رئيس التحرير
عصام كامل

"العهدة النبوية".. آمان قبط مصر فى ذمة رسول الإسلام.. دم ومال وعرض وكنائس المسيحيين حرام على المسلمين.. ولعنة الله على المعتدين

فيتو

يقول الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى، إنه طبقًا لتعاليم الإسلام السمحة أعطى رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) عهد آمان للمسيحيين؛ يؤمنهم فيه على أرواحهم وأموالهم وكنائسهم، عُرف بـ"العهدة النبوية"، محفوظ بمكتبة دير سانت كاترين صورة منه بعد أن أخذ السلطان سليم الأول النسخة الأصلية عند فتحه لمصر 1517، وحملها إلى الأستانة، تاركًا لرهبان الدير صورة معتمدة من هذا العهد مع ترجمتها للتركية.


ويضيف "ريحان" أن العهد ينص على عدم التعدى على الكنائس ومنازل المسيحيين، ويمنع استخدام أحجار الكنائس فى بناء المساجد أو منازل المسلمين، ما يعنى التحريم القاطع لهدم الكنائس وعدم فرض أى غرامات أو جزية على الرهبان، وبحسب العهدة، تعهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) بحماية المسيحيين بنفسه فى البر والبحر، والشرق والغرب، والشمال والجنوب، كما أوصى أمته بذلك على اعتبار أنها سنة عن الرسول، وأمر بمجادلتهم بالحسنى وكف الأذى عنهم ومعاونتهم على ترميم كنائسهم وصوامعهم، واعتبر العهد أن من يخالف هذه الأوامر يعتبر ناكثًا لعهد الرسول ومستهزئًا بدين الله، وتستوجب عليه اللعنة سواء كان سلطانًا أو أى من المسلمين.

كما يؤكد على صحة هذا العهد الذى كتبه على بن أبى طالب (رضى الله عنه) بخطه فى مسجد النبى (صلى الله تعالى عليه وسلم)، وشهد بهذا العهد من الصحابة أبوبكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وعبد الله بن مسعود، والعباس بن عبدالمطلب، والزبير بن العوام.

ويرجع هذا العهد إلى إرسال النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) كتابه فى السنة السابعة للهجرة 628 – 629م إلى الملوك والأمراء؛ كسرى، وقيصر، والمقوقس نائب الرومان فى مصر، ليدعوهم إلى الإسلام، وكان المقوقس أكرم رسول النبى وزوده بالهدايا، وحينما مر الشخص المرسل إلى مصر بسيناء وطلب منه رهبانها عهدًا من النبى لحمايتهم عبر العصور، فأبلغ الرسول النبى بذلك وأمر (صلى الله عليه وسلم) بكتابة العهد وأشهد عليه صحابته.

ويشير "ريحان" إلى أن سلاطين المسلمين أقرّوا بهذه الامتيازات المبينة فى "العهدة النبوية"، وذكروها فى فرماناتهم ومنشوراتهم لمطارنة الدير، موضحين التزامهم بهذه الامتيازات بناءً على ما جاء بالعهد الذى أخذوه عن النبى، وأيده الخلفاء الراشدون، ما يؤكد صحته.

ويتابع "ريحان": "لا يعقل أن قومًا مستضعفين كرهبان سيناء يختلقون عهدًا لا أصل له ويطلبون فيه من السلاطين المسلمين الامتيازات الجمة، ولا يعقل أن سلاطين المسلمين من عهد الخلفاء الراشدين إلى هذا العهد يقرّون رهبان سيناء على ما اختلقوه ويمنحونهم من الامتيازات ما فيه خسارة لبيت المال دون تثبّت أو تحقيق عن الأصل".

وقد أكد عمرو بن العاص (رضى الله عنه) صحة هذا العهد حين فتح مصر وأعطى للمسيحيين عهد آمان مماثل على أنفسهم، وملتهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصلبانهم، وبرهم، وبحرهم، لا يدخل عليه شىء ولا ينتقص، وكان يوصى فى خطبه للمسلمين بمراعاة الأقباط والمحافظة على حسن جوارهم، قائلًا لهم "استوصوا بمن جاورتموه من القبط خيرًا".

الجريدة الرسمية