبره أن هذه هى المرة الأولى التي يسمع فيها كلمة خطة الزراعة منذ تكليفه بالوزارة قبل أكثر من عام، وعندما سأله نائب آخر عن صحة ما يقوله أكد الوزير أن أحدًا من المسئولين –أي أحد – لم يطلب منه خطة شفوية أو مكتوبة عن عمل الوزارة، وأنه حر طليق يفعل ما يريد دون مراجعة أو توجيه من أحد وأي جهة في الدولة لم تسأله –لا سمح الله – أين يقع باب الخروج من الأزمات التي تعصف بالزراعة في مصر صباحًا ومساءً، وهكذا استمر في مسيرة العطاء حتى يومنا هذا لم يسأله أحد، لماذا حدث؟ أو لماذ ا لم يحدث هذا؟ باب الاجتهاد مفتوح عن أخره!

وزير الزراعة امتلك الجرأة كاملة وقال الحقيقة من داخل البرلمان وما ينطبق على هذه الوزارة ينطبق على باقي الوزارات فالحكومة نفسها تأخذ القرار في الصباح ثم تلغيه في المساء، ورئيس الوزراء لا يعرف شيئًا عن أحد وكأنه ناظر "مدرسة المشاغبين" ولا يسأل أي وزير لماذا أنجز ولماذا لم ينجز؟ ومن الطبيعي أن نصل إلى نفس النتيجة التي وصلنا إليها من التخبط تذكرت واقعة وزير الزراعة "ابن الأكابر" عندما أزاع التليفزيون أجزاءً من استجواب نواب الكونجرس الأمريكي الأسماء المرشحة لحمل حقائب وزارية وتم سؤالهم عن كل شيء منذ ولادتهم وحتى اللحظة التي يقفون فيها أمام نواب الكونجرس، وخبرتهم والخطة الموضوعة والإستراتيجية والنتائج المتوقعة وكان السؤال الأهم ما الذي ستقدمه للمواطن الأمريكي عندما تصبح وزيرًا ؟ أما المواطن المصري فيكفيه شرفًا أن ابن عائلة فايد-بتوع الشرقية- وزيرًا !

الجريدة الرسمية