أحمد خالد يكتب: «مولانا» إبراهيم عيسى بـ«زي أزهري»
كأنها مذكرات الشيخ إبراهيم عيسى.. الجانب الدعوي الذي طالما تحدث به في برامجه، وفوق أوراق الصحف التي رأس تحريرها.. هكذا قرأتها في مشاهد فيلم «مولانا» للكاتب الصحفي إبراهيم عيسى.
«عيسى».. ليس صحفيًا فقط؛ هو مفكر إسلامي، وخصص الكثير من كتبه ومقالاته وحلقاته على الفضائيات لمناقشة قضايا دينية شائكة؛ منها على سبيل المثال وليس الحصر: «دم الحسين، والإسلام الديمقراطي، ورحلة دم»؛ وتأتي رواية «مولانا» التي جُسدت فصولها في فيلم سينمائي، حقق نجاحًا منقطع النظير، بمجرد طرحه في دور العرض.. ليكمل السلسلة الدعوية للشيخ إبراهيم عيسى.
تطل عليك من دقائق الفيلم الأولى؛ شخصية الداعية إبراهيم عيسى، متخفية في رداء «الشيخ حاتم الشناوي»؛ بطل الفيلم، الذي لعب دوره الفنان عمرو سعد؛ وستتيقن بعد مرور وقت قصير من مشاهدة الفيلم أنك تستمع إلى الشيخ إبراهيم عيسى، وهو يتحدث في أحد حلقاته التليفزيونية، أو إحدى مقالاته أو رواياته.. ولكنه يرتدي هذه المرة الزي الأزهري، الذي طالما اختلف فكريًا مع من يرتدونه؛ وكأنه يسعى لأن يقول للأزهريين: هكذا يجب أن تكونوا.
تدور أحداث قصة فيلم «مولانا» حول شيخ أزهري، يشاء القدر أن يخطب الجمعة، بحضور رئيس الوزراء؛ ثم يحل ضيفا على أحد البرامج التليفزيونية؛ وسرعان ما يصبح الشيخ رقم «1» في مصر؛ وتزداد شهرته وأعداد مريديه؛ وهنا يبدأ الصراع الدرامي، بعد أن يدخل ابنه ذو السبعة أعوام في غيبوبة؛ جراء سقوطه في حمام سباحة، أثناء انشغال الأب بالتقاط الصور التذكارية مع المعجبين، وهو السبب الذي أشعر «الشيخ حاتم» بالذنب، الذي فقد بعده كل سبل السعادة التي كان يعيشها.
الشعور بالذنب.. أضعف الشيخ حاتم؛ وهي الفرصة التي اقتنصها رجال الأمن؛ ليرسلوا له فتاة محجبة، تدَّعي الالتزام، وسرعان ما تلتقط له صورًا مخلة، تكون ورقة ضغط ضده؛ ليرضخ وينفذ ما يريده رجال السلطة منه؛ ويزداد الصراع الدرامي بعلاقة الشيخ بابن أحد كبار رجال السلطة، الذي قدم باسم «جلال»، الذي كان مصرًا على تحميل الحكومة كل ما آلت إليه الأوضاع، من احتضار فكري ومشكلات دينية وإرهاب وتطرف.
«عيسى».. قدم الشيخ حاتم؛ الشخص الذي لا ينافق، لكنه في ذات الوقت لا يجرؤ على المواجهة، ولا الجهر بكلمة الحق: «بياكل عيش وبيريح ضميره»؛ ولكنه، مع ضغط الأحداث، يخرج عن صمته ويهاجم السلطة بعنف؛ وهو ما يفعله إبراهيم عيسى الرجل المعارض الدائم للسلطة.
«عيسى».. خاض في الكثير من القضايا الدينية الحساسة وحاول أن يمسك بـ «العصاية من النص»، وبالرغم من أنه شكك علانية في بعض الأحاديث الصحيحة، وأفصح عن رأيه في الشيعة والمعتزلة، وناقش قضية تكفير كل دين للآخر، إلا أنه في النهاية «بياكل عيش وبيريح ضميره».